تاريخ العصر المملوكي .. (8)
------------------------------------------------------------
🔹️ ملخص ماسبق
كان أيبك أحد المماليك الصالحية، لكنه لم يكن من طائفة المماليك البحرية، ولا أكبرهم سنا أو أقدمهم خدمة أو أقواهم نفوذا، لكنه اشتهر بین المماليك بدين وكرم وجودة رأي.
وقد دلت الحوادث دلت على أن أيبك رجل يمتاز بصفات
السياسة والحزم والشجاعة ، ولم يكن ضعيف الشخصية كما يصوره بعض المؤرخين.
تولى المعز أيبك السلطنة المملوكية البحرية ليجد نفسه أمام أربعة أخطار جسيمة .
الخطر الأول الخارجي كان الخطر الأيوبي ممثلا في الأمراء الأيوبيين بالشام وعلى رأسهم الملك الناصر یوسف صاحب حلب ودمشق ؛ وإصرارهم على الزحف نحو مصر لاستخلاصها من أيدي المماليك
والخطر الثاني الخارجي تمثل في الصليبيين الطامعين في مصر .
وتمثل الخطر الداخلي الأول، بالانتفاضة الشعبية ضد الحكم المملوكي بشكل عام .
وأما الخطر الداخلي الثاني فقد شكلته شجرة الدر بشكل أساسي ؛ والمماليك البحرية على رأسهم فارس الدين أقطاي .
اتصل الناصر يوسف بالملك لويس التاسع المقيم في عكا منذ إطلاق سراحه من محبسه في المنصورة ، وعرض عليه مقابل مقابل مساعدته في غزو مصر ؛ تسليمه بیت المقدس.
أرسل أيبك إلى الملك لويس تهديدا بقتل أسرى الصليبيين بمصر إن قام بأي عمل عدائي ضده . وقد أبدى له استعداده للتنازل له عن نصف الفدية المقررة في دمياط، إن تحالف معه ضد الناصر يوسف ؛ غير أن الملك لويس التاسع فضل أن يقف بين الفريقين موقف الحياد ، وان يستغل نزاعهما لصالحه .
ولما يئس الناصر يوسف من مساعدة لويس التاسع ، زحف بجيوشه نحو مصر ، وسارع أيبك للقائه ، ولكنه خشى في الوقت نفسه أن يقوم الصليبيون بهجوم مفاجيء على مصر ، فأمر بهدم مدينة دمياط هدفهم المفضل دائما ..
التقى المماليك بالأيوبيين عند بلدة العباسية بين مدينتي بلبيس والصالحية ، في ٣ فبراير سنة ( ۱۲٥١ م)، انتصر فيها الملك الناصر أول الأمر ، ولكن فرقة من مماليكه ، وهم العزيزية ، خذلوه وانضموا إلى المماليك البحرية ففر الناصر ومن معه من أبناء البيت الايوبي إلى الشام منهزمين.
فضل لويس التاسع ، بعد أن رأى انتصار الجانب المصري ان يستجيب لعروض أيبك ويترك سياسة الحياد وفي مایو سنة (۱۲٥٢ م) اتفق أيبك ولويس التاسع على القيام بحملة مشتركة لطرد الناصر يوسف من الشام.
إحتل لويس مدينة يافا ، بينما تقدم المماليك بقيادة أقطای نحو غزة ، غير أن الملك الناصر يوسف ، الذي علم بأخبار هذا التحالف ، سبقهم الى احتلالها بقوة حربية كبيرة ، فاستطاع أن يحول دون اتصال المماليك بحلفائهم الصليبيين ، ويفسد عليهم خطتهم المشتركة .
توسطالخليفة العباسي المستعصم ، وتمكن رسوله نجم الدين البادرانی من عقد صلح بينهما في أبريل سنة( ۱۲٥٣م / ٦٥١ ه ) على ان يكون للمماليك مصر وجنوب فلسطين بما في ذلك غزة وبيت القدس ؛ بينما تظل البلاد الشامية في يد أصحابها من أبناء البيت الأيوبي .
ويبدو أن العرب احتقروا المماليك، ورفضوا أن يخضعوا لحكمهم بسبب أصلهم غير الحر ، واعتبروا أنهم أحق بالملك منهم، وقد اتخذ رفضهم شكل ثورة مسلحة تزعمها الشريف حصن الدين بن ثعلب .
وأقام "الشريف حصن الدين" دولة عربية مستقلة في مصر الوسطى وفي منطقة الشرقية بالوجه البحري؛ واتصل بالملك الناصر يوسف ، وطلب مساعدته في محاربة المماليك لكن الأخير كان منشغلا .
استعان أيبك بالمماليك البحرية في التغلب على ثورة العرب، فازداد نفوذهم وارتفعت مكانة زعيمهم فارس الدين أقطاي. .
منذ إنتصارهم السابق على الأيوبيين ؛ وجاء انتصار أقطاي على العرب ليزيد من مكانته، حتى أضحى وقوع الصدام بينهما محتما .
ولتوجس أيبك من المماليك البحرية و أقطاي ؛ اتخذ عددا من الخطوات :
1▪︎ فقد أنشأ لنفسه فرقة من المماليك عرفوا بالمعزية نسبة إلى لقبه الملك المعز.
2▪︎ إنه عین مملوکه قطز نائبا للسلطنة .
3▪︎أنه أخرج المماليك البحرية من ثكناتهم في جزيرة الروضة، وكان قد عزل شريكه الصغير في الحكم الطفل الأشرف موسی وانفرد بالسلطنة، فبدا في صورة السلطان القوي .
ذهب أقطاي بعيدأ حين راح يهاجم أيبك، ويبالغ في تحقيره في مجلسه ولا يسميه إلا "أيبكة"، وانتحل لنفسه في مواكبه ومجالسه بعض الشعارات السلطانية، ثم تطلع نحو السلطنة، وسانده أتباعه البحرية لتحقيق أمنيته، فلقبوه بالملك الجواد.
وخطب أقطاي إحدى أميرات البيت الأيوبي، وهي ابنة المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة ، فأضحى له سند شرعي في الحكم .
استدرج أيبك أقطاي صباح يوم الاثنين في (۱۱ من شهر شعبان عام ٦٥٢ ه/ ۲۷ من شهر أيلول عام ۱۲٥٤ م) إلى القلعة بحجة استشارته في أمر مهم ... وكان قد اتفق مع مماليكه المعزية على اغتياله .
فما كاد يدخل باب القلعة حت هاجمه المماليك المعزية، ومنهم الأمير قطز ، وانقضوا عليه وقتلوه بسيوفهم؛ فهرع سبعمائة من ممالیکه لإنقاذه ظنا منهم أنه لم يقتل بعد ، لكن أيبك ألقى إليهم برأس زعيمهم، فأدركوا عندئذ أنهم أمام رجل قوي وأنه لا مقام لهم في مصر .
ولخشية أن يبطش بهم أيبك هرب منهم من استطاع الفرار إلى بلاد الشام، لدى الأيوبيين ، كما التجأ مائة وثلاثون منهم إلى سلطنة سلاجقة الروم في آسيا الصغرى .
-------------------------------‐------------------------------------
🔸️ لقد بدت هذه الحركة، التي نفذها أيبك ضد المماليك البحرية وعلى رأسهم زعيمهم أقطاي، وكأنها خطوة نحو إعادة توحيد القوى لحل مشكلة الحكم، لكن الحقيقة كانت غير ذلك لثلاثة أسباب :
▪︎الأول :
قسم مقتل أقطاي المماليك إلى قسمين يتربص كل منهما بالآخر، هما المماليك البحرية والمماليك المعزية. وقد عانت البلاد من فوضى التقسيم هذا في الوقت الذي بدت فيه أخطار المغول تقترب من البلاد الشامية ومصر .
الثاني :
▪︎ لقد تعرض أيبك لمن تبقى من البحرية في مصر، فقتل بعضهم وسجن البعض الآخر، كما صادر أموالهم ونساءهم وأتباعهم، وهدد كل من يخفي أحدا منهم .(*1)
▪︎الثالث :
لقد ظل المماليك، الذين فروا إلى بلاد الشام، يسببون المتاعب
لأيبك بفعل أنهم حثوا الزعماء الأيوبيين وعلى رأسهم الناصر يوسف على مهاجمة مصر (*2)
و قد رحب الأخير صاحب دمشق وحلب بالفارين عسى أن يستغل قضيتهم لصالحه، لاستعادة ما استقطع منه من المناطق الفلسطينية مثل بيت المقدس وساحل فلسطين وفقاً لاتفاقية عام (651هـ/ 1253م) المعقودة بينه وبين السلطان المملوكي أيبك ، بالإضافة إلى ذلك فإنه أمل في تعميق الهوة بينهم وبين أيبك .
وطلب الناصر يوسف من أيبك إعادة المناطق التي أخذها منه وفقاً للاتفاقية المذكورة لإعطائها للمماليك البحرية كإقطاع باعتبارها كانت بحوزتهم في الماضي، وبذلك يكون قد أرضاهم، وأبعدهم عن مصر .
ويبدو أن أيبك ظن أن الناصر يوسف يخدعه بهدف اتخاذهم ذريعة لمهاجمة مصر، مرة أخرى، لذلك رأى أن يتصرف على محورين :
▪︎الأول :
أنه أعاد فعلا البلاد المذكورة إلى الملك الناصر الذي منحها
للمماليك البحرية الذين استقروا في خدمته (*3) .
▪︎الثاني :
إنه تهيا للخروج من القاهرة إلى الحدود المصرية للتصدي للتحالف الجديد إذا ما هاجم أفراده الأراضي المصرية، وعسكر بالقرب من بلدة العباسة .
وفعلا، كان ظن أيبك في محله، فقد خرج الناصر يوسف والمماليك البحرية من دمشق باتجاه مصر، وعسكروا في تل العجول قرب غزة، لكن الأمر انتهى بتدخل الخليفة العباسي مجدداً، فأرسل نجم الدين البادرائي للتوسط بين الطرفين، ونجح في تجديد معاهدة الصلح على أن :
▪︎- يستعيد أيبك ساحل بلاد الشام .
▪︎ـ ألا يؤوي الملك الناصر أحداً من المماليك البحرية(*4) .
ويبدو أن المماليك البحرية علموا مبكراً بأمر هذا الاتفاق فغادروا إلى الكرك للاحتماء بالملك الأيوبي مغيث الدين عمر
(*5)
ومن جهة أخرى، كتب أيبك إلى سلاطين سلاجقة الروم يحذرهم من البحرية وتذبذبهم (*6) ، فخشي أهل الحكم عاقبة الأمر، فاستدعوهم ليطلعوا منهم على حقيقة الوضع. ودار بين الطرفين حوار مثمر تمكن بنهايته الأمير علم الدين سنجر، المتحدث باسمهم، من تبديد مخاوف سلاجقة الروم، وسمح لهم هؤلاء باستمرار الإقامة في بلاد الروم واستخدموهم عندهم .(*7)
والراجح أن أيبك لم يخش تضامن الفارين مع سلاجقة الروم نظراً لبعد.المسافة بينه وبينهم، لكن مخاوفه كان مبعثها من إقدام المغيث عمر على غزو مصر مقتدياً بالناصر يوسف . وحتى يدعم موقفه ذلك ، كتب إلى الخليفة المستعصم يطلب
منه التقليد والخلع السلطانية أسوة بمن تقدمه من ملوك مصر
(*8) ، وسعى في نفس الوقت في تعطيل خلعة الملك الناصر يوسف صاحب حلب ودمشق (*9) ، رغم ما بينهما من حلف ، اذ خشى ان تتحرك اطماع الناصر من جديد بعد وصول الخلعة الخليفية اليه .
🔹️ أيبك و شجرة الدر
الواقع أن شجرة الدر عندما قررت الزواج من عزالدين أيبك، إنما أرادت أن تتظاهر بالتخلي عن السلطنة لترضي شعور المسلمين، لكنها صممت منذ اللحظة الأولى على الاحتفاظ بسلطانها والتحكم في زوجها وفي شؤون الدولة .
وفعلا أحكمت هذه السلطانة سيطرتها على زوجها وأرغمته على هجر زوجته.الأولى أم ولده علي، ومنعته من زيارتهما (*10) .
ولم يلبث المعز أن سئم الحياة مع زوجته، وخشي على نفسه من غدرها وتفاقمت الخلافات بينهما بمرور الوقت خاصة عندما علمت أن زوجها عزم على الزواج من ابنة الأتابك بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ، فشكلت هذه القضيةبداية النهاية لعهد أيبك . (*11)
ويظهر أن أيبك أخذ يشعر بما بين زوجته شجر الدر والمماليك البحرية بالكرك من مراسلات و اتفاقات ، فعزم على الزواج من غيرها ، فأرسل سنة 1256م الى بدر الدين لؤلؤ (*12) الأتابكى صاحب الموصل يطلب اليه حلفا زواجيا لم يعلم عنه إلا ما تداولته المراجع من خطبة أيبك لإبنة بدر الدين (*13)
وليس من المعقول ان تكون الخطبة قاصرة على مجرد الرغبة في الزواج اذ ربما أراد من وراء ذلك الحلف معرفة تحركات المغول عن طريق صاحب الموصل ..
وكيفما كان الأمر فقد كانت هذه المسألة بداية الخاتمة لعهد أيبك ، لأن مضارة امرأة مثل شجر الدر ، وهي التي دلت على مهارة وقوة شخصية ايام الصليبيين، كان اسوأ من اللعب بالنار ...(*14)
ذلك أنه لما علمت شجر الدر بما بيته لها أخذت هي تتزعم حركة المعارضة الداخلية والخارجية لسلطنته، فقام بعض من بقى في مصر من البحرية بمعارضة مشروع الزواج، فقبض أيبك على عدد كبير ؛ منهم أيدكين الصالحي، وسيرهم لقلعة الجبل لسجنهم في الجب ...
فلما وصلوا الى قرب نافذة القصر السلطاني حيث سكنت شجرة الدر ، احنى الأمير أيدكين رأسه احتراما وقال بالتركية « والله ياخوند (*15) ما عملنا ذنبا وجب مسكنا ولكنه لما سير يخطب بنت صاحب الموصل ، ما هان علينا لأجلك ، فإنا تربية نعمتك ونعمة الشهيد المرحوم ( الصالـح أیوب ) ، فلما عاتبناه تغير علينا وفعل بنا ما ترين » .
فأومأت إليه شجر الدر بمنديلها بما معناه « قد سمعت كلامك » . وعندما نزلوا بهم الى الجب ، قال ايدكين « ان كان قد حبسنا فقد قتلناه » (*16).
ومعنى هذا أن شجر الدر كانت قد بيتت هي الأخرى لأيبك جزاءا وفاقا ، وأن قبضه على أولئك لم يكن لمجرد معارضتهم في الزواج ، بل لأنه علم بمؤامرتهم ، فأراد أن يقضي على الحركة كلها بالفصل بين أمراء المماليك وزعيمتهم •
غير أن شجرة الدر كانت قد دبرت ما لم يكن في الحسبان إذ أرسلت سرا أحد المماليك العزيزية إلى الملك الناصر يوسف بهدية ورسالة تخبره فيها أنها عزمت على قتل أيبك والتزوج منه وتمليكه عرش مصر ، ولكن الناصر أعرض عنها خوفا أن يكون في الأمر خدعة ، ولم يجبها بشيء (*17)
وعلم بدر الدين لؤلؤ بأخبار هذه المفاوضات السرية ، فبعث إلى أيبك ينصحه أن يأخذ حذره (*18) ، وخاف أيبك على حياته فترك القلعة وأقام بمناظر اللوق و صمم على قتل زوجته شجر الدر قبل ان تقضي عليه .
ويقال في هذا الصدد أن منجما أخبر أيبك بأنه سوف يموت قتيلا على يد امرأة (*19) ، ولا شك أن المنجم كان عليما ببعض ما يجرى من وراء ستـار ، إذ المعروف أن الزوجان أخذا يتسابقان في نسج المؤامرات بعد القبض على المماليك البحرية في القاهرة ...
وانتهى السباق بانتصار المرأة في ميدانها ، اذ أرسلت شجر الدر إلى أيك رسالة رقيقة تتلطف به وتدعوه بالحضور إليها بالقلعة ، فاستجاب لدعوتها وصعد إلى القصر السلطاني بالقلعة حيث أعدت له شجر الدر خمسة من الغلمان الأشداء لاغتياله، منهم محسن الجوجري ونصر العزيزي، وسنجر ، وكان آخرهم من مماليك اقطای (*20) .
وقد قام هؤلاء العلمان بما أمروا به وقتلوه في الحمام في ابريل سنة 1257م ( 650 هـ ) (*21) •
وأرادت شجر الدر أن تتفادي عواقب هذه الجريمة بأن تولى السلطنة أميرا يقبض على زمام الموقف وتختفى هي خلفه في الحكم ، فعرضت السلطنة على جمال الدين بن أيدغدى العزيزي وعز الدين أيبك الحلبي ولكنهما لم يجسرا على ذلك وامتنعا (*22) .
وفي اليوم التالي ذاع الخبر في المدينة فأسرع المماليك إلى القلعة ، وقبضوا على الخدم والحريم ، وبتعذيبهـم إعترفوا بحقيقة ما حدث .
وعندئذ حاول المماليك المعزية قتل شجر الدر ، ولكن المماليك الصالحية حالوابينهم وبينها وسعوا الى إنقاذها باعتقالها في البرج الأحمر بالقلعة (*23) ، فاحاط المماليك المعزية بالقلعة وأخذوا يتحينون الفرص لقتلها (*24)
وكان من المحتمل إنقاذ شجر الدر من الموت في ذلك
الوقت نظرا لحماية البحرية لها ، ولخدماتها الجليلة التي لم تنس بعد ، لولا أنها جلبت على نفسها حقد امرأة المعز الأولى وأم ولده علي" التي أخذت تتحرق شوقا للإنتقام من شجر الدر التي منعت زوجها من زيارتها وأرغمته على طلاقها ...
فأخذت هي وابنها يلحان في تحريض المعزية (*25) على
قتلها الى أن ضعفت معارضة الصالحية في النهاية وحملت شجر الدر إليها فأمرت جواريها بقتلها ...
وهنا يقول المقريزي : « فضربهـا الجواري بالقباقيب الى ان ماتت ، والقوها من سور القلعة إلى الخندق ، وليس عليها سوى سروال وقميص ، فبقيت في الخندق أياما ، وأخذ بعض أراذل العامة تكة سراويلها ، ثم دفنت بعد أيام وقد نتنت وحملت في قفة بتربتها قريب المشهد النفيسي »(*26)
ولقد تعصب المماليك المعزية لإبن سيدهم المدعو نور الدين على فأقاموه سلطانا في الأول سنة 655 هـ ( ١٢٥٧ م ) ولقبوه بالملـك المنصور وكان عمره وقتئذ خمسة عشر سنة (*27) .
واعترض المماليك الصالحية على سلطنته ، واتفقوا على سلطنة أتابك العسكر الأمير علم الدین سنجر الحلبي وحلفوا له (*28)
ولكن سرعان ما قبض عليه المماليك المعزية وسجنوه في الجب بالقلعة . عندئذ اضطرب خشداشيته من الصالحية ،
وخافوا أن تدور الدائرة عليهم ، فأمعنوا في الهرب الى الشام ، وخرج المماليك المعزية في أثرهم، وقبض على عدد كبير منهم (*29)
وأثار مسلك مماليك المعزية إستياء بعض الطوائف المملوكية الأخرى مثل الأشرفية،حتى أشيع أنهم اتفقوا على إزالة نفوذ المعزية من الدولة ، فما كان من المعزية الا ان قبضوا عـلى
الاشرفية ونهبوا دورهم (*30)
ولجأت الطوائف المملوكية من بحرية وغير بحرية ، التي سئمت الوضع في القاهرة إلى ملوك الأيوبيين بالشام ولا
سيما المغيث عمر صحب الكرك ، حيث أخذوا يحرضونه على أخذ مصر ملك آبائه وأجداده حتى استجاب لدعوتهم ، وسعى بمعونتهم في الاستيلاء على مصر ، وحاول ذلك مرتين ـ في سنة ١٢٥٧ م ( ذي القعدة سنة 650 هـ ) (*31) ، وفي سنة ١٢٥٨ م ( ربيع الاول سنة 656 هـ ) (*32)
ولكنه رد في كلتيهما خائبا مهزوما بفضل شجاعة نائب السلطنة الأمير سيف الدين قطز المعزي •
👌 وهكذا ، بدت الدولة وسلطانهـا صبى وهى لم تزل في دور
التكوين ، ولم تكن بحاجة الى ما يترتب على قيام الصغار من منافسات.ومؤامرات داخلية ، فضلا عما خفى وقتذاك من عوامل الخطر الخارجي مما كان أدهى و أعظم ، وهو الخطر المغولى •
--------------‐-----------------------------------------------------
الهامش لم يستكمل بعد فنرجو عدم النسخ و تعريض صفحاتكم للبلاغات من طرفنا #جواهرالأدبوالتاريخ
--------------‐-----------------------------------------------------
[☆1] انظر د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر
وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 49 - 51
[☆2] د. أحمد مختار العبادي ، قيام دولة المماليك الأولى طبعة دار النهضة ١٩٨٦ القاهرة ، ص 136 - 141
------------‐
(*1) المنصوري : ص٣٥. [ كتاب التحفة المملوكية فى الدولة التركية : تاريخ دولة المماليك البحرية فى الفترة من 648 -711 هجرية / تأليف بيبرس المنصورى ؛ نشره و قدم له و وضع فهارسه عبد الحميد صالح حمدان...بيبرس المنصوري، ت. 725 هـ ]
(*2) ابن عبد الظاهر : ص ٥٥.
(*3) النويري: ج۲۹، ص٤٣٤.
(*4) ابن عبد الظاهر : ص55 ـ 56. العيني: ج۱، ص۸۸.
المقريزي , السلوك : ج۱، ص۳۹۸.
(*5) النويري : ج۲۹، ص٤٣٤.
(*6) المقريزي: ج۱، ص۳۹۳.
(*7) المصدر نفسه، ص۳۹۸.
(*8) المصدر السابق نفسه .
(*9) ابو الفداء ـ المختصر في اخبار البشر ، ج ۳ ، ص ۲۰۰ نقلا عن العبادي ص١٣٦-١٣٧
(*10) عاشور : العصر المماليكي، ص۲۱
(*11) بدر الدين لؤلؤ هو لؤلؤ بن عبدالله النوري الملك الرحيم بدر الدين ابو الفضائل الأرمني الأتابكي صاحب الموصل كان في الاصل مملوكا لنور الدین ارسلان
شاه زنگی ، وترقى عنده حتى صار استاداره والحاكم في دولته ، وبعد.موت نور الدين سنة 607 هـ استقر في الملك بعده ولده القاهر مسعود ، وقام بدر الدين بتدبير ملكه . وبعد موت القاهرة ثم ولديه الصغيرين استقل بدر الدين بالملك سنة 631 ھ رسمی نفسه بالملك الرحيم واخذ يتقرب للخليفة الناصر لدين الله حتى بعث له الخلع والتقليد بالسلطنة . وقد رآه ابن واصل نفسه فوصفه قائلا ورايت من تجمله وعنايته بالرسل والواردين عليه ما لا رأيته عند ملك من المملوك » . ولم يزل بدر الدين مالكا للموصل وبلادها الى ان ملك التتر بغداد واستولوا على العراق والجزيرة سنة ١٢٥٨ م ( 656 هـ ) فتوجه بدر الدين الى هولاكو ملك التتر فاقره على ولايته ثم رجع الى الموصل فمات بها سنة ١٢٥٩ م ( ٦٥٧ هـ ) ـ
راجع ـ ( ابن واصل ـ مـفـرج الكروب ج ١ ، ص 166
و ٢١٤ ، ج ۲ ص ۸۹ ۲ و ۳۸۷ ) وراجع كذلك ( Ency. of lalam, Art. Loulou ) وكذلك( 163-162 .Lanc-Poole : Muham,) نقلا عن العبادي ص ١٣٧
(*12) المنصوري : ص39. النويري: ج۲۹، ص٤٥٦. العيني: جا ، ص١٤٠ - ١٤١.
(*13)المقريزي - السلوك ، ج1 ، ص 401 .
(*14) العبادي ص ١٣٧
(*15)الخوند لفظ ترکی او فارسي واصله خداوند بضم الخاء ومعناه السيد او الامير ويخاطب به الذكور او الاناث . انظر: ( المقريزي - السلوك، ج ١ ، ص ٢٢٤ حاشية رقم ٢ ) .
(*16) المقريزي - السلوك ، ج1 ص ٤٠١ – ٤٠٢ .
(*17 ؛ *18) المقريزي : السلوك ، ج1 ، ص ٤٠٢ ٠
(*19) المقريزي : السلوك ، جا ، ص ٤٠١
(*20) ابو المحاسن ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ، ج6 ، ص 376
(*21) هناك روايات عديدة مختلفة تصف الطريقة التي قتل بها السلطان أيبك وهي على كل حال روايات مثيرة تزيد من فظاعة الجريمة وقسوتها -راجع ( ابو المحاسن ـ النجوم الزاهرة ، ج6 ، ص 375 – 376 ) ،( ابن اياس - بدائع الزهور ، ج1 ، ص ۹۱ – ۹۲ ) ، و ( المقريزي - السلوك ، جا ، ص ٤٠٣ ) .
(*22) ابو المحاسن ـ نفس المرجع ، ج 6 ، ص 375
(*23) كان بالقلعة عدة ابراج منها البرج الاحمر الذي بناه الملك الكامل ويعرف اليوم باسم برج المقطم في الجهة الجنوبية من القلعة . راجـع( القلقشندی.صبح الاعشى ، ج ۳ ، ص ۳۷۳ ) ، ( النجوم الزاهرة ، ج6 ، ص 377 حاشية ) .
(*24) ابو المحاسن ـ النجو الزاهرة ، ج1 ، ص ۳۷۷ ، المقريزي -السلوك ، ج1 ، ص ٤٠٣
(*25) ابو المحاسن ـ النجوم الزاهرة ، ج 6 ، ص ۳۸۸ ۰
(*26) المقريزي - السلوك ، ج1 ص ٤٠٤
(*27 ; *28) أبو المحاسن - النجوم الزاهرة ، ج 6 ، ص 376
(*29) أبو المحاسن ـ النجوم الزاهرة ، ج۷ ، ص ٤٢ .
(*30) ابو المحاسن ـ النجوم الزاهرة ، ج۷ ، ص ٤٣ .
(*31) ابو المحاسن - النجوم الزاهرة ، ج۷ ، ص ٤٤ ، المقريزي -السلوك ، ۱۰ ، ص ٣٠٦ .
(*32) ابو المحاسن .. النجوم الزاهرة ، ج۷ ، ص 45 ، المقريزي -السلوك ، ج ١ ، ص ٤١١
إرسال تعليق