تاريخ الدولة الأموية (11) كتاب معاوية إلى عثمان رضي الله عنهما بشأن أهل الفتنة من الكوفة.

 تاريخ الدولة الأموية (11)



كتاب معاوية إلى عثمان رضي الله عنهما
بشأن أهل الفتنة من الكوفة.
🔸مقتل عثمان رضي الله عنه .
-----------------------------------------------------
كتب معاوية إلى عثمان رضي الله عنهما قائلاً:
{ بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان، أما بعد يا أمير المؤمنين، فإنك بعثت إليَّ أقواماً يتكلمون بألسنة الشياطين وما يُملون عليهم، ويأتون النَّاس ـ زعموا ـ من قِبَل القرآن فيشبهون على الناس،، ...
وليس كل النَّاس يعلم ما يريدون، وإنما يريدون فرقة ويقربون فتنة، قد أثقلهم الإسلام وأضجرهم، وتمكنت رُقَي الشيطان من قلوبهم، فقد أفسدوا كثيراً من النَّاس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة، ولست آمن إن أقاموا وسط أهل الشام أن يغروهم بسحرهم وفجورهم فارددهم إلى مصرهم، فلتكن دارهم في مصرهم الذي نجا فيه نفاقهم } (*1)
فكتب عثمان إلى سعيد بن العاص بالكوفة، فردّهم إليه، فلم يكونوا إلا أطلق ألسنة منهم حين رجعوا، وكتب سعيد إلى عثمان يضجّ منهم، فكتب عثمان إلى سعيد أن سيِّرهم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد،، وكان أميراً على حمص (*2)
فلما وصلوا إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، استدعاهم، وكلَّمهم كلاماً شديداً، وكان ممَّا قاله لهم :
{ يا آلة الشيطان ألا مرحباً بكم، ولا أهلاً، لقد رجع الشيطان محسوراً خائباً، وأنتم مازلتم نشيطون في الباطل، خَسَّرَ الله عبد الرحمن إن لم يؤدِّ بكم ويخزِكم !...
يا معشر من لا أدري من أنتم أعرب، أم عجمٌ؟ لن تقولوا لي كما كنتم تقولون لسعيد ومعاوية، أنا ابن خالد بن الوليد، أنا ابن من قد عَجمته العاجمات، أنا ابن فاقيء الرِّدَّة، والله لأذلنَّكم ! }
وأقامهم عبد الرحمن بن خالد عنده شهراً كاملاً، وعاملهم بمنتهى الحزم، والشَّدَّة، ولم يَلِن معهم كما لان سعيد، ومعاوية، وكان إذا مشى مشوا معه، وإذا ركب ركبوا معه، وإذا غزا غزوا معه، ...
وكان لا يدع مناسبة إلا ويذلهُّم فيها، وكان إذا قابل زعيمهم صعصعة بن صوحان يقول له: يا بن الخطيئة! هل تعلم أنَّ من لم يصلحه الخير أصلحه الشَّرُّ، وأن من لم يصلحه اللِّين أصلحته الشدَّة؟
وكان يقول لهم: لماذا لا تردُّون عليَّ، كما كنتم تردُّون على سعيد في الكوفة، وعلى معاوية بالشام؟ لماذا لا تخاطبوني، كما كنتم تخاطبوهما؟ 😐
ونفع معهم أسلوب عبد الرَّحمن بن خالد، وأخرسهم حزمه، وشدَّته، وقسوته، وأظهروا له التَّوبة والنَّدم، وقالوا له: نتوب إلى الله، ونستغفره أقِلْنَا أقالك الله وسامحنا سامحك الله😐
بقي القوم في الجزيرة عند عبد الرَّحمن بن خالد، وأرسل عبد الرّحمن أحد زعمائهم وهو الأشتر النَّخعي إلى عثمان ليخبره بتوبتهم، وصلاحهم، وتراجعهم عمَّا كانوا عليه من الفتنة، فقال عثمان للأشتر: احللُ أنت ومن معك حيث شئتم، فقد عفوت عنكم.😢
قال الأشتر : نريد أن نبقى عند عبد الرَّحمن في الجزيرة مدّةً، أظهروا فيها التّوبة، والاستقامة والصَّلاح ، (*3)
وسكت أصحاب الفتنة في الكوفة إلى حين، وكان هذا في شهور سنة ثلاثة وثلاثين، بعدما تمَّ نفي رؤوس الفتنة إلى معاوية في الشَّام،ثمَّ إلى عبد الرّحمن بن خالد،
فرأى أصحاب الفتنة في الكوفة أنَّ المصلحة تقتضي أن يسكتوا إلى حين . (*4)
إلا أن بقية دعاة الفتنة كانوا يشتغلون في البصرة، ومصر، وغيرها وفي سنة أربع وثلاثين ـ السنة الحادية عشرة من خلافة عثمان ـ
أحكم عبد الله بن سبأ خطته، ورسم مؤامرته، ورتب مع جماعته السَّبئيِّين الخروج على الخليفة، وولاته، فقد اتَّصل ابن سبأ اليهودي من وكر مؤامراته في مصر بالشَّياطين من حربه في البصرة، والكوفة، والمدينة، واتفق معهم على تفاصيل الخروج،
وكاتبهم، وكاتبوه، وراسلهم، وراسلوه وكان ممَّن كاتبهم، وراسلهم السَّبئيُّون في الكوفة، وقد كانوا بضعة عشر رجلاً منهم منفيين في الشَّام، ثمَّ في الجزيرة عند عبد الرَّحمن بن خالد بن الوليد، وبعد نفي أولئك الخارجين، كان زعيم السَّبئيِّين الحاقدين في الكوفة يزيد بن قيس .(*5)
وقد خلت الكوفة في سنة أربع وثلاثين من وجوهها، وأشرافها، لأنََّّهم توجَّهوا للجهاد في سبيل الله، ولم يبق إلا الرُّعاع، والغوغاء الذين أثر فيهم السَّبئيُون والمنحرفون، وشحنوهم بأفكارهم الخبيثة، وهيَّجوهم ضدَّ والي عثمان إلى الكوفة سعيد بن العاص رضي الله عنه .(*6)
واستطاع القعقاع بن عمرو التميميُّ أمير الحرب بالكوفة أن يقضي على التحرك الأوّل بقيادة يزيد بن قيس، ولما رأى يزيد شدة القعقاع ويقظته، وبصيرته، لم يجاهره بهدفهم وخطتهم في الخروج على الخليفة عثمان وخلعه،
وأظهر له أن كل ما يريده هو وجماعته عزل الوالي سعيد ابن العاص، والمطالبة بوالٍ آخر مكانه، فاستُجيب لطلبهم، ولذلك أطلق القعقاع سراح الجماعة، لما سمع كلام يزيد، ثمّ قال يزيد : لا تجلس لهذا الهدف في المسجد، ولا يجتمع عليك أحد، واجلس في بيتك واطلب ما تريد من الخليفة، وسيحقِّق لك ذلك بإذن الله .(*7)
واستمر يزيد بن قيس في إشعال الفتنة، واضطر إلى تعديل خطّته في الخروج وبعد كيد ومكر وتدبير من أتباع السبيئيِّن، قرّر الغوغاء والرُّّعاع بقيادة يزيد بن قيس منع سعيد بن العاص من دخول الكوفة وكان سعيد بالمدينة . (*8)
ولمّا خرج السبيُّون، والغوغاء طلبا الفتنة، والتمُّرد، وإحداث القلاقل بقي في المسجد وجوه المسلمين، وأشرافهم، وحلماؤهم، فصعد المنبر نائب الوالي عمرو بن حُريث وطالب المسلمين بالأخوَّة، والوحدة، ونهاهم عن التفُّرق، والاختلاف، والفتنة، والخروج، ودعاهم إلى عدم الاستجابة للخارجين والمتمرِّدين ،(*9)
وقال القعقاع بن عمرو التميمي :
{أتردُّ السَّيل عن عبابه، فاردد الفرات عن أدراجه، هيهات: لا والله لا تُسكِّن الغوغاء إلا المشرفيَّة (*10) ، ويوشك أن تُنْتضى، ثمَّ يعجُّون عجيج العتدان (*11)، ويتمنون ما هم فيه، فلا يردهم عليهم أبداً، فاصبر}
فقال: أصبر، وتحوَّل إلى منزله ... (*12) 😢.....
واستطاع أهل الفتنة أن يمنعوا سعيد بن العاص من دخول الكوفة ورجع إلى المدينة، وكان من رأيه: أن من الحكمة عدم مواجهتهم، وعدم تأجيج نار الفتنة، بل محاولة إخمادها، أو تأجيل اشتعالها على الأقلِّ 😢
وبعد رجوعه إلى المدينة أخبر سعيد عثمان بما حصل.
قال له عثمان : ماذا يريدون؟ هل خلعوا يداً من طاعة؟ وهل خرجوا على الخليفة؟ وأعلنوا عدم طاعتهم له؟
قال له سعيد : لا لقد أظهروا أنَّهم لا يريدونني والياً عليهم، ويريدون والياً آخر مكاني.
قال له عثمان: من يريدون والياً؟
قال سعيد بن العاص: يريدون أبا موسى الأشعريِّ،
قال عثمان : قد عيَّنا، وأثبتنا أبا موسى والياً عليهم، ووالله لن نجعل لأحد عُذراً ولن نترك لأحدٍ حجة، ولنصبرنَّ عليهم كما هو مطلوب منَّا، حتى نعرف حقيقة ما يريدون 😢
وكتب عثمان إلى أبي موسى بتعيينه والياً على الكوفة ،(*13)
وكان أبو موسى رضي الله عنه يقوم بتهدئة الأمور، وبنهى النَّاس عن العصيان.
وقال لهم : أيها الناس لا تخرجوا في هذه المخالفة، ولا تعودوا لمثل هذا العصيان، والزموا جماعتكم، والطاعة وإياكم والعجلة، اصبروا، فكأنَّكم بأمير . (*14)
فقالوا: فصلِّ بنا، قال: لا، إلا على السمع والطاعة لعثمان بن عفان قالوا : على السَّمع، والطاعة لعثمان .(*15)
وما كانوا صادقين في ذلك، لكنَّهم كانوا يخفون أهدافهم الحقيقيَّة عن الآخرين وكان أبو موسى يصليِّ بالنَّاس إلى أن جاءه كتاب عثمان بتعيينه والياً على الكوفة،..
وكتب عثمان بن عفان إلى الخارجين من أهل الكوفة :
{أما بعد فقد أمَّرت عليكم من اخترتم، وأعفيتكم من سعيد، والله لأفرشنَّ لكم عِرضي، ولأبذُلنَّ لكم صبري، ولأستصلحنَّكم بجهدي، واسألوني كلَّ ما أحببتم، ممَّا لا يعصي الله فيه، فسأعطيه لكم، ولا شيئاً كرهتموه لا يُعصي الله فيه إلا استعفيتم منه، أنزل فيه عندما أحببتم، حتَّى لا يكون لكم عليّ حجّة } ..وكتب بمثل ذلك إلى الأمصار ،(*16)
رضي الله عن أمير المؤمنين عثمان، ما كان أصلحه وأوسع صدره وكم ظلمه السَّبئيُّون والخارجون الحاقدون، واختلفوا عليه.
---------------------------------------------------------------------
🔸مشورة عثمان لولاة الأمصار ورأي معاوية في ذلك:
واجه عثمان بن عفان الفتنة بوسائل وأساليب متنوعة منها، إرسال لجان تفتيش وتحقيق إلى الولايات، ومحاولة معرفة أغراض أهل الفتنة واستطاع أن يخترق صفوفهم، وأقام الحجة على الغوغاء والمتمردين بالحوار والنقاش، والاستجابة لبعض مطالبهم..
ومن الأساليب التي اتخذها عثمان رضي الله عنه مشورته لولاة الأمصار رضي الله عنه حيث بعث إلى ولاة الأمصار واستدعاهم على عجلٍ وكانوا: عبد الله بن عامر، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن سعد، وأدخل معهم في المشورة سعيد بن العاص، وعمرو بن العاص ـ وهم من الولاة السابقين
وكانت جلسة مغلقة وخطيرة، وقال فيه كل المشاركين برأيه وكان رأي معاوية: أشير عليك أن تأمر أمراء الأجناد فيكفيك كل رجل منهم ما قبله، وأكفيك أنا أهل الشام ، (*17)
وبعد أن سمع عثمان من المشاركين اقتراحاتهم قام، فحمد الله، وأثنى عليه، وقال :
{كل ما أشرتم به عليَّ قد سمعت، ولكلِّ أمر باب يؤتي منه، إنَّ هذا الأمر الذي يخاف على هذه الأمَّة كائن وإن بابه الذي يغلق عليه، فيُكفكف به اللِّين، والمؤاتاة والمتابعة، إلا في حدود الله تعالى ذكره، التي لا يستطيع أحد أن يبادي بعيب أحدها،..
فإن سدَّه شيء فرفق، فذاك والله ليُفتحنَّ، وليست لأحد عليَّ حجة حقٍّ، وقد علم الله إنِّي لم آل الناس خيراً، ولا نفسي. والله إنَّ رحا الفتنة لدائرة فطوبى لعثمان إن مات ولم يحرِّكها،....
كفكفوا النَّاس، وهبوا لهم حقوقهم، واغتفروا لهم، وإذا تعوطيت حقوق الله، فلا تُدِهنوا فيها } ...(*18)
وبذلك منع عثمان رضي الله عنه منع الولاة من التَّنكيل بمثيري الشَّغب، وحبسهم، أو قتلهم، وقرَّر أن يعاملهم بالحسنى واللِّين ، (*19) وطالب من عماله أن يعودوا إلى أعمالهم، وفق ما أعلنه لهم من أسلوب مواجهة الفتنة التي كان كلُّ بصير يرى أنَّها قادمة ، (*20) 😢
وقبل أن يتوجه معاوية بن أبي سفيان إلى الشَّام أتى عثمان وقال له: يا أمير المؤمنين: انطلق معي إلى الشَّام، قبل أن يهجم عليك من الأمور والأحداث مالا قِبَل لك بها.
قال عثمان : أنا لا أبيع جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، ولو كان فيه قطع خيط عنقي.
قال له معاوية : إذاً أبعث لك جيشاً من الشَّام، يقيم في المدينة، لمواجهة الأخطار المتوقعة، ليدافع عنك، وعن أهل المدينة .
قال عثمان : لا حتى لا أقترّ على جيران رسول الله صلى الله غليه وسلم الأرزاق، بجند، تساكنهم ولا أضيِّيق على أهل الهجرة والنُّصرة.
قال له معاوية: يا أمير المؤمنين: والله لتُغتلنَّ، أو لتُغزينَّ.
قال عثمان: حسبي الله ونعم الوكيل . ....(*21) 😢
ولقد حدث كل ما توقعه معاوية 😢
فجاءت جموع أهل الفتنة لتحاصر عثمان رضي الله عنه وتغتاله في النهاية.😡
وحين جاء هؤلاء الثوار من مختلف الأقاليم لا نجد من بينهم جماعة من أهل الشام ، ... (*22) 😐
من كل ما سبق نجد أننا أمام وال كبير يشق طريقه بجدارة من بين الولاة إلى ما هو أبعد من الولاية فقد استطاع أن يجعل من إقليم الشام الإقليم المهيأ لقيادة بقية الأقاليم في الدولة الإسلامية بما عمق فيه من حسن الطاعة للقيادة، وبما ثبت فيه من دعائم الاستقرار، وقطعه لأسباب الفتنة وعوامل الفرقة فيه.
وهذا ما لا نجده في غيره من الأقاليم ... ...(*23)
-----------------------------------------------------------------------
🔸 مقتل عثمان رضي الله عنه وموقف الصحابة من ذلك
اشتد الحصار على عثمان رضي الله عنه، حتى منع من أن يحضر للصَّلاَّة في المسجد، وكان صابراً على هذه البلوى التي أصابته كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك .
وكان مع إيمانه القوي بالقضاء والقدر، يحاول أن يجد حلاً لهذه المصيبة، فنراه تارة يخطب الناس عن حرمة دم المسلم، وإنه لا يحل سفكه إلا بحقه وتارة يتحدث في الناس ويظهر فضائله وخدماته الجليلة في الإسلام ويستشهد على ذلك ببقية العشرة رضوان الله عليهم (*24) 😢
وكأنه يقول من هذا عمله وفضله هل من الممكن أن يطمع بالدنيا ويقدمها على الآخرة وهل يعقل أن يخون الأمانة ويعبث بأموال الأمة ودمائها وهو يعرف عاقبة ذلك عند الله وهو الذي تربى على عين النبي صلى الله عليه وسلم والذي شهد له وزكاه وكذلك أفاضل الصحابة...
ومتى ؟ بعدما تجاوز السبعين وقارب الثمانين من عمره أهكذا تكون معاملته؟!
واشتدت سيطرة المتمردون على المدينة حتى أنهم ليصلون بالناس في أغلب الأوقات ، (*25)
وحينها أدرك الصحابة أن الأمر ليس كما حسبوا، وخشوا من حدوث ما لا يحمد عقباه، وقد بلغهم أن القوم يريدون قتله، فعرضوا عليه أن يدافعوا عنه، ويخرجوا الغوغاء عن المدينة إلا أنه رفض أن يراق دم بسببه ، (*26) 😢
وأرسل كبار الصحابة أبناءهم دون استشارة عثمان رضي الله عنه، ومن هؤلاء الحسن بن علي رضي الله عنهما، وعبد الله بن الزبير، فقد كان عثمان يحب الحسن ويكرمه فعندما وقعت الفتنة وحوصر عثمان رضي الله عنه أقسم على الحسن رضي الله عنه بالرجوع إلى منزله وذلك خشية عليه أن يصاب بمكروه . ... (*27) 😢
وقد قال عثمان للحسن رضي الله عنهما : أرجع ابن أخي حتى يأتي الله بأمره . (*28) 😢
وقد صحت روايات أن الحسن حمل جريحاً من الدار يوم اقتحام الدار ،(*29)
كما جرح غير الحسن، عبد الله بن الزبير، ومحمد بن حاطب، ومروان بن الحكم، كما كان معهم الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، (*30)
👌وقد كان علي رضي الله عنه من أدفع الناس عن عثمان رضي الله عنه، وشهد له بذلك مروان ابن الحكم ، (*31)👍
كما أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، إن علياً أرسل إلى عثمان فقال :
{ إن معي خمسمائة دارع، فأذن لي فأمنعك من القوم، فإنك لم تحدث شيئاً يستحل به دمك،
فقال عثمان : جزيت خيراً، ما أحب أن يهراق دم في سبـبي }😢 ... (*32)
وقد وردت روايات عديدة تفيد وقوفه(على رضي الله عنه) بجانب عثمان رضي الله عنهما، أثناء الحصار.
فمن ذلك: أن الثائرين منعوا عن عثمان الماء حتى كاد أهله أن يموتوا عطشاً، فأرسل علي رضي الله عنه إليه بثلاث قرب مملؤة ماء فما كادت تصل إليه، وجرح بسببها عدة من موالي بني هاشم وبني أمية حتى وصلت 😢
ولقد تسارعت الأحداث فوثب الغوغاء على عثمان فقتلوه رضي الله عنه، وأرضاه،😡😢❗
ووصل الخبر إلى الصحابة وأكثرهم في المسجد، فذهبت عقولهم،😢
وقال علي لأبنائه وابناء أخيه كيف قتل عثمان وأنتم على الباب؟ ولطم الحسن، وكان قد جرح ، وضرب صدر الحسين وشتم ابن الزبير وابن طلحة،... (*33)
وخرج على غضبان إلى منزله وهو يقول: تباً لكم سائر الدهر، اللهم أني أبرأ إليكم من دمه أن يكون قتلت أو مالأت على قتله 😢 ... ...(*34)
وهكذا كان موقف علي رضي الله عنه، نصح وشورى سمع وطاعة، ووقفة قوية بجانبه أثناء الفتنة، ومن أدفع الناس عنه، ولم يذكره بسوء قط، يحاول الإصلاح وسد الخرق بين الخليفة والخارجين عليه لكن الأمر كان فوق طاقته، وخارج إرادته،👍
إنها إرادة الله عز وجل أن يفوز أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالشهادة .... ويبوء المفسدين بالإثم .(*35)
👌 إن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنكر قتل عثمان، وتبرأ من دمه، وكان يقسم على ذلك في خطبه، وغيرها: إنه لم يقتله ولا أمر بقتله، ولا مالأ عليه، ولا رضي، وقد ثبت ذلك عنه بطرق تفيد القطع ، (*36) خلافاً لما تزعمه الشيعة الرافضة من أنه كان راضياً بقتل عثمان رضي الله عنهما .(*37)
وقال الحاكم بعد ذكر بعض الأخبار الواردة في مقتله رضي الله عنه:
{ فأما الذي ادعته المبتدعة من معونة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فإنه كذب وزور، فقد تواترت الأخبار بخلافه }. (*38)
وقال ابن تيمية:
{وهذا كله كذب على علي رضي الله عنه، وافتراء عليه، فعلي رضي الله عنه لم يشارك في دم عثمان رضي الله عنه، ولا أمر ولا رضى، وقد روي عنه ذلك وهو الصادق البار ،(*39)
وقد قال علي رضي الله عنه: اللهم أني أبرأ إليك من دم عثمان} .... ...(*40)
👌 وقد شوهت بعض كتب التاريخ مواقف الصحابة من فتنة مقتل عثمان، وذلك بسبب الروايات الضعيفة والموضوعة التي ذكرها كثير من المؤرخين😡
والمتتبع لأحداث الفتنة في تاريخ الإمام الطبري، وكتب التاريخ الأخرى من خلال روايات أبي مخنف، والواقدي، وابن أعثم، وغيرها من الأخبار يعرف أنها حبكت بطريقة ذات ميول عدائية للتاريخ الصحيح ويشعر أن الصحابة هم الذين كانوا يحركون المؤامرة، ويثيرون الفتنة،😡
فأبي مخنف ذو الميول الشيعية لا يتورع في إتهام عثمان بأنه الخليفة الذي كثرت سقطاته، فاستحق ما استحق، ويظهر طلحة في مروياته كواحد من الثائرين على عثمان، والمؤلبين ضده، 😡
ولا تختلف روايات الواقدي عن روايات أبي مخنف، 😡
وقد كثرت الروايات الشيعية التي تتهم الصحابة بالتآمر ضد عثمان رضي الله عنه وأنهم هم الذين حركوا الفتنة، وأثاروا الناس، وهذا كله كذب وزور ، (*41)
وخلافاً للروايات الموضوعة والضعيفة فقد حفظت لنا كتب المحدثين بحمد الله، الروايات الصحيحة التي يظهر فيها الصحابة من المؤازرين لعثمان والمنافحين عنه والمتبرأين من قتله ،(*42) والمطالبين بدمه بعد مقتله وبذلك يستبعد أي اشتراك لهم في تحريك الفتنة، أو إثارتها .(*43)
👌 إن الصحابة جميعاً رضي الله عنهم أبرياء من دم عثمان رضي الله عنه ومن قال خلاف ذلك، فكلامه باطل ولا يستطيع أن يقيم عليه أي دليل ينهض إلى مرتبة الصحة،
● ولذلك أخرج خليفة في تاريخه عن عبد الأعلى بن الهيثم، عن أبيه، قال:
{ قلت للحسن : أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين، والأنصار؟ قال: لا، كانوا أعلاجاً من أهل مصر }.(*44)
● وقال الإمام النَّووي : {ولم يشارك في قتله أحد من الصحابة، وإنما قتله همج، ورعاع من غوغاء القبائل سفلة الأطراف والأراذل، تحزَّبوا، وقصدوه من مصر، فعجزت الصحابة الحاضرون عن دفعهم، فحضروه حتَّى قتل، رضي الله عنه }. ..(*45)
● وقد وصفهم الزبير رضي الله عنه بأنهم غوغاء من الأمصار ووصفتهم السيدة عائشة بأنَّهم نزّاع القبائل ، ووصفهم ابن تيمية بأنهم خوارج مفسدون ضالون، باغون معتدون (*46)
ووصفهم الذهبيُّ بأنهم رؤوس شرًٍّ، وجفاء (*47)ووصفهم ابن العماد الحنبلي في الشذرات بأنَّهم أراذل من أوباش القبائل ، (*48)
● ويشهد على هذا الوصف تصرُّف هؤلاء الرُّعاع منذ الحصار إلى قتل الخليفة رضي الله عنه ظلماً. وعدواناً، فكيف يمنع الماء عنه، والطعام وهو الذي طالما دفع من ماله الخاص ما يوري ظمأ المسلمين بالمجّان ،😢 ..(*49)
والذي يساهم بأموال كثيرة عندما يلمُّ النَّاس مجاعة، أو مكروه وهو الدائم العطاء عندما يصيب النَّاس ضائقة، أو شدَّة من الشدائد ، (*50)
حتى أن علياً رضي الله عنه يصف هذا الحال، وهو يؤنب المحاصرين بقوله :
{ يا أيها الناس: إن الذي تفعلونه لا يشبه أمر المؤمنين، ولا أمر الكافرين، فلا تمنعوا عن هذا الرّجل الماء، ولا المادة ـ الطعام ـ فإنّ الروم، وفارس لتأسر وتطعم وتسقي} (*51)
لقد صحَّت الأخبار وأكّدت حوادث التاريخ على براءة الصَّحابة من التَّحريض على عثمان أو المشاركة في الفتنة ضدّه ، (*52) ..؛ (*53)
--------------------------------------------------------------------
(1؛ 2؛3) تاريخ الطبري (5/331) .(5/331) .(5/327) .
(4؛5؛6) الخلفاء الراشدون للخالدي صـ134 . صـ135 .صـ 135 .
(7؛8) تاريخ الطَّبري (5/337) . المصدر نفسه (5/338) .
(9؛) الخلفاء الرَّاشدون ، للخالدي صـ139 .
(10؛11) نوع من السيوف . تنتضي : أخرج السيف من غمده . العتدان : قيل الحولي من أولاد الماعز .
(12؛13)تاريخ الطبري (5/338) . تاريخ الطبري (5/339) .
(114) أي : يأتيكم من قبل أمير المؤمنين عثمان .
(15؛16) تاريخ الطبري (5/339) . المصدر نفسه (5/343) .
(17) الكامل (2/278) تاريخ الطبري (5/351) .
(18) تاريخ الطبري (5/351) .
(19) خلافة عثمان ، د. السلمي صـ 77 .
(20)الخلفاء الراشدون ،للخالدي صـ 151 .
(21) تاريخ الطبري (5/353) .
(22) عبد الله بن سبأ، للعودة صـ 152 ، أثر العلماء في الحياة .
(23) أثر العلماء في الحياة السياسية صـ 76 .
(24) خلافة علي بن أبي طالب ، عبد الحميد علي صـ 85 .
(25) سير أعلام النبلاء (3/515) .
(26) فتنة مقتل عثمان (1/167) صحيح الإسناد .
(27)تاريخ المدينة لابن شبه (4/1208) .
(28) الرياض النضرة نقلاً عن الحسن بن علي ودوره السياسي صـ 46 .
(29) الطبقات لابن سعد (8/128) بسند صحيح .
(30) تاريخ خليفة صـ 174 .
(31)تاريخ الإسلام صـ 460 ـ 461 إسناده قوي .
تاريخ دمشق صـ 403 .
(32) ابن أبي عاصم الآحاد والثماني (1/125) نقلاً عن خلافة علي صـ 87 .
(33) مصنف ابن أبي شيبة (15/209) إسناده صحيح .
(34) مصنف ابن أبي شيبة (15/209) إسناده صحيح .
(35) البداية والنهاية (7/202) .
(36) العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط صـ 129 .
(37) المستدرك (3/103) .
(38) منهاج السنة (4/406) .
(39)العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط صـ 229 الطبقات (3/3) إسناده حسن .
(40) تحقيق مواقف الصحابة (20/14 إلى 18) .
(41) خامس الخلفاء الراشدين الحسن بن علي للصَّلاَّبيِّ صـ 122 .
(42) تحقيق مواقف الصحابة (20/14 إلى 18) .
(43) العلج : كل جاف شديد من الرِّجال : عثمان بن عفان للصَّلاَّبيِّ صـ 450 .
(44) شهيد الدار عثمان بن عفان صـ 148 .
(45) شرح النووي على صحيح مسلم (15/148) .
(46)منهاج السنة (2/189 ـ 206) .
(47) دول الإسلام للذهبي (1/12) .
(48) تحقيق مواقف الصحابة (1/482) شذرات الذهب (1/40) .
(59) تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان صـ 450 .
(50) التمهيد والبيان صـ 424 .
(51)تاريخ الطبري (5/400) .
(52) تحقيق مواقف الصحابة (2/8) .
(53) عثمان بن عفان للصَّلاَّبيِّ صـ 451 إلى 466 .
--------------------------------------------------------------------
معاوية بن أبي سفيان في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهما .
تابعوا ----
لا يتوفر وصف للصورة.
كل التفاعلات:
٣٣

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم

التاريخ الاسلامى

2/recent/post-list