تاريخ التتار الأول (1)
#إمبراطورية_جنكيز_خان ٠
----------------------------------------------
لم يعرف التاريخ القديم أسوأ و لا أسرع من قيام و توسع ثم انهيار إمبراطورية مثل دولة المغول الهمجية المدمرة في العصور الوسطى .. غزت إمبراطورية المغول و سيطرت على معظم بلدان قارات العالم القديم عدا أفريقيا !
سقطت سريعا كما نشأت سريعا !! ستون 60 عاما كان عمرها الحقيقي الذي ههددت فيه العالم .. منذ إعلان قيامها في 1207م إلى تحولها للضعف و الانقسام لتقل حدة خطورتها و تبدأ في تلقى الهزائم !!
العاصمة الأولى كانت بمنغوليا في قرة قورم ثم الثانية في بكين الصين .
شهد العالم موجة تترية أخري مدمرة على يد تيمورلنك (1336 إلي 1405م ) مالبثت أن انتهت بعد وفاته .
في الحقيقة أن ما نطلق عليهم التتار هو اتحاد لكل من أجناس المغول والتتار و الصين والأتراك !!
في نهايات دولة التتار الأولى إعتنق الكثير منهم الإسلام و بدأوا بنشره في البقاع التى غزوها أو استوطنوها بعد الغزو !!
وصاروا من حملة لواء الدفاع عن الإسلام !!
موضوعنا تاريخ التتار بذلك ينقسم إلى ثلاث مراحل :
1- إمبراطورية جنكيز خان و حتى عين جالوت
2- التتار بعد عين جالوت حتى ظهور تيمورلنك أو العصر الإيلخاني .
3- إمبراطورية تيمورلنك النشأة و السقوط
* الصورة إحدي اللوحات التخيلية لجنكيز خان أو تيموجين .
في إعادة النشر هذه المرة ضعف معلومات النشر السابق .
-----------------------------------------------------------------
من المستحيل معرفة العدد الحقيقى لضحايا الغزو المغولى للعالم لكن الكثير من المؤرخين يقدرونه ب 40 مليون .
تعدادات السكان خلال العصور الوسطى تشير إلى انخفاض عدد سكان الصين بعشرات الملايين خلال حياة الخان ..
ويقدر الباحثون أنه قتل ثلاثة أرباع سكان إيران الحالية فى حربه على الإمبراطورية الخوارزمية،
بعد كل ما قيل فإن هجمات المغول خفضت عدد سكان العالم بنسبة 11% (بينما الحرب العالمية الثانية 2 % فقط)
--------------------------------------------------------------------
مئات الكتاب و مئات الكتب قديما و حديثا شرقا و غربا و في معظم بلدان العالم تحدثوا عن إمبراطورية المغول .
و العجيب أن كتابات الغربيين تمجد جنكيز خان و تعده بطلا كبيرا ! كذلك ستجد معهم كل ك.اره لدي.ن الإسلام يمجد ذلك الس.فاح المخرب
و لسنا ندرى على أي أساس يقيمون البطولات إذا كانت تلك الإمبراطورية قد نشرت الرعب و الدمار في أرجاء العالم ؟! ثم إنها لم تقدم شيئا ذا قيمة لإفادة مسيرة البشر نحو التقدم بل على العكس فقد أعاقت تلك المسيرة و أخرت ذلك التقدم قرونا طويلة .
اللهم إلا إذا كانت البطولة في نظرهم تقاس بمقدار ما يلحقه المجرمون من أذي و ضرر بأمة الإسلام
---------------
الكثير منا يسأل لماذا بلدان العرب و المسلمين هي الأكثر تأخرا و الأكثر ضعفا و فقرا ؟!
بينما يصر أعداؤنا و صبيتهم الذين يقيمون بين ظهرانينا على أن السبب وراء ذلك هو دين الإسلام ..
لكن الحقيقة أن بلداننا قد خربت عن عمد واستنزفت و نهبت ! بل أحرق و أبيد فيها كل ما كان ذا قيمة ! واغتيل أو أبعد عنها كل من يتوقع أن يسهم في تقدمها !
ليس في عصرنا هذا فحسب بل في شتي العصور و لمئات السنين
و قد اخترنا أن نقدم لموضوعنا هذا بما كتبه مؤلف أحد المراجع التي اعتمدنا عليها في كتابة فقراتنا و هي مقدمة كتاب ( المغول ) للدكتور السيد الباز العريني - أستاذ التاريخ جامعتي القاهرة و بيروت . يقول :
{ تعرض المشرق الإسلامى منذ أواخر القرن الحادى عشر ، ولفترة تزيد على ثلاثة قرون لأخطار خارجية ، بلغت من الشدة والعنف ما ألحق بالأمة الاسلامية الضرر وبالحضارة والتراث العربى .
وجاءت هذه الأخطار أول الأمر من جهة الغرب المسيحى ، بما سيره من حملات حربية ، أدت الى أن يقام في جوف العالم العربى إمارات الرها وأنطاكية وبيت المقدس وطرابلس .
ولم يلبث المسلمون أن أدركوا خطورة بقاء هذه الإمارات الصليبية ، فبدأت حركة الجهاد وتوحيد الجبهة الاسلامية ، وتيسر لصلاح الدين في معركة حطين سنة 1187 ، أن ينزل ضربة قاصمة بالقوات الصليبية ، إسترد على اثرها ييت المقدس وسائر ما بأيدى الصليبيين من قلاع وحصون ، ولم يبق لهم غير أنطاكية وطرابلس والساحل بين صور ويافا ، وأصبحت هذه البقايا الصليبية تعتمد على ما يرد اليها من مساعدات من غرب أوربا ، وعلى ما تلتمسه من حلفاء.
وفي أوائل القرن الثالث عشر ، أضحت مصر مركزا للمقاومة
الإسلامية بفضل مواردها الضخمة وسيادتها على البحر المتوسط والبحر الأحمر .
وصارت المصالح الاقتصادية التجارية والشخصية تتحكم في الحركة الصليبية ، فحرص الصليبيون على أن يحولوا جهدهم الحربى ، منذ سنة 1218 للاستيلاء، على مصر.
وحدث وقتذاك أن ظهرت حركة المغول في أقصى الشرق بآسيا، بزعامة جنكيز خان و خلفائه ، أوكاى ، و كيوك ، و مونكو ( 1257- 1206 م ) فاجتاحت جموعهم الصين و اَسيا الوسطى ، وأملاك الإمبراطورية الخوارزمية ودولة السلاجقة باَ سيا الصغرى ( تركيا ) ، ونفذوا إلى أوربا الشرقية و روسيا و بولندا و المجر .
وقامت حكومة ايلخانات فارس ، سنة 1256 عند قدوم هولاكو لتوطيد سلطان المغول بهذه الجهات وللقضاء على طائفة الإسماعيلية وقوة الخلافة العباسية .
وتحالفت مع المسيحيين في الكرج ( جورجيا وأرمينية الصغرى ) و في الإمارات الصليبية بالشام و تحالفت مع القوى المسيحية في الغرب لإنتزاع الأماكن المقدسة وللإستيلاء على مصر .
وحدث في الشرق الإسلامي وقتذاك من أسباب التشاحن والتخاصم و التصادم بين القوى ، ما أدى الى أن تسعى كل قوة الى تأييد المغول ومساندتهم ، فاستطاع العدو بذلك أن ينفذ الى الأراضى الاسلامية ، ويقهر القوى الإسلامية ، الواحدة تلو الأخري .
وبرغم ما إشتهر به المغول من البسالة والشجاعة ، فإنهم قلما إستخدموها ، طالما كان بوسعهم أن يحققوا أغراضهمم عن طريق الغش والخداع ، فاذا كان الموت عقوبة الشخص الذى يبدى مقاومة " فإن الموت في كثير من الأحوال يعتبر أيضا عقوبة الشخص الذى يذعن ويستسلم لهم .
فاذا أبقى المغول على حياة بعض سكان المدن التى أذعنت لهم ، فلم يكن ذلك إلا من أجل الإفادة من مهاراتهم لإستخدامهم في الأعمال الفنية أو في قتال مواطنيهم وإخوانهم في الدين ، بأن يجعلوهم في مقدمة جيوشهم عند
الهجوم ، ولم يلبث المغول أن يجهزوا عليهم بعد أن يتحقق غرضهم.
والواقع أن قسوة المغول وشدتهم جرت وفقا لخطة موضوعة ، كيما يثيروا من الخوف والرعب ما يشل حركة الذين سوف يتعرضون لهجومهم ..
وقد رأي المغول أن فيما ينزلونه بالمدن من خرائب تندلع فيها
النيران ما يكفل لجيوشهم الأمن و السلام ، ويجنبهم تمرد الذين نجوا من القتل .
وكلما حاز المغول نجاحا ، إشتد تعطشهم لسفك الدماء ، فلم
يتركروا بالبلاد التى خضعت لهم شيئا من الرحمة أو الرفق .
ويشير المؤرخون إلمسلمون القدماء إلى أنه مهما زاد عدد السكان في خراسان والعراق العجمى حتى يوم القيامة ، فلن يبلغ عشر ما كانوا عليه قبل الغزو المغولى.
يضاف إلى ذلك ما أصاب الكنوز الأدبية و العلمية من دمار وحريق .
كان المسيحيون في الغرب يأملون في أن يعتنق المغول المسيحية، وأن يتم التحالف بينهم ، وأن يوجهوا ضربة قاصمة للإسلام ، ...
غير أن هذه الآمال لم تلبث أن تبددت بفضل ما جرى من قيام دولة المماليك فى مصر والشام ، وإنزالها الهزيمة الساحقة بالمغول في معركة عين جالوت سنة 1260م .
.......
ويوضح الدكتور محمد سهيل هذه الجزئية في مقدمة كتابه قائلا : شكل هذا الوضع التاريخي عامل إغراء للغرب الأوروبي لمحاولة تكوين حلف مغولي - نصراني لتطويق العالم الإسلامي الشرقي وإنهاء الوجود الحضاري والسياسي للأمة الإسلامية، لكن مشروعات التحالف فشلت، ..
وقد لام بعض المؤرخين المحدثين، المسيحيين اللاتين، لأنهم لم يحسنوا الاستفادة من تحالفهم مع المغول لسحق الإسلام أو تحجيمه على الأقل، وقد جهل هؤلاء، أو تجاهلوا أن المغول إنما أقدموا على تدمير كل حضارة أو مدنية اعترضت تقدمهم، وأنهم في الوقت الذي كانوا فيه يستغلون نصارى الغرب للقضاء على الدول الإسلامية، كانوا يقومون بمذابح جماعية هائلة ضد شعوب روسيا وشرقي أوروبا ووسطها .
......
ويكمل الدكتور العريني حديثه :
فتحطمت تلك الأسطورة التي ذاعت بأن المغول قوة لا تقهر ، وجرت سياسة سلاطين المماليك على التخلص من بقايا الصليبين في الشام ، وإنزال العقاب بالأرمن الذين تعاونوا معهم و مع المغول في قليقية ثم المضى في قتال المغول ،.
فاستطاع السلطان بيبرس أن ينزل الهزيمة بالأرمن سنة 1266م فعزلهم بذلك عن حلفائهم الفرنج والمغول .
وتلى ذلك فتح أنطاكية سنة 1268م و طرد الصليبيين منها .
وحلت هزيمة بالمغول في معركة عينتاب سنة 1277م ، حيث لقى نحو7 آلاف من المغول مصرعهم في ساحة القتال ،.
وما هو أكبر من ذلك أهميهَ الانتصار، الذى أحرزه المسلمون ، زمن الناصر محمد ابن قلاون على المغول في وقعة مرج الصفر بالقرب من دمشق فى أبريل 1303م...
و دخل السلطان الناصر القاهرة ،و الأسري من التتار بين يديه مقيدين ، ورؤوس من قتل منهم معلقة في رقابهم ، وألف رأس على ألف رمح ،و الأسرى عدتهم ألف وستمائة ، وطبولهم قدامهم مخرقة ؟ .
على أن الاسلام أخذ يستعيد مكانته رويدا رويدا في البلاد التى خضعت للمغول ، ولم يلبث أن حاز من النجاح ما لم يظفر به البوذيون و المسيحيون
فعلى الرغم من مصرع تكودار المغولي في أغسطس سنة 1283م بسبب تعلقه بالاسلام ، فان أول ما قام به جازان ( 1295 - 1304 م) من أعمال ، أنه اعتنق الإسلام ، ولم يلبث أن أقبل الموظفون ورجال الدين المغول على اعتناق الإسلام ، وانقطع ما كان يربط إيلخانات فارس بمغول الوطن الأم من علاقات.
فاستقر الاسلام بين المغول في فارس و في الأقاليم التابعة لهم. ؛ ولم تلبث المدن الإسلامية التى تعرضت للخراب أن
نهضت وانتعشت ، وامتزجت الشعوب المختلفة ، ودارت المناقشات بين أرباب دياناتهم .
ونشطت التجارة ، بعد أن عطلها ما كان من عداوة بين سلاطين المماليك وإيلخانات فارس ؛ واتسعت أملاك مصر فتجاوزت حدود الدولة الأيوبية القديمة ، سيما بعد زوال البقية الباقية من الصليبيين بالاستيلاء على عكا ، سنة 1291م ، والسيطرة على ارمينيا الصغرى .}
........
ويضيف الدكتور محمد سهيل إلى ماذكره هنا د. العريني من أن الحركة المغولية كان لها اثر واضح في نشوء الدولتين الصفوية والعثمانية فقسمت العالم الإسلامي إلى فريقين متناطحين على المحور الأفقي سني وشيعي .. بينما قسمته على المحور الرأسي إلى دولة المماليك في الجنوب وتتار القبيلة الذهبية المسلمين شمالا حتى القوقاز وروسيا يقع بينهما المغول الإيلخان مما سرع بسقوط الإيلخانية في خلال قرن واحد و منع المغول من التمدد و الزحف غربا نحو أوربا... فيقول :
لقد خلق الغزو المغولي فجوة في تاريخ الشرق الإسلامي الذي استسلم المغول من الوجهة الإثنية، لكن تبرز بعض الخصائص والمميزات التي حملها هؤلاء معهم من مواطنهم الأولى، إلا أننا لا نستطيع أن نميز جيداً، في النظام الذي وضعته الدولة الإيلخانية، ما هو من أصل إيراني، وما هو من أصل مغولي أو صيني، وما هو من إبداع أصيل .
تعاقب على عرش إيلخانية إيران بعد وفاة هولاكو، مؤسس هذه الأسرة، أبناؤه وأحفاده وغيرهم من غير سلالته، كان أولهم أباقا الذي نجح في الدفاع عن الإيلخانية أمام هجمات الجغتائيين في بلاد ما وراء النهر والقبيلة الذهبية في حوض نهر الفولغا...
لكن أفراد هذه الأسرة (أسرة هولاكو) عجزوا عن مد نفوذهم إلى المناطق الجنوبية الغربية، إذ تعرضوا لهزائم متكررة على يد المماليك الذين أدركوا أن لا سبيل إلى صد الغزاة والتغلب عليهم إلا بالتآزر والاتحاد وجمع الكلمة، هذا في الوقت الذي تعرضت فيه الأسرة الإيلخانية لانشقاقات داخلية صدعت كيانها، ما أتاح للجيوش المملوكية أن تسترد بلاد الشام..
وتعينت الحدود نتيجة ذلك بين العالم الإسلامي والعالم المغولي انطلاقاً من أرمينيا الصغرى في قيليقيا(جنوب وسط تركيا) والتي تقاطعت عند منتصفها مع الطرق المؤدية إلى الهلال الخصيب عند أعالي دجلة والفرات الأوسط.
وكان من شدة الصدمة وعنفها أن أصيبت جميع بلدان الشرق الأدنى، الواقعة على طرفي هذه التخوم، بهزة زعزعت أركانها وصدعتها .
وهكذا ظهرت فجوة قامت سداً منيعاً بين العالمين الإسلامي والمغولي ؛ فالعراق العربي الذي دخل ضمن الامبراطورية المغولية أصبح منذ ذلك الحين.فلاة باعدت بين قطبي العالم الإسلامي، إذ ذاك ، تبريز والقاهرة .
وقد حمل الغزاة معهم الخراب ونشروا الدمار وأسالوا أنهاراً من الدماء أينما مروا ، بحيث كان السلام المغولي أعجز من أن يزيل معالم هذا الدمار الشامل .
وأقام الإسلام في البلدان التي وقعت تحت السيطرة المغولية نشاطات متنوعة ، فهؤلاء المغول الغزاة الذين تناغموا مع جميع الأديان- في بداية أمرهم- أخذوا منذ أواخر القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، يعتنقون الإسلام بتأثير مزدوج من النسبة العالية للسكان المسلمين الذين خضعوا لهم، وبدافع الأتراك الذين تمازجوا معهم وانصهروا في بوتقتهم .
ولم ينتج عن الغزو المغولي أي تغيير يذكر في البلاد التي سيطر عليها المغول من الوجهة الإثنية .(*يعني الدينية)
وشهدت الدولة الإيلخانية حركة تجارية نشطة على الطرق التجارية القديمة ، إلا أنها عجزت عن أن تعيد إلى نشاطها السابق الحركة التجارية في المحيطالهندي بعد أن أخذت مصر تسيطر عليها تدريجيا.
فإلى جانب مرفأ طرابزون على الساحل الجنوبي للبحر الأسود ، نشأ الآن مرفأ أياس الواقع على البحر الأبيض المتوسط في أرمينيا الصغرى الخاضعة آنذاك للمغول ومن بين الطرق التي فتحت أبوابها للتجارة، هذا الطريق الذي يصل بين البحر الأسود والصين والذي يجتاز شمالي بحر قزوين والتركستان ماراً بالأقطار الخاضعة للقبيلةالذهبية .
وكانت المنافسة بين تلك الطرق على أشدها تماماً كما كانت بين الممالك المغولية نفسها التي تسيطر عليها. وحالت هذه المنافسات من دون حصول المماليك في مصر على ما يرغبون فيه من الرق من أسواق القوقاز، ولذا راحوا يحاولون الاتصال مباشرة بالبحر الأسود وما يقع حوله من الأقطار عن طريق المضائق، بالاتفاق مع بيزنطية، وعلى أساس من التفاهم والتعاون مع الجاليات التجارية الإيطالية المقيمة في شبه جزيرة القرم .
وكغيرها من الدول المغولية الأخرى، باستثناء القبيلة الذهبية ومغول الهند التي عمرت وقتاً أطول، فلم تتجاوز الدولة الإيلخانية القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي.
فإلى جانب الانقسامات الداخلية التي وقعت في قلب
هذه الدولة فعطلت كل نشاط فيها، وشلت كل حركة، برزت المطالب «القومية» في الولايات يغذيها فريق من ذوي الأطماع، وسرعان ما تجزأت ولاياتها إلى دويلات وإمارات وتوزعت بين أبناء البلاد وأمراء أتراك ومغول .
فقد سيطر الأتراك على الولايات الغربية، وأضحى شمالي العراق وأذربيجان وأرمينيا، طوال أكثر من قرن، مسرحاً لنزاعات بين الإمارتين المتخاصمتين، الخروف الأسود والخروف الأبيض، فكانت الامارة الأولى على الملة الخروف الأسود والخروف الأبيض، فكانت الإمارة الأولى على المذهب
الشيعي، والإمارة الثانية على المذهب السني، واحتدمت المنافسة بينهما واستطالت، فأثرت في بعض النواحي على تكوين الدولة العثمانية وعلى إنشاء إيران الحديثة على يد السلالة الصفوية .
--------------------------------------------------------------------
ويقول الدكتور فؤاد عبد المعطي الصياد في مقدمة كتابه :
تعد حملات المغول على مراكز الحضارة الإسلامية ، ونشوء دولتهم.الكبرى التي كانت تضم منغوليا و الصين -والكوريتين- وإيران ، وبلاد ما بين النهرين وآسيا الصغرى ، وشرق أوربا أهم حوادث التاريخ في القرنين السابع والثامن الهجريين ( الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين ) .
ومع أن غارات البدو على البلاد المتحضرة أمر مألوف ، إلا أننا لم نر قوماً آخرين غير المغول – قد استطاعوا أن يغزوا في
مدة قصيرة مثل هذه الأقطار التي كانت قد بلغت شأوا بعيداً في الحضارة والمدنية .
ولا شك أن استيلاء المغول على هذه الرقعة الفسيحة من العالم ، وما تبع ذلك من ضروب القسوة البالغة التي أدت إلى انقراض دول ، وذهاب عروش ، وتقتيل آلاف عديدة من السكان ، وتخريب أمهات البلاد - لمما يجلب أنظار المؤرخين ويشجعهم على تأريخ تلك الفترة .
كانت هذه الأحداث وأشباهها خير حافز للمؤرخين والكتاب
علي تأريخ تلك الواقعة التي لم يسبق لها مثيل في فظاعتها وقسوتها وخطورة نتائجها .
ولافليس هناك فترة من فترات التاريخ ، تقدم مثل هذه السلسلة الهائلة المتتابعة الحلقات ، المتلاحقة العرى من الكوارث المتنوعة المروعة ، أومثل هذه المجموعة من الفتوح التي تشبه الأساطير ؛ لا تدانيها فتوح الإسكندر ، ولا فتوح الرومان
هذا التجمع الغريب لضروب الإفراط من كل نوع ما بين أعمال وحشية ، وفظائع تثير القلب والعقل ، تصحبها أعمال ناصعة البطولة وأفعال ملأى بالشجاعة والرجولة والنبل ، وانتصارات تشبه المعجزات .
يذكر المؤرخ رشيد الدين في مقدمة كتابه جامع التواريخ يعلم ابتداء كل ملة ، وأول كل دولة ، وأن ظهور دولة چنگیزخان ، كانت أعظم حادثة في هذا الزمان ، لهذا كانت جديرة بالتأريخ ، إذ أنه في زمان يسير فتح بلاداً كثيرة ، وقهر الجبابرة وكسرهم بأيدي بطشه ، وداسهم بأقدام قدرته، وأورثها أولاده وأحفاده .
وكان من عادة العلماء و الحكماء أن يؤرخوا معظمات الوقائع من خيرها وشرها في كل زمان حتى يعتبر بها أولادهم وعقبهم ونسلهم ، ويعلموا أحوال الأدوار في القرون الماضية ،
ويسمعوا تذكير السلاطين المقدمة والأكاسرة الأول ، ويبقى ذكر هم مخلداً على صفحات الأيام والليالي ورسم في بطون الأوراق .
ولم يكن بد إذن من أن يكتب شيء عن المغول في كل البلاد التي.فتحوها . ومن هنا كانت المصادر التاريخية أحفل بالمعلومات عن عهد المغول منها بالمعلومات عن العهود الأخرى .
ففي البيئات العلمية بغرب أوربا فاق الاهتمام بتاريخ دولة المغول - فاق الاهتمام بكل الدول الشرقية في العصور الوسطى .
وعلى العكس نرى أن فترة الحكم المغولي في وطننا العربي ، لم تحظ لدينا بالعناية الكافية ، إذ قلت الكتب المؤلفة بالعربية في هذا الموضوع رغم أننا قمنا بأهم دور في كسر شوكة المغول و انقاذ الحضارة العالمية من شرها .
بالطبع سنبدأ الحديث - إن شاء الله - بترجمة مختصرة لتيموجين او جنكيز خان زعيم المغول ثم يتبعها نشأة إمبراطوريته، ثم أحوال العالم الإسلامي قبل بداية الغزو التتري له ثم الحملات على العالم الإسلامي كما تقدم في الفقرة السابقة .
---------------------------------------------------------------------
مصادر و مراجع الموضوع كاملا .
------------------
المغول في التاريخ: كتاب : د. فؤاد عبد المعطي الصياد : ط دار النهضة العربية 1980م
---------------
تاريخ المغول
: كتاب : منذ حملةجنكيز خان حتى قيام الدولة التيمورية : عباس إقبال ..ترجمة د. عبدالوهاب علّوب - مصدر مهم
--------------
تاريخ المغول العظام والإيلخانيين د.محمد سهيل طقوش
--------------
السلطان سيف الدين قطز: كتاب :
ومعركة عين جالوتفيعهد المماليك: د. علي محمد محمد الصَّلاَّبِّي - من أهم المصادر
---------------
المغول : كتاب : د.السيد الباز العريني : ط دار النهضة 1981م
--------------
بحث : اﻷثر الحضاري للغزو المغولي للمشرق اﻹسلامي 303- 716هـ/1400- 1220م: د. حمد قايد حسن الوجيه
أستاذ التاريخ المشارك بقسم التاريخ -كلية اﻵداب واﻹدارة -جامعة بيسة -المملكة العربية السعودية، كلية التربية – جامعة صنعاء اليمن
--------------
بحث : دور سلاح الرعب في سياسة المغول العسكرية تجاه العالم اﻹسلامي
1151 – 1116م الجامعة الإسلامية غزة
--------------
كيف دخل التتر بلاد المسلمين ، كتاب ، د. سلمان العودة
--------------
قصة التتار من البداية.. إلى عين جالوت : كتاب د. راغب السرجاني ..
--------------------------------------------------------------------
التاريخ التتري
تابعونا #تاريخ_التتار_جواهر (1)
إرسال تعليق