تاريخ التتار الأول (17) إمبراطورية جنكيز خان

  تاريخ التتار الأول (17)

إمبراطورية جنكيز خان



----------------------------------
🔸الأدوار الخفية في سقوط بغداد
*سنقتبس هنا كما وعدناكم سابقا من كتاب (د. سلمان العودة ) كيف دخل التتر بلاد المسلمين .
---------------------------------------------------------------------
💥 دور إبن العلقمي الوزير العباسي الشيعي في سقوط بغداد :
هو أبو طالب مؤيد الدين محمد بن أحمد بن علي بن أبي طالب ابن العلقمي البغدادي الرافضي.
خفف من رافضيتـه (الصفـدي) حيـن قال:
♦ أظهـر الرفـض قليـلا. وبالغ في تسنن خصمه الدوادار حيـن قـال: إنه كان يتغالـى فيالسنة فخالف في ذلك غيره – كما سيتضح.
قال السبكـي:
♦كان شيعيا رافضيا في قلبه غل على الإسلام وأهله ♦.
تولى الوزارة للخليفة العباسـي (المستعصم) مدة أربع عشرة سنة أفشى خلافها الرفض فعارضتـه السنة فكبتها فتنمّـر .
وكان – كمـا قال ابن الأثيـر – :
♦رافضيا خبيثا رديء الطوية على الإسـلام وأهله♦ .
وقال في موضع آخر:
♦(كان شيعيا جلدا ورافضيا خبيثا)♦.
مولده في شهر ربيـع الأول سنـة إحدى وتسعيـن وخمس مائة، وهلك في أوائل سنة سبع وخمسين وست مائة هجرية.
🔸 موقف ابن العلقمـي وخطواته:
أما عن موقفه مع التتـر فهو موقف الخزي والعار؛ إذ سعى في دمار الإسلام وخراب بغـداد كما قال الصفـدي .
ومالأ على الإسـلام وأهله الكفـار حتى فعل مـا فعل بالإسـلام وأهلـه . وهو الذي حفـر للأمة قليـبا فأُوقِـع فيه قريبا – كمـا قال الذهبـي .
المكاتبـة:
لقد كاتب ((هولاكو)) وجسّـره وقوى عزمه على قصد العـراق ليتخـذ عنده يـداً وليتمكـن من أغراضـه(3).
بل لقـد جر هولاكو وقرر معه أمورا انعكسـت عليه .
واستخدم في هذه المكاتبات شتـى الحيـل وبلغ نهاية المكـر، قد حكي أنه لمـا كان يكاتب التتـار تحيّـل مرة إلى أن أخذ رجلا وحلق رأسـه حلقـا بليغـا وكتب ما أراد عليه بوخز الأبر كمـا يفعل بالوشـم، ونفـضعليه الكحـل وتركه عنده إلى أن طلع شعره وغطى ما كتب فجهزه وقال: إذا وصلت التتـر مرهم بحلق رأسك ودعهم يقـرأون ما فيه، وكان في آخـر الكلام: قطِّعوا الورقـة، فضربت رقبته، وهذا غايـة في المكر والخـزي – كمـا قال الصفـدي.
🔸الخطـوات السابقـة قبل غزو بغداد :
لم تكن سياسة المكاتبـة مع التتـر هي الأولـى في هذا السياق، بل سبقتها خطـوات مهَّـدت لها وكانت بمثابـة الأرضيـة والمقـدمة لما بعدها؛ فقـد اتخذ ابن العلقمـي سياسة خبيثة – في إضعـاف جيش الخلافـة ساهمت في دخـول التتـر بغـداد دون مقاومـة تذكـر،
🔼 إضعاف وتسريح جيش الخلافة :
إذ اجتهد قبتل مجيء التتـر في صرف الجيـوش وإسقاط اسمهم من الديـوان وصرفهم عن إقطاعاتهم، ونجح في ذلك إذ كانت العساكـر في آخر أيام المستنصر قريبا من مائة ألف – منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسـر – فلم يزل ابن العلقمـي مجتهدا في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشـرة آلاف في أواخـر أيام المستعصم .
ويقـول الذهبـي: ♦(استوزر (المستعصم) ابن العلقمـي الرافضـي فأهلك الحرث والنسـل، وحسّـن له جمـع الأمـوال، وأن يقتصـر علـىبعض العساكـر، فقطع أكثـرهم ♦.
وبلغت حالة الجيش وعساكر الخلافـة بالذات مبلغا من الـذل والهـوان، حتى استعطى كثير منهم في الأسواق وأبواب المساجـد، وحق للشعراء أن ينشـدوا فيهم الشعـر ويرثوهـم بالقصائد، وينعـوا على الإسلام وأهلـه .
وكـان ذلك بسبب سياسة هذا الرافضي المغرض الذي عبـر عن سياسته وأثـر وزارته على المستعصم ابن كثيـر حين قال:
♦(إنه لم يعصم المستعصم في وزارته، ولم يكن وزير صدق ولا مرضي الطريقة)♦.
وقال في موصع آخر: (إنه كان وزيـر سـوء على نفسه وعلى الخليفة وعلى المسلمين) .
🔼 مكاتبته التتار :
فلما تحقق لابن العلقمـي ما أراد، كاتب التتـار وأطمعهم في أخذ البـلاد وسهل عليهم ذلك، وحكـى لهم حقيقة الحـال، وكشـف لهم ضعـف الرجـال .
وهكـذا تبـدو سياسة ابن العلقمـي بعيـدة الغـور سيئة القصد، ولا يحيق المكـر السيء إلا بأهله – كمـا سيتضح بعد .
🔼 وكانت الخطوة الثالثة : الغدر بالقضاة والفقهاء وقتل الخليفة:
ولم تقف سياسة ابن العلقمي عند هذا الحد، فقد بادر بإتخـاذ الخطـوة العملية حين قدم التتـار، وكان أول من بـرز إليهم فخـرج بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه فاجتمع بهولاكو ثم عاد فأشـار على الخليفة بالخروج إليه والمثـول بين يديه لتقـع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه للخليفة،
فخرج الخليفة في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والصوفية ورؤساء الأمراء والدولة والأعيـان، فلما اقتربوا من منزل هولاكو حُجِبو عن الخليفة إلا سبعة عشر نفسا خلص بهم الخليفة، وأنزل الباقون عن مراكبهم ونهبت، وقتلوا عن آخرهم،
وأحضر الخليفة بين يدي هولاكو فسأله عن أشياء كثيرة، ويقال إنه اضطرب في كلامه من هول ما رأى من الإهانات والجبروت، ثم أعيد إلى بغـداد تحت الحوطة والمصادرة يحيط به الطوسـي وابن العلقمـي الرافضيان،
ونهب من دار الخلافـة أشياء كثيرة من الذهـب والحلي والأشياء النفيسـة، ثم أشـار هؤلاء الرافضة على هولاكـو بعدم مصالحة الخليفة وقال الوزير: متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاما أو عامين ثم يعود الأمـر إلى ما كـان قبل ذلك، وحسنـوا له قتله،
ويقال إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمـي، ونصير الدين الطوسـي، فلما عاد الخليفة إلى هولاكو أمر بقتله.
ويقال إن الخليفة قتـل رفسا وهو في جوالق لئـلا يقع على الأرض شيء من دمه فيؤخـذ بثـأره وقيل بل خنق، ويقال إنه أغـرق. والله أعلم .
-----------------------
💥 أسباب تآمر ابن العلقمي:
ويبقـى بعد ذلك السـؤال المهم: لماذا فعل ابن العلقمـي ما فعل وأحـل بدار الخلافة ما حـل ؟
وإجابة السؤال تتضح من خـلال منظوريـن، عام، وخاص، وإليك البيـان:
🔼 المنظور العـام:
أما العام فخلاصتـه خبث طوية الروافـض بشكل عـام على أهل السنـة وتظرف معتقدهم فيهم، وعدم تحرجهم من التعـاون مع الكفـار على إبـادة المسلمين السنـة،
ويكشـف لنا هذه الحقيقـة بجـلاء شيخ الإسـلام ابن تيمية في أكثر من كتـاب، وفي أكثر من موضـع في الكتـاب
الواحد.
وينقـل من معتقداتـهم أنهم يكفـرون كل من اعتقد في أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار العدالة أو ترضيّ عنهم كمـا رضي الله عنهم ... ويستحلون دمـاء من خـرج عنهم، ويسمـون مذهبهم مذهب الجمهور ...
ويـرون في أهل الشـام ومصر والحجـاز والمغـرب واليمن والعراق والجزيـرة وسائـر بـلاد الإسلام أنه لا يحل نكاح هؤلاء ولا ذبائحهم ... ويرون أن كفر هؤلاء أغلظ من كفر اليهود والنصارى لأن أولئك عندهم كفـار أصليون وهؤلاء مرتدون ...
👌ولهذا السبب – كما قال ابن تيميـة : –
♦ يعاونـون الكفـار على الجمهور من المسلمين؛ فيعاونون التتـار على الجمهـور، وهم كانـوا من أعظم الأسباب في خروج جنكيز خان ملك الكفـار إلى بلاد الإسـلام وفي قدوم هولاكو إلى بلاد العراق، وفي أخذ حلب ونهب الصالحيـة وغير ذلك بخبثهم ومكرهم لمـا دخل فيه من توزر منهم للمسلمين وغير من تـوزر منهم ♦.
وقال أيضا:
♦(وهؤلاء – يعني الرافضة – من أعظم من أعان التتـار على المسلمين باليـد واللسـان، بالمؤازرة والولاية وغير ذلك؛ لمباينـة قولهم لقول المسلمين واليهود والنصارى، ولهذا كان ملك الكفـار هولاكو يقـرر أصنامهم)♦.
🔹ونقـل أيضا أن الرافضة – بشكل عام – من أهل الجبـل، والجرد، والكسروان، وأهل جزين وما حواليها وسائـر أهل هذا المذهـب فرحوا بمقدم التتـار إلى بـلاد المسلمين ...
ويربـط ابن تيميـة بين موقـف الرافضـة بشكل عام من أهـل السنـة وموقف ابن العلقمـي وأمثاله بشكل خاص ويكشف عن عوامـل ذلك فيقـول:
♦(والرافضـة تحب التتـار ودولتهم لأنه يحصـل لهم بها من العـز ما لا يحصل بدولة المسلمين، والرافضـة هم معاونـون للمشركين واليهـود والنصارى على قتال المسلمين،
وهم كانـوا من أعظم الأسباب في دخـول التتـار قبل إسلامهم إلى أرض المشرق بخراسـان والعراق والشام، وكانوا أعظم الناس معاونة لهم على أخذهم لبـلاد الإسلام وقتل المسلمين وسبي حريمهم،...
وقضية ابن العلقمـي وأمثاله مع الخليفة، وقضيتهم في حلب مع صاحب حلب مشهورة يعرفها عموم الناس... وإذا غلب المسلمون النصارى والمشركيـن كان ذلك غصة عند الرافضـة، وإذا غلب المشركـون والنصارى المسلمين كان ذلك عيدا ومسـرة عند الرافضـة) ♦
وفي (منهاج السنة) قال شيـخ الإسلام ابن تيميـة يرحمه الله
♦(وكثيـر منهم – يعني الروافـض – يواد الكفـار من وسط قلبه أكثـر من موادته للمسلمين، ولهـذا لمـا خرج التـرك الكفـار من جهة المشـرق وقتلوا المسلمين وسفكـوا دماءهم ببـلاد خراسـان والعـراق والشـام والجزيرة وغيرها كانت الرافضة معاونة لهم على المسلمين، ..
وكذلك الذين كانـوا بالشـام وحلب وغيرهما من الروافـض كانـوا أشد الناس معاونـة لهم على قتـال المسلمين ... إلى أن يقول: فهم دائمـا يوالـون الكفـار من المشركيـن واليهود والنصـارى ويعاونونهم على قتـال المسلمين ومعاداتهم)♦.
🔼 السبب الخـاص:
فإذا اتضح المنظـور العام أمكن فهم السبب الخـاص في موقف ابن العلقمـي مع التتـر في إطاره ولم يفصـل عنه، وقد ذكـر المؤرخون أن الذي حمل ابن العلقمـي على موقفه من التتـر أن أبا بكر بن الخليفة المستعصم والدويدار الصغير قد شـدا على أيـدي السنة حتـى نهب الكـرخ وتمّ على الشيعـة بـلاء عظيم، ...
فحنق لذلك ابن العلقمـي وأراد الثـأر بسيف التتـار من السنة وكاتـب هولاكو، وطمّعـه في العـراق،فجاءت رسل هولاكو إلى بغـداد، وفي الباطـن معهم فرمانات لغيـر واحد والخليفة لا يـدري ما يتم .
ونقـل الذهبـي – في إطـار العلاقـات السريّـة المشبوهة أنه قدم إلى بغـداد رسـولان من التتـر واجتمعا بابن العلقمـي وتعمّت الأخبـار .
وقال الصفـدي :
♦فحصل عنـده – بسبب ذلك – من الضغن ما أوجب له أنه سعـى في دمـار الإسلام وخراب بغـداد على مـا هو مشهـور أنه ضعف جانبه وقويـت شوكـة الدوادار بحاشيـة الخليفة حتى قال في شعره:
وزير رضـي من بأسـه وانتقـامه
بطي رقاع حشـوها النظم والنثر
كمـا تسجع الورقاء وهي حمامـة
وليس لها نهي يطاع ولا أمـر
وقال ابن كثيـر:
♦ (ولمـا كـان في السنة الماضيـة "يعني سنة خمس وخمسين وستمائة" كـان بين أهـل السنة والرافضـة حـرب عظيمة نهبت فيها الكـرخ ومحلة الرافضـة حتـى نهبت دور قرابـات الوزيـر (ابن العلقمـي) فاشتـد حنقه على ذلك فكـان هذا ممـا أهاجه على أن دبّـر علىالإسلام وأهله ما وقع من الأمـر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغـداد وإلى هذه الأوقـات)♦.
وربمـا اجتمع إلى هذه وتلك الوعـود الطيبة التي بذلها (المغـول) وأغرت (ابن العلقمـي)، والوفـاق والتعاون مع نظيـره في المعتقد والتعصب (الطوسـي) والذي أصبح وزيرا لهولاكو .
---------------------
😭 المكـر السيء يحيق بأهله :
ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، ودخل التتـار وجندهم بغداد ووقع ما وقع من الظلم والفسـاد وسفك الدمـاء وهتك الأعـراض، ولم يكن ابن العلقمـي بعيدا عن ذلك كله ولا سالما منه ألبتة،
وقد أحسن الظـن الذهبـي في تعبيره وكان دقيقا في وصف حالته حين قال:
♦(وحفـر للأمة قليبا فأُوقِـع فيه قريبا، وذاق الهـوان، وبقي يركب كديشا وحده بعد أن كانت ركبته تضاهي موكب السلطان؛ فمات غبنا وغما، وفي الآخـرة أشد خزيـا وأشد تنكيـل )♦.
ونقـل الصفـدي :
♦ندم (ابن العلقمـي) حيث لا ينفعه النـدم – وكان كثيـرا ما يقول: وجرى القضـاء بعكس ما أمّلته – لأنه عومـلبأنواع الهـوان من أراذل التتـار والمرتدة؛ ....
حكـي أنه كـان في الديوان جالسا فدخل بعض التتـار ممن لا وجاهة له راكبا فرسه، فساق إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير وخاطبه بما أراد، وبال الفرس على البساط وأصاب الرشاش ثياب الوزير وهو صابر لهذا الهـوان يظهر قـوة النفس وأنه بلغ مراده ...♦.
ولم تكن الشيعة بشكل عام – وهم أهله وعشيرته – بمنأى عن هذه الجرائم والمآثـم، وعجيب أن يكون حنقه على أهـل السنة، وحميته للشيعة تبيح له ذلك كله.
ويروى أن بعض أهل بغـداد قال له:
♦( يا مولانا أنت فعلت هذا جميعه وحميت الشيعة حميّة لهم، وقد قتل من الأشراف الفاطميين خلق لا يحصـون، وارتكب من الفواحش مع نسائهم وفضّـت أبكارهم مما لا يعلمه إلا الله تعالى، فقال: بعـد أن قتل الدوادار ومن كـان على مثل رأيه لا مبـالاة بذلك )♦.
ويقـول ابن الوردي:
♦ (أراد ابن العلقمـي نصـرة الشيعـة فنصـر عليهم، وحـاول الدفـع عنهم فـدفع إليهم، وسعـى ولكـن في فسادهم، وعاضـد ولكن على سبـي حـريمهم وأولادهم، وجـاء بجيـوش سلبـت عنهم النعمـة ونكبـت الإمـام والأمـة، وسفـكـتدمـاء الشيعة والسنة)♦.
🔹وأخيـرا ذهب ابن العلقمـي ضحية ما اقترفته يـداه، ومـات بعد دخول التتـر بغـداد بثلاثة أشهـر غما وغبنا. ويقال إن امـرأة رأته وهو في الذل والهـوان وهو راكب في أيام التتـر برذونا وهو مرسم عليه، وسائق يسوق به ويضـرب فرسه فوقفت إلى جانبه وقالت له: يا ابن العلقمـي، هكـذا كان بنو العبـاس يعاملونك ؟ فوقعت كلمتها في قلبه وانقطع في داره إلى أن مـات كمدا وغبينة وضيقا وقلة وذلة. 😭
وبلغ إذلال (التتـر) له أن جعلوه تابعا لشخص يدعـى (ابن عمران) كـان خادما في دولة المستعصـم.
بل نقـل (النويـري) ما هو أشـد من ذلك، إذ استدعـاه (هولاكو) فلما مثـل بين يديه سبّـه ووبخه على عـدم موافاته لمـن هو غذي نعمته، وأمـر بقتله فقتـل،
وقيل لم يقتله وذكر (السيـوطي) أنه صار معهم في صـورة بعض الغلمـان، وأنه مـات كمـدا .
---------------------------------------
🔴 إنكار الحقائق حول ابن العلقمي خلل في المنهج:
وعلى الرغم من وضوح الحقيقة، وتضافر المصادر على ذكر هذا الموقف المخزي لابن العلقمـي، فثمة آراء غريبة لبعض الشيعة المعاصرين تحـاول توهين الحقيقة، وتظـن بذلك أنها تدفع عن الشيعة عـار هذا الموقـف وخزيه،
ولكـن الحقيقة فوق هذا التوهـين ، وهي من الثبـوت في مصادر الشنة والشيعة أيضا بحيث لا تقبـل النقض والإبـرام، وإليك نموذجـا لهؤلاء:
يقول الدكتـور القفـاري:
♦(ومن الغريب أنه نبتت نابتة في هـذا العصـر من الروافـض وحاول توهين القصـة، وحجته أن الذين ذكروا الحادثة غير معاصرين للواقعة،
وحينما جـاء على من ذكر الحادثة من معاصريها مثل أبي شامة شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيـل ت665هـ كان جوابه عن ذلك بأنه وإن عاصر الحادثة معاصـرة زمانية لكنه من دمشق فلم تتوفر فيه المعاصرة المكانية)♦.
و يقـول الدكتـور القفـاري:
♦(ثم بحثت في كتب التاريخ فوجدت شهادة هامة لأحد كبـار المؤرخين تتوفر فيه ثلاث صفـات:
1_ أن الشيعة يعتبـرونه من رجالهم.
2- أنه من بغـداد.
3- أنه متوفـى سنة 674هـ؛
فهو شيعـي بغـدادي معاصر للحادثة ذلك هو الإمام الفقيه علي بن أنجـب المعروف بابن الساعي الذي قـال:
♦(... وفي أيامه – يعني المستعصم – استولت التتـار على بغـداد وقتلوا الخليفة وبه انقضت الدولة العباسيـة من أرض العـراق، وسببه أن وزيـر الخليفة مؤيـد الدين ابن العلقمـي كان رافضيـا ...) ♦.
على أن إنكـار الحقائق ليس سمـة الشيعة المعاصـرين فحسب بـل سبقهم إلى ذلك الشيعة التقدمون ؛
فهـذا (ابن العلقمـي) العلـوي ألف كتابه (الفخـري في الآداب السلطانية) سنة 701هـ في الموصل، ودافـع بحمـاس عن موقف ابن العلقمـي، بل غالى في الثنـاء على دولة المغـول بشكل مثيـر أبعـده عن الإنصاف كمـا يقول الزركلـي.
وممـا قاله في سبيـل الدفـاع عن موقف ابن العلقمـي: (ونسبه الناس إلى أنه خامـر، وليس ذلك بصحيـح، ومن أقـوى الأدلة على عدم مخامرته سلامته في هذه الدولة؛ فإن السلطـان هولاكو لمـا فتح بغـداد وقتل الخليفة سلم البلـد إلى الوزيـر وأحسـن إليه وحكـَّمه، فلو كان قـدخامـر على الخليفة لمـا وقع الوثـوق إليه) ♦.
ويظهـر للمتأمـل أن هذا الدليل من علائـم التهمة والمواطـأة لا من دلائل البـراءة والنـزاهة، ولكن (ابن الطقطقـي) لا يقف عند هـذا الحـد، بل يسـوق روايـة تفيد أنه ظـل وفيّاَ للمستعصم إلى آخـر لحظة، وأنه لم يلبِّ دعـوة هولاكوا إلا تحت ضغط الخليفة !.
وقد سبـق بيان مـا يكشف تهافت هذه الآراء والمرويات، ومع ذلك فقـد تصـدى الدكتـور الصياد للرد على ابن الطقطقـي وممأ قاله:
♦(إذا كان صاحب "الفخـري" قد دافع بحـرارة عن موقف ابن العلقمـي وسعى جاهدا لدفع تهمة الحيـانة عنه، فمـا ذلك إلا لأنه شيعي مستنيـر أحس بفداحـة الجـرم الذي أقدم عليه صاحبه ...
إذ كان بتصرفه هذا عاملا هاما في ضياع دولة وذهاب شخصية لها مقـام ديني كبير في نفـوس المسلمين، خصوصا وأن هذا التحـول الخطير قد تم على أيدي قوم من الكفـرة، ثم أن النكبة لم تكـن مقصورة على أهل السنة وحدهم بل كانت عامة شاملة قاسـى منها أهل السنة وأهل الشيعة..)♦.
🔹ويبقـى بعد ذلك ردّ الشيعة بعضهم على بعض وتضـارب آرائهم دليـلا لا يستطيع الشيعة رفضـه بحجة أنه من خصومهم أهل السنة؛
فهـذا ((الششتـري)) ت1019هـ القاضـي – وهو مؤرخ شيعي كبير – يعترف صراحة بدور الرافضـة في سقوط بغـداد ويقول:
♦ (إن ابن العلقمـي كاتب هولاكو، والخواجـة نصير الدين الطوسـي وحرضهما على تسخير بغـداد للإنتقام من العباسيين بسبب جفائهم لعتـرة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم وآله) ♦.
وبمثـل ذلك يمكن إسقاط محـاولات الدفاع والتبرير الساذج عند ((أغابزرك الطهرانـي)) الذي قال:
♦ (... ولو لم يكـن دهـاء ابن العلقمـي لمـا اختلف مصير بغـداد عن مصير (تيسفـون) التي انقطع عنا جل أخبارها)♦ .
👌 وبهـدا يتبين تهافت هذا الإنكـار، وتضافر كتب الشيعـة مع كتب السنـة على إثبـات دور ابن العلقمـي في سقـوط بغـداد ودخول التتـار. هذا فضـلا عن ثبوته في المصادر الأوربية.😐😐
----------------------------------------------------------------------
دور نصيـر الدين الطوسـي

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم

التاريخ الاسلامى

2/recent/post-list