تاريخ الدولة العباسية (9)
-----------‐------‐--------------------------‐-----------------------
أبو جعفر المنصور .. متابعة
-----------‐------‐--------------------------‐-----------------------
🔹 ملخص الفقرة السابقة :
في عهد السفاح و انشغاله بمطاردة بني أمية واخماد الثورات الداخلية ، تعرضت بلاد ما وراء النهر ، لخطر كبير من جانب الصينيين فقد استغل هؤلاء تضعضع أوضاع المسلمين .
وأغارت الدولة البيزنطية على أطراف الدولة الإسلامية ، واستولت على ثغر ملطية وكليكية ، وكانت تقتل المسلمين تقتيلا وتهتك أعراض النساء وتسوق الغنائم إلى ملك الروم.
كان رد الفعل الإسلامي محدوداً في بادىء الأمر، و مع اقتراب استقرار أوضاع الخلافة ، استؤنفت حركة الصوائف والشواتي وحرص الخليفة على استعادة ما استولى عليه البيزنطيون مثل أرضروم وترميم ما خربوه مثل ملطية .
وفي عام (136 هـ/ 753 م) ، كلف عمه عبد الله بن علي بتجهيز حملة إلى آسيا الصغرى ، و تجمعت في دابق شمالي حلب إلا أن وفاة الخليفة أبو العباس ، جعلت عبد الله بن علي يحجم عن قيادتها، وأظهر عن مطامعه في السيطرة على الخلافة .
وفي عهد السفاح استحدث منصب الوزير وهذا المنصب هو نظام فارسي قدیم ، إلا أن الوزير لم يكن يتمتع بصلاحيات أو سلطات كاملة في جميع الدواوين، وكانت يحدها تدخل الخليفة ، ثم تطور المنصب بعدلك و حددت الصلاحيات بوضوح في عهد خلفاء العصر العباسي الأول .
عهد السفاح في عام (136 هـ/ 754 م) لأخيه أبي جعفر بالخلافة من بعده ثم عيسى بن موسى بن محمد وكتب العهد بذلك وأعطاه إلى عيسى بن موسى .
أصيب السفاح بالجدري وهو بالأنبار، وتوفي في الثالث عشر من (شهر ذي الحجة عام 136 هـ / شهر حزيران عام 754 م) ودفن في قصره بالأنبار ) بينما كان المنصور في الحج ،فأخذ له البيعة ابن أخيه عيسى بن موسى، في الأنبار.
اتصف المنصور بالشدة والبأس واليقظة والحزم والصلاح والاهتمام بمصالح الرعية ؛ و كره سفك الدماء إلا بالحق، وعرف بالثبات عند الشدائد ، ولا شك بأن هذه الصفة كانت من بين أبرز الصفات التي كفلت له النجاح .
وقد خشي المنصور من منافسة عمه عبد الله بن علي الذي كان يطلب الخلافة ، كما انتابه الخوف من تعاظم نفوذ أبي مسلم الخراساني، ومن خروج بني عمه آل علي بن أبي طالب على حكمه .
استغل عبد الله بن على الجيش الذي كان أعده لغزو البيزنطيين، لتحقيق أطماعه في الخلافة ، و رحل به إلى حران و أعلن نفسه خليفة .
رأى المنصور أن يضرب خصميه القويين ببعضهما ؛ فندب أبا مسلم لقتال عمه رغم حقده عليه ، و كان يأمل باستقطاب الخراسانيين الذين في جيش عمه عن طريق أبي مسلم .
تمكن أبو مسلم من هزيمة عبدالله بن علي في معركة قرب نصيبين في منطقة الجزيرة . وفرّ عبد الله إلى البصرة ملتجئاً إلى أخيه سليمان بن علي ، إلى أن علم المنصور بذلك، فأرسل يطلبه، وأعطاه من الأمان ما وثق به، ولما جاءه قبض عليه وسجنه ، وذلك في عام (139 هـ/ 757م) وظل مسجوناً حتى عام (147 هـ/ 761 م) حين قتله المنصور .
كان الفرس الخراسانيون قد ساهموا بدور بارز في قيام دولة الخلافة العباسية، وعلى رأسهم أبي مسلم الخراساني، آملين تحقيق تطلعاتهم من حيث عدم إعطاء العنصر العربي ميزة على غيرة كما كان في عهد بني أمية ، وطمعوا أن تكون هذه الميزة لهم على غيرهم ؛ و حلموا بإعادة مجدهم الغابر، وإحياء سلطانهم الفارسي المندثر .
إلا أن الفرس لاحظوا أنه حينما اشتد ساعد دولة الخلافة العباسية، وتوضحت سیاستها، أن الدولة الجديدة لم تحقق تطلعاتهم بالشكل الذي يريدونه .
يضاف إلى ذلك، عدم اقتناعهم بالنهج الذي اختطه العباسيون والذي ارتكز على الإسلام والعروبة ؛في حين كان الفرس يطمعون في إحياء الإرث الفارسي القديم ، وفتح المجال لانطلاق الآراء المجوسية .
لذلك تغير موقفهم من النظام الجديد ، وقاموا بحركات تمردية بهدف الإطاحة بالدولة ، وكانت حركة أبي مسلم الخراساني فاتحة هذه الحركات المعادية .
كان أبو مسلم يشعر بأنه المؤسس الحقيقي للدولة العباسية . وأخذته العزة حين رأى التفاف الفرس حوله يأتمرون بأمره، ويرون فيه زعيماً قومياً. وراودته أحلام طموحات شخصية، من تفرد بحكم خراسان وبلاد إيران كلها، ونزعات استقلالية.
و كانت تصرفاته وعلاقته بالخلافة منذ عهد الخليفة الأول، تدل علي ذلك ؛ فقد ثقلت وطأته على أبي العباس، وكثر خلافه له ، ورده لأمره وكان أبو جعفر المنصور يحث أخاه أبو العباس على قتله إلا أنه خشي كثرة أتباعه وراعى خدماته التي قدمها للدولة .
كان أبو مسلم حريصاً على أن يشعر أبا جعفر بقيمته، فأخذ يحط من هيبته ، وينفق ببذخ على الأعراب ، ويتقدمه عليه في طريق الحج و العودة ، وقد كتب إليه يعزيه بوفاة أخيه ابي العباس دون أن يهنئه بالخلافة ، أو يبعث إليه بالبيعة أو يتريث في طريقه حتى يلحق به المنصور ، متجنباً لقاءه مما أدخل الروع والقلق في نفس المنصور .
ولما انتصر أبومسلم على عم المنصور حاز على أمواله وخزائنه ، فأرسل المنصور إليه رسولاً ليحصي الغنائم مما أزعجه وأغضبه وقال معلقاً على ذلك : «أمين على الدماء، خائن في الأموال».
ثم بعث المنصور إلى الرسول أن تحفظ على ما في يدك . فصعب ذلك على أبي مسلم ومال إلى خلعه ، وازداد استعلاء أبي مسلم بعد ذلك، لدرجة أنه كان يأتيه الكتاب من الخليفة ، فيقرأه ثم يلوي شدقه على سبيل السخرية منه .
وأراد المنصور أن يفصله عن جند خراسان أعوانه فبعث يهنئه بانتصاره على عبد الله بن على و بتوليته مصر و الشام بدل خراسان .
لكن أبا مسلم فطن لغرض المنصور ، وعلق عليه بغضب قائلاً : «هو يوليني الشام ومصر ، وخراسان لي» !! يعني هو بالفعل يستطيع أن يملك خراسان لنفسه .
وقرر العودة إلى خراسان مخالفاً بذلك أوامر الخليفة الذي خشي من عودته بفعل أنه سيعتصم بشيعته، ويصبح قادراً على تحدي الخلافة .
لم ييأس أبو جعفر من الإيقاع بخصمه ، ولجأ هذه المرة إلى أسلوب الترغيب والتهديد ونجح رسوله إليه، وهو أبو حميد المروزي ، في التأثير عليه ، وانتزع موافقته بالقدوم على الخليفة ، بالرغم من معارضة أركان حربه .
ولما حضر أبو مسلم وجه له المنصور هذه التهم :
▪ قتله لسليمان بن كثير نقيب النقباء في خراسان .
▪قتله لعدد من رؤساء القبائل اليمنية أمثال علي بن جديع الكرماني وأخيه عثمان .
▪قراره بالسير إلى خراسان دون استئذان الخليفة أو أخذ موافقته .
▪زعم أنه ابن سليط بن عبد الله بن عباس .
▪حاول الوصول إلى الخلافة حين خطب لنفسه آمنة بنت علي ، عمة الخليفة .
وكان رده على المنصور : يا أمير المؤمنين ! لا يقال لي هذا، وقد سعيت في أمركم بما علمه كل أحد.
فقال: ويلك ! لو قامت في ذلك أمة سوداء لأتمه الله لجدنا وحيطتنا.
ولما لم يجده ذلك نفعا ، راح يستعطف المنصور ، وأخذ يعتذر أمامه عما بدر منه ؛ لكن الخليفة ضرب بأحدى يديه الأخرى مصفقا فخرج من كانوا وراء الستر وتناوشوه بسيوفهم حتى قتل في اليوم الخامس والعشرين من (شهر شعبان عام 137 هـ/ شهر شباط عام 755 م) .
عندما علم جعفر بن حنظلة بقتل أبي مسلم قال للخليفة : «يا أمير المؤمنين عد من هذا اليوم خلافتك».
وظهرت في خراسان بعد مقتل أبي مسلم حرکات دينية سياسية وقومية غريبة عن الإسلام ، كان أصحابها يظهرون الإسلام ويبطنون أهدافهم الدينية المجوسية ، والسياسية الهدامة، والعنصرية الفارسية ، واتخذوا من أبي مسلم رمزاً ووسيلة للتعبير عن معارضتهم للسلطة العباسية ، والتنفيس عما في نفوسهم .
وكانت حركة سنباذ أول رد فعل لمقتل الزعيم الفارسي ؛ وكان مجوسيا من إحدى قرى نيسابور يقال لها أهروانة ؛ وقد عزم هذا الرجل على الأخذ بثأر أبي مسلم من قاتله الخليفة العباسي المنصور ...
و التف حوله الأتباع ، وغلب على نيسابور وقومس والري وتسمى باسم «فيروز أصبهذ» واستولى على خزائن أبي مسلم وأعلن أنه سوف يهاجم مكة ويهدم الكعبة انتقاماً .
وعندما تفاقم أمر سنباذ أرسل إليه أبو جعفر جيشاً بقيادة جهور بن مرار العجلي ، اصطدم به بین همذان والري وقضى عليه. وهكذا انتهت هذه الحركة في عام (137 هـ/ 755 م) بعد سبعين يوماً من قيامها . *انتهى الملخص (*1)
-------------------------‐--‐------------------‐---------‐----------
🔸 ويعلق الشيخ محمد الخضري على قتل المنصور عمه عبد الله بن علي -الذي طمع في الخلافة- بعدما أعطاه الأمان قائلا :
《 هذه كانت خاتمة حياة ذلك البطل الذي كان على يده أكبـر عمل في تأسيس الدولة العباسية كما كان على يده أكبر الفظائع في إهلاك البقايا من بني أمية ...
ولا نحجم عن إظهار نفورنا من هذه الطرق التي يلجأ إليها ذوو الخدع والمكر لتنفيذ أغراضهم وتأييد ملكهم غير ناظرين إلى النتائج الخبيثة التي تجلب الشـر على أمنهم !!
فإن المنصور لم يعبأ بتلك المواثيق التي أعطاها لعبـد الله واستخف بها كما استخف بأمـان ابن هبيرة قبل ذلك !!
كما أننا لا نحجم عن أن نقول : إن عبد الله ختم حياته شـر ختام بهربه من ميدان القتال، فإن طلاب العظائم إذا حـال القدر بينهم وبينهـا لا يرضون الدنيـة لأنفسهم ويموتون دون العار الذي يلحقهم ويلحق أهل بيتهم بسببهم .》(*2)
▪ويعلق على قتله أبي مسلم الخراساني قائلا :
《 من الضروري أن ننبه إلى أن نوابغ القواد الذين خدموا الخلفاء وأسسوا ملكهم انتهت حياتهم في الغالب بمثل ما انتهت به حياة أبي مسلم ..
وسبب ذلك أن هؤلاء القواد يكونون في بادئ الأمـر ذوى الكلمـة المسموعة والسلطان الـواسع بين جنودهم لأنهم هم
المباشرون للحروب والوقائع ، وهم الذين يقدمون للجند أعطياتهم ، فإذا ساعدهم الحظ وتمت على أيديهم الانتصارات الباهرة وقامت الدولة ببأسهم وشدة حزمهم، لم يكن لنفوذهم في الدولة حد يقفون عنده !!
لأنهم يرون الأمر إنما جاء لصاحبهم بفضل مجهودهم الذي بذلوه فإذا كان الخليفة بعيـد الهمة ذكي الفؤاد لـم يسعه أن يحمل كل هذا ، وإذا ألجأته الضرورة حمله على مضض ، وإذا أمكنته الفرصة لم يتأخر عن انتهازها.
وليس من طبيعة القائد الفاتح أن يضرب صفحا عما له من الآثار ويتنازل عن اجتناء الثمرة وقت إدراكها .
ومع ما بدا من أبي مسلم من العسف الشديد لا نبخسه حقه ونتأخر عن الاعتراف بأنه كان من نوابغ الرجال الذين أسسوا الدول العظام ، ولو كانت الضحايا التي ذهبت في تأسيس
الدولة أقل مما ضحى لعددناه من كبار السواس ...
إلا أنه سفك دماء كثيرة وكـانت التهمة في نظره كافيـة لإزهاق نفس المتهم ! فمثل هذا نصفه بالقوة والعزيمة والثبات والدهاء ، ولكن لا نصفه بحسن السياسة ، وما رأيت أجـهل من أبي مسلم في قدومه على المنصور بعد ما أحتج به على سليمان بن كثير شيخ الدعوة بقوله أتذكر قول الإمام لي من اتهمته فاقتله . 🤔
فإذا كانت هذه قاعـدة يرى العمل بها واجباً أفلا يكون فيما صنعه مع أبي جعفـر ما يدعو إلى الريبة فيه واستحقاقه القتل ؟! فهو إذا كان قادماً على القتل بمقتضى أصل من أصول الدعوة كثيراً ما نفذه ..
ولذا لا يكون قتله محلا للنظر والاستغراب : ( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ﴾ (الأنعام: ۱۲۹) 》 (*3)
▪وعن أبي مسلم الخراساني يقول الدكتور حسن خليفة :
《 كان أبو مسلم كبير النفس أبيا ، طموحا إلى المعالى ، اتصف بصفات أكابر القواد ، ولكنه كان سفاكا للدماء محبا للإنتقام .
وقد ذكر بعض المؤرخين أنه قتل نحوستمائة ألف نفس، وكان محبوبا بين قومه لسخائه وكرمه ، متصفا بالحزم والكتمان ، فقد جاء في كتاب المحاسن والمساوى للبيهقى ما نصه : « قيل لأبي مسلم صاحب الدولة : بأي شيء أدركت هذا.الأمر ؟ فقال : ارتديت بالكتمان ، واتزرت بالحزم ، وحالفت الصبر ، وساعدت المقادير ، فأدركت ظنى و حزت حد بغيتي . » (*4)
-----------------------
🔹وبخلاف ثورة سنباذ المجوسي في فارس عقب مقتل أبي مسلم ؛ قامت ثورة في الجزيرة في سنة 138 ، إذ قام الخوارج بالثورة في بلاد الجزيرة ولكن المنصور أرسل قواده لأخضاع الثورتين وتمكنت جنوده من القضاء على الثوار ، وأعيد الأمن والسلام إلى نصابه
-----------------------
🔹 ثورة الراوندية سنة 141 ھ
خرج المنصور حاجا في سنة ١٤٠هـ ، وبعد أن أدى فريضة الحج زار بيت المقدس، وسار من فلسطين إلى سورية ورجع منها إلى الجزيرة ..
ولما عاد إلى مقر ملكه ، هددته ثورة خطيرة ، قام بها فريق الراوندية وهم جماعة من أهل خراسان يقولون بتناسخ الأرواح ، ويزعمون أن روح آدم حلت في عثمان بن نهيك قائدهم ، وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو أبو جعفر المنصور ، وأن الهيثم بن معاوية هو جبريل !!
وأتوا قصر المنصور في الهاشمية ، فجعلوا يقولون هذا قصر ربنا ويطوفون به ...
فارسل المنصور إلى رؤسائهم ، وقبض على مائتين منهم وسجنهم ، فغضب الباقون وهجموا على السجن وأخرجوا اصحابهم ، فخرج المنصور بنفسه لإخماد الثورة ، وكاد يقتل لولا أن أنقذه القائد العظيم معين بن زائدة الشيباني ، وجاءت قوات الجيش وحملت على الثائرين وقتلتهم جميعا
🔹 الثورة في خراسان وطبرستان ( ١٤١ - ١٤٣ هـ )
سار عبد الجبار بن عبد الرحمن الازدى والى خراسان سيرة رديئة أغضبت المنصور ، فأرسل اليه أحد قواده المشهورين وهو حازم بن خزيمة ، وأرسل معه أبنه المهدى وكان في العشرين من عمره ، ولما اقتربا من البلاد هب أهلها وثاروا في وجه حاكمهم وقبضوا عليه ، وأرسلوه إلى الخليفة هو واتباعه وابنه فأنتقم المنصور منه وقتله ، وعذب أتباعه ونفى ابنه إلى
جزيرة في البحر الاحمر .
سارت الجيوش بعد ذلك إلى طبرستان ، وكان حاكمها قد ثار على حكم المسلمين ، ولكن القوات الأسلامية تغلبت عليه ، وفتكت بالثوار فتكا ذريعا ..
وقد هدأت الأحوال بعد ذلك في أنحاء الدولة ، وخرج المنصور حاجا على عادته ، ولكنه فوجىء بخروج محمد وابراهيم ولدى عبـد الله ابن الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب . (*5)
🔴 ثورة العلويين سنة ١٤٤ هـ
عاش العلويون ، وهم أبناء الحسن وأولاد عمهم الحسين ، عيشة هادئة في المدينة المنورة بعد مأساة كربلاء ، ولم يتدخلوا في الأمور السياسية إلا قليلا في عهد الأمويين ، واقتصروا في أعمالهم على الامور الدينية ، والقيام ببعض الأعمال التجارية .
ولما قام أهل الشيعة يدعون الناس إلى الإلتفاف حول أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشترك هؤلاء في الدعوة ، بل تركوها تجرى مجراها الطبيعي ، وعاش معهم في المدينة أبناء الخلفاء الراشدين وأبناء الزبير وباقى الصحابة رضوان الله عليهم ، وصاهروهم وامتزجوا بهم وأصبح لهم عصبية قوية .
وكان أهل المدينة بجلونهم ، وينظرون اليهم نظرة عطف وأكبار ، فلما تأيدت الدعوة الشيعية ، واستأثر العباسيون بالخلافة دون بني عمهم ، أدرك هؤلاء وأنصارهم ومن يلتفون
حولهم أن العباسين خدعوهم ، فحفظوها لهم وأخذوا يترقبون الفرصة للخروج عليهم .
ولما تولى المنصور الخلافة رأى أنه لا يتم له الأمر ولا يصفو
له الجو إلا إذا تخلص من هؤلاء أيضا كما تخلص من منافسية الآخرين . 🤔
اشتهر من العلويين في عهد المنصور عبد الله بن الحسن وولداه محمد الملقب بالنفس الزكية وابراهيم ، واشتهر أيضا جعفر الصادق ، وهو من نسل الحسين ، وكان هو "الإمام" في نظر الفرقة الإمامية ، ولكنه رضى بما تم ولم يحرك ساكنا ، وكان يوصى أصحابه بالخلود الى السكينة منتظرا الفرصة المناسبة للخروج .
أما النفس الزكية فكان قد بويع بالخلافة من بني هاشم في أواخر عهد الأمويين ، وكان أبو جعفر " المنصور" من الذين بايعوه إذ ذاك .. ولما قامت الدولة العباسية قعد عن البيعة للسفاح مع أن بني هاشم قد بايعوه جميعا ، وكان أبو جعفر هو الذي يأخذ البيعة لأخيه السفاح في الحجاز ..
تخلف النفس الزكية هو وأخوه ابراهيم عن البيعة للمنصور ، وشعر الخليفة أنهما مصدر خطر عظيم يخشى منه ، وأخذ ينتحل المعاذير للفتك بهما ، وأمر بمراقبتهما وبث العيون والأرصاد للقبض عليهما أينما وجدا 🤔 (*6)
{ ثم إنه (المنصور) دعا بنى هاشم رجـلاً رجلاً كلهم يخليه فيسأله عن محمد فيقول: يا أمير المؤمنين قد علم أنك قد عرفته يطلب هذا الشأن قبل اليوم فهو يخافك على نفسه وهو
لا يريد لك خلافا ولا يحب لك معصية ..
وما أشبه هذه المقالة(يعني شكك فيها) إلا حسن بن زيد بن حسن بن على، فإنه أخبره خبره وقال : والله ما آمن وثوبه عليك فر رأيك .. فأيقظ بقوله من لا ينام .
صار المنصـور يحتال بأنواع الحيل ليعرف الأخبـار عن محمـد واستخراج مـا عند أبيه عبدالله بن حسن من أخباره، ولما علم أن عبدالله يعرف نية ابنه حج سنة ١٤٠ ه وسأل عبد الله عن ابنيه فأنكر أن يكون عنده علم بهما ، فتيقن المنصور كذبه وحبسه وصادر أمواله .
لم ير المنصور بعد ذلك من ابن زياد صدقا في الحصول على محمد وإبراهيم فعزله وولى بدله على المدينة محمـد بن
خالد بن عبد الله القسرى وبسط يده في النفقة في طلبه
فأنفق كثيراً من المال في هذه السبيل وبحث بحثاً كثيراً في المدينة وخارجها فلم يصل إلى نتيجة، فعزله المنصور .
وأشير عليه أن يولى المدينة رجلاً من آل الزبير ليكون ما بين آل الزبير وآل على من العداوة سائغا له إلى البحث الشديد والجد في الأمر ، فلم يرق هذا في عيني المنصـور وقال : أعـاهد الله ألا أثأر من أهـل بيتي بعـدوى وعـدوهم ولكن أبعث عليهم صعلوكا من صعاليك العرب .
فولى على المدينة رياح بن عثمان بن حيان المرى فورد المدينة في شهر رمضان ١٤٤ هـ وهو عازم على عسف الأعراب الذين يستخفى محمد بن عبد الله عندهم ، فكان أول شيء فعله أن استهـان بمحمـد بن خالد القسري الذي كان قبله والياً
وعذبه هو وكاتبه ثم أرهق محمد بن عبد الله طلبا حتى لقى شدائد ما كان يراها في عهد أسلافه من ولاة المدينة فقال في ذلك :
منخـرف السـربال يشكـو الوجي
تنـكـبـه أطراف مـر وحـــــداد
شـــــــــرده الخـوف وأزرى به
كـذاك من يكره حـر الجـلاد
قـد كـان في الموت له راحـة
والموت حـتم في رقـاب الـعـبـاد
وزاد المنصـور في إرهاق محمد فأمـر بأخذ بنى الحسن كلهم نحو ثلاثة عشر رجلاً وحبسهم بالمدينة، ولما علم محمد بذلك جاء إلى أمه هند وقال لها : إني قد حملت أبي وعمومتى ما لا طاقة لهم به ، ولقد هممت أن أضع يدى في أيديهم فعسى أن يخلى عنهم ..
فتنكرت هند ولبست أطمارا ثم جاءت السجن كهيئة الرسول، فأذن لها، فلما رآها عبد الله أبو محمد أثبتها فنهض إليها فأخبرته بما قال محمد فقال : كلا بل نصبر ، فو الله إني لأرجو أن يفتح الله به خيرا قولي له فليدع إلى أمره وليجد فيه فإن فرجنا بيد الله } (*7)
وأخذ عمال المنصور يطاردون أسرهما فسجنوا أباهما وعذبوا الباقين عذابا أليما ، فلم يجد محمد بدا من الظهور بعد أن اتفق مع أخيه ابراهيم على الظهور والمطالبة بالخلافة ..
{ لم يزل بنو حسن محبوسين عند رياح بالمدينة حتى حج أبو جعفر سنة ١٤٤ هـ ، فلما لم يجد عندهم ما يبرد غلته من جهة محـمد وأخيه إبراهيم أمر بحملهم إلى العراق وأشخص محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وهو أخـو بني حسن بن زيد بن حسن لأمهم وأمهم جميعاً فاطمة بنت حسين بن على وكان إبراهيم بن عبد الله صهره على ابنته فحملوا مقيدين بالأغلال والأثقال وسير بهم على شـر ما يكون حتى أتى بهم العراق فحـبسـوا بقصر ابن هبيرة وهو بلد شـرقى الكوفة مما يلى بغداد على نهر الفرات.
وقد استعمل معهم المنصور من الفظائع ما لا طاقة للإنسان على تسطيره وكان أعظم فظائعه مع محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وكانت نتيجة هذا الحبس الشديد أن مات أكثرهم في الحبس مع أن بني العباس ملأوا الدنيا تهويلاً ورياء بأنهم خرجوا انتقاماً من قتلة الحسين بن على وزيد بن حسن ويحيى بن زيد وهؤلاء إنما قتلوا في ميادين القتـال وهم خارجون ولم يقتل بنو أمية أحداً من آل على بالشكل الفظيع الذي ذهب به بنو حسـن في عهد بني عمهم من آل العباس .
كانت نتيجة هذا الإخـراج وهذه الفظائع أن عزم محمد على الظهور بالمدينة وتحدث أهلها بذلك وعلم به رياح أمير المدينة فأحب أن يعد عـدته لذلك فعوجل.
ودخل محمد"النفس الزكية" المدينة ومعه ١٥٠ رجلاً فأتى السجن ففتحه وأخرج من فيه ولم يقاومه أهل المدينة بل أعانوه وخذلوا رباحاً وكان خروجه في أول يوم من رجب سنة ١٤٥ هـ .
وبعد أن استولى على البلد صعد منبر الحرم وقال: (أيها الناس إنه كان أمـرنا وأمر الطاغية عدو الله أبي جعفر ما لم يخف عليكم من بنائه القبة الخضراء التي بناها معاندا الله في ملكه وتصغيراً للكعبة الحرام، وإنما أخذ الله فرعون حين قال أنا ربكم الأعلى وإن أحق الناس بالقيام بهذا الدين أبناء المهاجرين الأولين والأنصار المؤمنين، اللهم إنهم أحلوا حرامك وحرموا حلالك وأمنوا أخفت وأخافوا من أمنت ، اللهم فأحصهم عدداً واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا أيها الناس إني والله مـا خرجت بين أظهركم وأنتم عندى أهل قوة ولا شـدة ولكن اختـرتكم لنفسي والله ما جئت هذه وفي الأرض مصر يعبد الله فيه إلا وقد أخذت لي فيه البيعة).} (*8)
ظهر (ثار) محمد "النفس الزكية" بالمدينة في سنة 145 ھ ، ودعا لنفسه بالخلافة ، فالتف حوله أنصار كثيرون وبايعوه . وأفتى أبو حنيفة ومالك بصحة البيعة ، واستطاع محمد أن يقبض على حاكمها العباسي وزج به في السجن .
ووصلت الأخبار إلى أبي جعفر المنصور فكتب اليه يؤمنه ويرغبه ، وأسرع إلى الكوفة ليرعى أحوالها بنفسه لأن أهلها شيعة العلويين ، وأغلق أبوابها حتى لا يخرج منها أحد
ولا يدخلها أحد ..
وتواترت الرسائل بين الفريقين ، وكتب أبو جعفر الى محمد "النفس الزكية" كتابا طويلا جاء فيه :
« ولك عهد الله وميثاقه و حق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إن تبت من قبل أن أقدر عليك : أن أؤمنك على نفسك وولدك وأخوتك ومن بايعك وتابعك وجميع شيعتك ، وأن أعطيك ألف ألف درهم ، وأن أنزلك من البلاد حيث شئت ، وأقضى لك ما شئت من الحاجات ، وأن أطلق من سجن من أهل بيتك وشيعتك وأنصارك ، ثم لا أتبع أحدا منكم بمكروه ،
فإن شئت أن تتوثق لنفسك فوجه إلى من يأخذ لك من الميثاق والعهدو الأمان ما أحببت و السلام »
فكتب اليه النفس الزكية جوابا طويلا جاء في آخره ما يلى,
« ولك.عهد الله إن دخلت في بيعتي أن أؤمنك على نفسك وولدك ، وكل ما أحببته إلا حدا من حدود الله ، أو حقا لمسلم أو معاهد ، فقد علمت مايلزمك في ذلك ، فأنا أوفى بالعهد منك ، وأحرى لقبول الأمان ، فأما أمانك الذي عرضت على فأى الأمانات هو ؟ أأمان ابن هبيرة ، أم أمان عمك عبد الله
ابن على، أم أمان أبي مسلم ؟ والسلام » 👍
ودارت مكاتبات أخرى بينهما ، ولم تنته إلى اتفاق ، فأرسل الخليفة جيشا عظيما على رأسه ابن أخيه عيسى بن موسى لقتاله وزحف على المدينة ...
وكان محمد "النفس الزكية" قد أساء اختيار موقعه الحربي ، ولما اقترب قائد المنصور من المدينة ذعر أهلها وتركوا محمدا الا نفرا قليلا منهم ، ودار القتال بين الفريقين وانتهى بقتل محمد بعد أن أظهر بسالة عظيمة في القتال ، وكان ذلك في
۱۲ رمضان سنة ١٤٥هـ..
ودخل عيسى المدينة وانتقم من أهلها ، وأرسل رأس محمد الى أبي جعفر وقطع الهبات والصدقات التي كانت ترسل إلى أهل المدينة ، وظلت موقوفة حتي أعادها المهدي بن المنصور في أيام خلافته .. (*9)
🔹 لم يبق أمام أبي جعفر الا أخضاع ابراهيم وكان ابراهيم قد أظهر الدعوة لأخيه في مدينة البصرة ، وجمع حوله عددا كبيرا من الأنصار ، وعاضده علماء الدين ، وكان قد اتفق مع أخيه على رفع راية العصيان في يوم واحد ، ولكنه تأخر عن ذلك بسبب مرضه وبذلك استطاع عيسى بن موسى أن يلحق به بعد أن فرغ من قتال محمد ..
وكان ابراهيم قد استولى على دار الإمارة بالبصرة ، و هزم قوات الخليفة ، وأخذ ما في بيت المال ، ووزعه بين أتباعه وجنده ، واستولى الثوار من أتباعه على فارس و الأهواز و واسط ، ولما بلغ المنصور خبره خرج إلى الكوفة كما تقدم ، وأمر قائده بالاسراع بالزحف لملاقاة ابراهيم قبل أن يصل إلى الكوفة ، ...
والتقى الجيشان ، وهناك كما ورد في تاريخ ابن خلدون في الصحيفة الخامسة من الجزء الرابع « على شواطيء دجله عند مكان يسمى باخمرى يبعد عن المدينة بستة عشر فرسخا ، حدثت معركة دموية بين الفريقين ، انتصر ابراهيم في مبدئها ولكنها انتهت بخذلانه وقتله ، و تفرق أنصاره في ذي القعدة من السنة عينها ..
و قد أرسل عيسى رأس إبراهيم إلى المنصور فكان فرحه بالانتصار عظيما جدا ، وثأر لنفسه من أهل المدينة والبصرة وقتل كثيرا من أهل المدينتين ووجوههما ، وسجن الإمام -
أبا حنيفة النعمان وجلده ، ثم شرد أتباع العلويين وقضى على معظمهم بالتقتيل والتعذيب . (*10)
------------------------
🔹 تأسيس مدينة بغداد سنة 145 هـ ( 750 م)
كان أبو جعفر قد اتخذ مدينة الهاشمية مقرا لخلافته ، ولكنه كان.يرغب في الإبتعاد عن الكوفة ، ولذلك أخذ يبحث عن موضع جديد يتخذه عاصمة لدولته ، ولما انتهى إلى موضع بغداد استقر رأيه على بناء المدينة ، ووضع حجر أساسها بيده وهو يقول « بسم الله والحمد لله وله الملك كله الملك لمن يشاء من عباده »
وموقع بغداد موقع جميل ، إذ تقع على الضفة الغربية لنهر دجلة، والمواصلات بينها و بين الخليج العربي سهلة، وهي مكان وسط بين بلاد العرب و الشام وأرمينية وبلاد المشرق، وكانت تشرف على الكوفة ، وواسط والبصرة ..
وقد بذل المنصور جهده في تجميلها وجعلها عروس المدائن فبناها ، مستديرة الشكل ومد إليها الأنهار والجداول ، فصارت
تجرى في الشوارع والدروب صيفا وشتاء ، ثم بنى فى وسطها قصره المسمى بقصر الخلد والجامع الكبير ..
و يقال إنه انفق على بنائها نحو ثمانية عشر مليونا من الدنانير على قول بعض المؤرخين ، ونحو مائتي الف جنيه على قول آخر ، ولما تم بناؤها أحضر اليها المنصور العلماء من كل بلد ، و
، وأمها الناس أفواجا وازداد عمرانها حتى صارت سيدة البلاد ، ومهد الحضارة الاسلامية .
يقول الخطيب البغدادي في وصفها :
« لم يكن لبغداد في الدنيا نظير في جلالة قدرها ، وفخامة أمرها وكثرة علمائها وأعلامها، وتميز خواصها وعوامها ، وعظم أقطارها ، وسعة اطرافها، وكثرة دورها و منازلها، ودروبها ، وشوارعها ومحالها وأسواقها ، وسككها وأزقتها ، ومساجدها وحماماتها، وطرقها و خاناتها ، وطيب هوائها وعذوبة مائها ، وبرد ظلالها وأفيائها ، واعتدال صيفها وشتائها ، وصحة ربيعها وخريفها .... الخ »
وفى سنة 151 هـ بنى المنصور الرصافة على الضفة الشرقية لدجلة أمام بغداد لإبنه المهدى، ومد إليها الماء وغرس فيها البساتين وكان مثلها في بغداد ، مثل الجزيرة في القاهرة ..
(*11)
---------------------
🔹 محاولة المنصور استرداد الأندلس من يد عبد الرحمن بن معاوية الأموي
خرجت الدولة الأندلسية على الدولة العربية ، وانفصلت عنها ، وذلك ان عبد الرحمن بن معاويه بن هشام بن عبد الملك بن مروان ، استطاع أن ينجو بحياته من مذابح عام ١٣٢ ه وهرب إلى مصر ، ومنها إلى أفريقية ، ووصل إلى المغرب الأقصى، وبعد ان استمر يتنقل بين قبائل تلك البلاد لمدة ست سنوات ، دخل الأندلس سنة ١٣٨ هـ و انتصر على واليها إذ ذاك يوسف ابن عبد الرحمن الفهرى ، وأقام الدولة الأموية الثانية في الاندلس .
وفي عام ١٤٦ هـ حاول المنصور اخضاع الاندلس ، فأرسل اليها جيشا بقيادة أبي العلاء مغيث ، ونزل الجيش بالأندلس ، واشتبك مع عبد الرحمن في معركة بالقرب من إشبيلية ، ودارت الدائرة على الجيش العباسي فهزم ، وقتل قائده .
ولما علم المنصور بذلك قال : «أحمد الله الذي جعل بيني وبين صقر قريش هذه البحار الواسعة »
🔹 إضطراب ولاية أفريقية
وكانت أفريقية مصدر اضطراب دائم له ، إذكان أهلها من عرب
وبربر يميلون إلى تأييد العلويين ، فأرسل اليها المنصور أحد قواده المسمى الأغلب التميمي واليا عليها في سنة ١٤٨ هـ ، واشتبك مع الثوار في معارك كثيرة ثم قتله الخوارج في سنة 151 ه ، وخلفه عمر بن حفص ، وظل واليا لمدة ثلاث سنوات ،..
ثم قام الخوارج بفتنة أخرى ، واستولوا على القيروان ، وقتل عمر ، فغضب المنصور وأرسل اليها جيشا قويا بأمرة يزيد المهلبى ، فتغلب على الثائرين ، وقتل زعماءهم ، واستمر واليا على افريقية حتى مات فخلفه داود المهلبی ..
🔹 ثورات أخرى
قامت الثورات بعد ذلك في أرمينية وهراة ، ولكن الخليفة أوفد ابن خزيمة فقضى على الثوار وشتت شملهم ، وقامت ثورة أخرى في بلاد الموصل ، وانتشرت في فارس ووصلت إلى بلاد السند وناصرها الاكراد ، ولكن قوات الخليفة تغلبت على الثوار ..
وأرسل المنصور خالدا البرمكي حاكما على الموصل ، فأدار البلاد بحزم ، وأسكن الفتن ونشر لواء السلام بين ربوعها وكان قد أرسل إليها قبل ذلك ابنه جعفرا واليا عليها ، وأرسل معه حرب بن عبد الله نائبا له ، وقد سكن جعفر في قصر بديع لحرب ، وفيه ولدت ابنته زبيدة زوجة الرشيد فيما بعد
🔹 غارة الروم
وفي سنة 158هـ أغار البيزنطيون على آسيا الصغرى ، وخربوا قراها ، فأرسل إليهم الخليفة من ردهم على أعقابهم . وفرضت الجزية على الامبراطور البيزنطي، وكانت الجند والجيوش التي تتولى محاربة الروم تسمى الصائفة ، لأنها كانت لا تخرج للقتال إلا في الصيف ، لشدة برد هذه الجهات وكثرة ثلوجها ، واستحالة الزحف في طرقها في أثناء الشتاء . (*12)
#جواهر_الأدب_والتاريخ
-------------------------‐--‐------------------‐---------‐----------
إكمال الهامش بعد قليل إن شاء الله
(*1)انظر قيام الدولة العباسية حسن خليفة ص37 - 43
؛ ومحمد سهيل طقوش الدولة العباسية 45 - 55
(*2) انظر الدولة العباسية للشيخ محمد الخضري ص ٥٩
(*3) المرجع السابق نفسه ص ٦١ ؛ ٦٢
(*4) الدولة العباسية حسن خليفة ص٤٣
(*5) المرجع السابق حسن خليفة ص ٤٣-٤٤
(*6) حسن خليفة ص ٤٥-٤٦
(*7) الخضري المرجع السابق ص٦٣
(*8) الخضري ص ٦٤
(*9) حسن خليفة السابق ص ٤٦-٤٧
(*10) السابق نفسه ص ٤٧-٤٨
(*11) السابق نفسه ص ٤٨-٤٩
(*12) السابق نفسه ص ٤٩-٥٠
-------------------------‐--‐-----------------‐---------‐-----------
إرسال تعليق