تاريخ السلاجقة والدانشمند ... (2)

  تاريخ السلاجقة والدانشمند ... (2)


------------------------------------------

--------------------------
السابق :
ولدت دولة السلاجقة السنية في توقيت دقيق و شديد الخطر أيضا ؛ ومهدت لظهور دولتى المماليك والعثمانيين
ينحدر السلاجقة من قبيلة " قنق " التركمانية، وهي واحدة من مجموعة القبائل التركمانية المعروفة بـ " الغز " في منطقة ما وراء النهر والتي سميها اليوم " تركستان "
شهدت الفترة التي سبقت ظهور دولة السلاجقة قيام و صراع وتعاقب عدة دويلات إلى جوار الخلافة العباسية هي :
🚩1- الدولة السامانية : 204 - 395ﻫ :
🚩 2- الدولة الغزنوية : 351 – 582 ﻫ
🚩 3- الدولة القراخانية : 349ﻫ - 536ﻫ
🚩 4- الدولة البويهية : 334ﻫ - 447ﻫ
الدولة السامانية : ينسبون إلى جدهم سامان من أسرة فارسية عريقة، أما موطنهم الأصلي، فكان مدينة بلخ اعتنقت الإسلام زمن الفتح ..
فى عهد اسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان ازدهرت الدولة و حكم بلاد ماوراء النهر بالكامل تحت رعاية الخلافة العباسية .
كانت الدولة السامانية سببا في انتشار الإسلام بين صفوف الترك في ظل آل سامان و كان الأتراك متحمسين لمذهبها السنى .
في نهاية القرن الرابع الهجرى سقطت الدولة للإنقسام في الأسرة السامانية و ضغوط الدولة المجاورة والتي نشأت حديثا وقد تقاسموا أملاكها حيث أخذ البويهيون كرمان و أخذ القراخانيون ما وراء النهر، أما ما تبقى من مناطق أخرى فكان من نصيب الغزنويين .
--------------------------------------------------------------------
🚩 2- الدولة الغزنوية : 351 – 582 ﻫ
أخذت الدولة الغزنوية أسمها من مدينة غزنة إحدى المدن في أفغانستان، ..
ويرجع ظهور هذه الدولة إلى أحد القادة المسلمين المسمى " سبكتكين " فقد تولى منطقة غزنة من قِبل السامانيين، ثم مد سبكتكين سلطانه في الشرق حيث ضم إقليم خراسان الذي ولاه عليه نوح بن منصور الساماني في سنة 384ﻫ مكافأة له على قمع الثوار في بلاد النهر ..
لكن سبكتكين أتجه بأعماله نحو الهند ولم يكن اتجاهه نحو البلاد التي كانت في حوزة السامانيين إلا تلبية لرغبتهم حين استعانوا به على قمع الحركات الخارجين عليهم في خراسان،
فقد انضم بقواته إلى نوح بن نصر الساماني في قتال الخارجين في خراسان وفي قتاله للبويهيين الذين رغبوا في الاستيلاء على خراسان من أملاك السامانيين واستطاع سبكتكين وابنه محمود مع قوات السامانيين الانتصار على هؤلاء الخارجين، كما انتصروا على بني بويه وأعادوا للسامانيين مدينة نيسابور ...
وبعودة نيسابور إلى السامانيين منح نوح الساماني : محمود بن سبكتين الولاية عليها، و على جيوش خراسان ولقبه ب
" سيف الدولة " ؛ ولقب أباه سبكتكين ب " ناصر الدولة " ..
(*1)
وقد ولى سبكتكين منُذ أول الأمر وجهه شطر الأقاليم الهندية فتمكن وعظم، وأخذ يُغير على أطراف الهند، وافتتح قلاعاً، وتمت له ملاحم مع الهنود .... (*2)
وأشتبك سبكتكين مع أحد ملوكهم ويدعى جيبال في حروب طاحنة واستطاع أن يلحق به الهزيمة سنة 369ﻫ وأجبره على طلب الصلح على مال يؤديه وبلاد يسلمهما وخمسين فيلاً يحملها إليه، ..
فاستقر ذلك ورهن عنده جماعة من أهله على تسليم البلاد، وسير معه سبكتكين من يتسلمها، فلما أبعد جيبال ملك الهند قبض على من معه من المسلمين وجعلهم عنده عوضاً عن رهائنه، 😑
فلما سمع سبكتكين بذلك.. سار نحو الهند فأخرب كل ما مر عليه من بلادهم، وقصد " لمغان " وهي من أحسن قلاعهم فافتتحها عنوة، وهد بيوت الأصنام وأقام فيها شعائر
الإسلام ثم عاد إلى غزنة ...
وسار خلفه جيبال في مائة الف مقاتل، فلقيه سبكتكين والحق به هزيمة كبيرة وأسر منهم مالاً يعد وغنم أموالهم وأثقالهم، 😑
وذل الهنود بعد هذه الموقعة، ولم يكن لهم بعد راية، ورضوا بألا يطلبوا في أقاصي بلادهم، ولما قوى سبكتكين بعد هذه الموقعة أطاعه الأفغان ، (*3)
ودام حكم سبكتكين نحو عشرين سنة، وكان فيه عدل وشجاعة ونبل مع عسف ، وبعد وفاته عام 378ﻫ عهد بالإمرة إلى ابنه إسماعيل واستطاع ابنه محمود أن ينتزع الإمارة من أخيه إسماعيل بعد قتال مهول .(*4)
--------------------------------------------------------------------
🔹أ- السلطان محمود الغزنوي إبن سبكتكين
إن سيرة السلطان محمود الغزنوي ودولته الُسنية تستحق أن يفرد فيها دراسة خاصة بهما فهي توضح أهمية الالتزام والسنة وأثر ذلك في قوة الدولة ويجب أن تنسف أكاذيب وشبهات الرافضة والباطنية حول هذا البطل السني العظيم
فقد وصفة ابن كثير ب :
" الملك العادل الكبير المثاغر ، المرابط المؤيد المنصور المجاهد يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين صاحب بلاد غزنة وتلك الممالك الكبار، وفاتح أكثر بلاد الهند قهراً، وكاسر بُدودِهم ، وأوثانهم كسراً، وقاهر هنودهم وسلطانهم الأعظم قهراً ،....
وقد سار في الرعية سيرة عادلة وقام بأعباء الإسلام قياماً تاماً، وفتح فتوحات كثيرة في بلاد الهند وغيرها، وعظم شأنه في العالمين، واتسعت مملكته وامتدت رعاياه وطالت أيامه، ولله الحمد والمنة، وكان يخطب في سائر ممالكه للخليفة العباسَّي القادر بالله،...
وكانت رسل الفاطميين من الديار المصرية تَفِد إليه بالكتب والهدايا والتحف فُيحرق بهم، ويقطع كتبهم ويُخَّرق حللهم ،
(*5)
ولما قدم التاهرتي الداعي مندوب الدعوة الفاطمية من مصر على السُّلطان يدعوه سراً إلى مذهب الباطنية، وكان التاهرتي يركب بغلاً يتلون كل ساعة من كل لون، ....
ففهم السلطان محمود سِرَّ دَّعوتهم، فغضب، وقتل التَّاهَرتي الخبيث، وأهدى بغله إلى القاضي أبي منصور محمد الأزدي شيخ هراة، وقال : كان يركبه رأس الملحدين، فليركبه رأس المُوحَّدين . (*6)
وأما فتوحاته فقد اتفق له في بلاد الهند فتوحات لم تتفق لغيره من الملوك، لا قبله ولا بعده وغنم مغانم كثيرة لا تنحصر ولا تنضبط كثرة من الذهب واللآلئ والسَّبْي، وكسر من أصنامهم وأبدادهم وأوثانهم شيئاً كثيراً جداً،..
وبيَّض الله وجهه وأكرم مثواه وكان من جملة ما كسر من أصنامهم صنم عظم للهنود يقال له سُومَنات (*7)،
الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحي ويُميت ويحُجُّون *إليه، ويقربون له النفائس، بحيث إن الوقوف عليه بلغت عشرة آلاف قرية، وامتلأت خزائنه من صنوف الأموال، وفي خدمته من البراهمة ألفا نفس، ومئة جوقة مغاني رجال ونساء،
فكان بين بلاد الإسلام وبين قلعة هذا الصَّنم مفازة( صحراء) نحو شهر (من المسير)، فسار السلطان في ثلاثين ألفاً، فيَّسَر الله فتح القلعة في ثلاثة أيام، واستولى محمود على أموال لا تحصى ،(*8) بلغ ما تحصل منه من الذهب عشرين ألف دينار،
وكسر ملك الهند الكبير الذي يقال له " جبيال.
وقهر ملك الترك الأعظم الذي يقال له : إيلك خان،
و (كسر) أياد ملك السامانية، وقد ملكوا بخراسان مائة سنة بلاد سمرقند وما حولها، ثم هلكوا...
وبنى على (نهر) جيحون جسراً غرم عليه ألْفيْ ألف دينار، وهذا شيء لم يتفق لغيره من الملوك، ...
وكان معه في جيشه أربعمائة فيل تقاتل، وهذه عظمية هائلة ومرتبة طائلة، وجرت له فصول ذكر تفصيلها يطول،...
وكان في غاية الَّديانة والصيانة، يحب العلماء والمحدثين يكرمهم ويجالسهم ويحسن إليهم، وكان حنفيّ المذهب، ثم صار شافعياً على يدي أبي بكر القفال الصغير، ... (*9)
وكان صادق النية في إعلاء الدين، مظفراً كثير الغزو، وكان ذكياً بعيد الغور صائب الرأي، ...
دخل ابن فورك على السلطان محمود، فقال : لا يجوز أن يوصف الله بالفوقَّية لأنَّ لازم ذلك وصفه بالتحتّية، فمن جاز له أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت. 😑
فقال السلطان : ما أنا وصفته حتى يلزمني، بل هو وصف نفسه، فبهت ابن فورك، فلما خرج من عنده مات .😑
وكان السلطان محمود مُكرماً لأمرائه وأصحابه، وإذا نقم عاجل، وكان لا يفتر ولا يكاد يَقِرُّ، وكان يعتقد في الخليفة العباسي ويخضع لجلاله ويحمل إليه قناطير الذهب 👍
وكان إلباً على القرامطة والإسماعيلية وعلى المتكلمين (*10)
وعندما ملك الري كتب إلى الخليفة القادر بالله يذكر أنه وجد لمجد الدولة البويهي من النساء الحرائر ما يزيد عن خمسين امرأة ولدن له نيفاً وثلاثين ولداً، 😑❗
ولما سئل عن ذلك قال : هذه عادة أسلافي،
وصلب (محمود) من أصحاب الباطنيين خلقاً كثيراً، ونفى المعتزلة إلى خراسان وأحرق كتب الفلسفة والنجوم (*11)
--------------------------------------------------------------------
🔹الصراع الغزنوي السلجوقي
تمكن السلطان محمود الغزنوي من توسيع حدود دولته فغزا الهند سبع عشرة غزوة ووصلت حملاته إلى هضبة الدكن وضم إلى دولته كذلك إقليم البنجاب وأخضع بلاد الغوريين " غزنة وهراة " ومدَّ نفوذه إلى بلاد ما وراء النهر ،(*12)
وبذلك أصبحت حدود دولته تمتد من شمال الهند في الشرق إلى العراق في الغرب، ومن خراسان وطخارستان وجزء من بلاد ما وراء النهر في الشمال إلى سجستان في الجنوب ..
وقد أتخذ من مدينة لاهور مقراً لحكمه في الهند حيث عّين نائباً له هناك ، (*13) فلا غرابة في أن أخذ يتطلع إلى القضاء على البويهيين في بغداد ، (*14)
وكانت قوة السلاجقة في بلاد ما وراء النهر قد تعاظمت في بداية القرن الخامس الهجري مما آثار حفيظة السلطان محمود الغزنوي فقام في سنة 415ﻫ بعبور نهر جيحون لمقاتلتهم، فنجح في القبض على زعيمهم ارسلان وولده قتلمش وعدد من كبار أصحابه ...
وبعث بارسلان إلى الهند حيث مات في السجن بعد أن قضى فيه سبع سنوات ..(*15)
وبعد أربع سنوات 419ﻫ خرج السلطان محمود لقتال السلاجقة مرة أخرى بناء على التماس سكان مدينتي (نسا) و" باورد " فأنزل بهم هزيمة ساحقة .(*16)
--------------------------------------------------------------------
🔹معركة دندانقان وقيام السلطنة السلجوقية
ظل السلاجقة بعد الهزيمة يتحينون الفرص للثأر من الغزنويين فكان لهم ذلك بعد وفاة السلطان محمود وقيام ابنه مسعود بمهام السلطنة عام 421ﻫ، حيث تمكنوا من الانتصار على جيوشه ، ...(*17)
لكنهم اتصلوا به وعرضوا عليه الصلح والدخول في طاعته فاستجاب لهم ومنح زعماءهم الولايات وأسبغ عليهم الألقاب وأغدق عليهم الخلع ،👍👍 (*18)
وعلى الرغم من ذلك فقد كان الغزنويون يدركون مدى الخطر الذي كان يشكله السلاجقة عليهم....
لذلك فقد أمر السلطان مسعود الغزنوي عامله على خراسان سنة 429ﻫ بقتال السلاجقة فدارت الحرب بين الطرفين قرب مدينة سَرخس وأسفرت المعركة عن انتصار السلاجقة .. وبذلك انتهى حكم الدولة الغزنوية هناك.
و اندفع السلاجقة بعدها بقيادة زعيمهم طغرل بك نحو نيسابور التي دخلها وأعلن نفسه سلطاناً على السلاجقة وجلس على عرش السلطان مسعود الغزنوي في السنة تلك نفسها سنة 429ﻫ ،
وكان من نتيجة ذلك أن زحف مسعود بجيوشه من غزنة نحو خراسان واشتبك مع السلاجقة بمعركة حاسمة في مكان يعرف باسم دَنَدانقان، انتهت بهزيمة الغزنويين وكان ذلك عام 431ﻫ،
لم يلبث السلطان مسعود أن لقي مصرعه عام 432ﻫ، فخلفه ابنه مودود، ...
وقد أصبح السلاجقة بعد معركة دَنَدانقان أكبر قوة في خراسان في حين كان الغزنويون قد ضعفوا بعد أن فقدوا غالبية جيوشهم وخسروا العديد من ممتلكاتهم،
و لكن استطاع الغوريون في أفغانستان من الاستمرار على أملاكهم في الهند إلى سنة 582ﻫ .(*19)
--------------------------------------------------------------------
🔹 نتائج معركة دانقان
● - وضعت معركة دندانقان حداً نهائياً لحكم الغزنويين في خراسان، وقد صدمت هذه الخسارة السلطان مسعود ز أذهلته لدرجة فقد معها الرغبة في المقاومة، ...
ولدرجة خيل إليه أنّه لا بد من ترك بلخ وتوابعها بل وغزنة أيضاً، على الرغم من محاولات أركان حربه وكبار رجال دولته لإقناعه بانتفاء أُسس هذه المخاوف وقّرر الانسحاب نهائياً إلى الهند .(*20)
● - يُعد عام 429ﻫ البداية الفعلية لقيام السلطنة السلجوقية في خراسان، لأن طغرل بك باشر، منُذ ذلك التاريخ مهامه السياسية والقيادية والإدارية. و في عام 432ﻫ، اعترف الخليفة العباسي به سلطاناً على خراسان والأراضي التي ملكها .
- كان لقيام السلطنة السلجوقية أثار كبيرة في تاريخ المشرق الإسلامي وغربي آسيا بشكل خاص، والتاريخ الإسلامي بعامة ذلك أن السلطنة قد ساهمت في توجيه الأحداث السياسية في المشرق الإسلامي بشكل بارز، وفي رسم سياسة توسعية باتجاه العالم النصراني، لنشر العقيدة الإسلامية .
- إن ما حقَّقه طغرلبك من نجاح، أغراه بالتمدد نحو العراق، قلب العالم الإسلامي للسيطرة على الخلافة العباسية وإقامة دولة سلجوقية مترامية الأطراف، أضف إلى ذلك، فقد هدف طغرل بك إلى إنقاذ الخلافة، والمذهب السنيَّ من السيطرة البويهية الشيعية .(*21)
--------------------------------------------------------------------
(*1) العالم الإسلامي في العصر العباسي. حسن أحمد محمود ص 386. و ص 368.
(*2) سير أعلام النبلاء الذهبي (17/484).
(*3) الكامل في التاريخ نقلاً عن العالم الإسلامي في العصر العباسي ص 369.
(*4) سير أعلام النبلاء (16/500). نفسه (17/485).
-------
(*5)تاريخنا بين تزوير الأعداء وغفلة الأبناء ليوسف العظم ص 180.و البداية والنهاية (15/628).، (15/633).
(*6) سير أعلام النبلاء (17/486).
(*7) البداية والنهاية (15/634).
(*8) سير أعلام النبلاء (17/485).
(*9) البداية والنهاية (15/634).
(*10) سير أعلام النبلاء (17/487).
(*11)الكامل في التاريخ نقلاً عن أيعيد التاريخ نفسه ص 66.
--------------
(*11) الدولة السلجوقية منُذ قيامها ص 23.
(*12) الدولة السلجوقية منُذ قيامها ص 24.
(*13) أخبار الدولة السلجوقية للحسين ص 513.
(*14) النجوم الزاهرة (5/50)
(*15الدولة السلجوقية منُذ قيامها ص 24.
(*16)الدولة السلجوقية منُذ قيامها ص 24.
---------------
(*17) الكامل في التاريخ نقلاً عن الدولة السلجوقية منُذ قيامها ص 25.
(*18) الدولة السلجوقية منُذ قيامها ص24؛ص 25.
(*19) الدولة السلجوقية منُذ قيامها ص26.
-----------
(*20) مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية ص 29بتصرف
(*21) تاريخ سلاجقة الروم في آسيا الصغرى محمد سهيل ص29إلى 36 . بتصرف
☆ السلاجقة وبروز مشروع إسلامي الصلابي ص30-23

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم

التاريخ الاسلامى

2/recent/post-list