تاريخ الدولة العثمانية (10)
----------------------------------------------------------------
🚩 نهاية أورخان وبداية مراد الأول "خُداوندگار"
----------------------------------------------------------------
🔹️ ملخص ما سبق
بعد وفاة عثمان تولى الحكم ابنه أورخان، وسار على نفس سياسة والده في الحكم والفتوحات، وفي عام (727هـ/1327م) سقطت في يده نيقوميديا، وتقع في شمال غرب آسيا الصغرى على الضفة المقابلة لمدينة القسطنطينية.
وهي مدينة أزميت الحالية، فأنشأ بها أول جامعة عثمانية، وعهد بإدارتها إلى داود القيصري، أحد العلماء العثمانيين الذين درسوا في مصر ؛ واهتم ببناء الجيش على أسس عصرية وجعله جيشاً نظامياً (*1)؛(*2)
وفي عهد الأمير أورخان انتقل العثمانيون لأول مرة إلى الضفة الأوربية من بحر مرمرة والدردنيل ؛ وكان لديه أمل في فتح القسطنطينية فوضع خطة استراتيجية تستهدف إلى محاصرة العاصمة البيزنطية من الغرب والشرق في آن واحد .
ولتحقيق ذلك أرسل ابنه وولي عهده "سليمان " لعبور مضيق " الدردنيل " والاستيلاء على بعض المواقع في الناحية الغربية.
وفي عام ( 758هـ ) اجتاز سليمان مضيق " الدردنيل " ليلاً مع أربعين رجلاً من فرسانه ولمّا أدركوا الضفة الغربية، استولوا على الزوارق البيزنطية الراسية هناك، وعادوا بها إلى الضفة الشرقية، إذ لم يكن للعثمانيين أسطول حينذاك حيث لاتزال دولتهم في بداية تأسيسها .
وفي الضفة الشرقية أمر " سليمان " جنوده، أن يركبوا في الزوارق حيث تنقلهم إلى الشاطئ الأوربي حيث فتحوا ميناء قلعة " ترنب "، " وغاليبولي " التي فيها قلعة " جناق قلعة " و "أبسالا " " ورودستو " وكلها تقع على مضيق " الدردنيل " من الجنوب إلى الشمال، وبهذا خطا هذا السلطان خطوة كبيرة استفاد بها من جاء بعده في فتح " القسطنطينية " (*3).
وإذا كان العثمانيون قد حرصوا على نقل الأسري من جند الروم إلي الأناضول للحيولة دون قيامهم بحركات عصيان في المناطق المفتوحة ، فقد سلكوا سياسة حكيمة في جذب السكان المحليين من غير المسلمين واستمالتهم لطاعة الإدارة العثمانية ، ومن ثم توطيد الإستقرار في تلك المناطق .
وقد عرفت هذه السياسة التي خضعت لأحكام الشريعة الإسلامية في التواریخ العثمانية باسم " سياسة الإستمالة " ،
ويعقب الدكتور سيد محمد السيد محمود قائلا : إن العثمانيين لم يستقروا في البلقان بقوة السلاح ، بل كانت للسياسة الحكيمة التي اتبعوها ، وللحروب الداخلية التي لم تتوقف بين الأسرات المحلية الحاكمة في البلقان ، وللوباء الذي اجتاح أوروبا في الفترة من ۱۳٤١م إلى ١٣٥٤م ؛ والذي أدي إلي خراب مناطق شاسعة من البلقان ،..
( * انظر كتابه ص ٩٤ أوالفقرة السابقة)
------------------------------------------------------------------
🔹️ بداية تشكل ملامح الدولة الأولى
لقد كان فتح بورصه ثم إزنيق ، واتخاذ العثمانيين لموضـع قـدم في الطــرف الأوروبي بفتح غاليبولي ثم انسياحهم في تراقيا ، نقطة تحول في كيان الإمارة العثمانيـة الصغيرة ، حيث انتقلت على أثرها من مرحلة العشيرة وما ارتبط بها من عادات وأعراف إلي مرحلة الكيان السياسي المتكامل .
فقد كان ضرب عملة " الأقچه " الفضية باســم أورخان غازي عام ١٣٢٧م/ ٧٢٧هـ ، تأكيداً لاعلان الكيان السياسي العثماني في.المنطقة ، حيث شعر هذا الكيان منذ ذلك الحين وعلي أثر الفتوحات المتتالية التي حققها في البلقان بحاجته الملحة لوضع تشكيلات ادارية وقضائية وعسكرية لحماية مقاصده العليا.ورعاية شئون رعاياه .
ولما كانت إمارة آل عثمان ، واحدة من إمارات الأناضول التابعـة لدولـة.سلاجقة الأناضول والخاضعة إدارياً لنفوذ الإلخانيين ، فقد وقعت تشكيلاتها الأولي تحت التأثير المباشر لهاتين الدولتين .
فقد كان الديوان الذي اتخذ مركز الإمارة مقراً له هـو العنصر الأساسي لدولاب الحكومة ، حيث كان يرأس هذا الديوان الحاكم الذي هـو رئيس الدولة ، ويرأسه عند الضرورة الوزير الذي هو نائباً للحاكم ورئيساً للحكومة .
ويعتبر علاء الدين باشا هو أول من عين في منصب الوزارة في الإمارة العثمانية ، وكان من طائفة العلماء . وكانت الشئون العسكرية للدولة توجه لشخص يعرف باسم "صوباشي" أو أمير الأمراء " بكلربكي " فيما بعد .
وكان الديوان هو المرجع الأول لكافة شئون الإمارة ، حيث كانت تصدر عنه كافة الأحكام التنفيذية . واستمرت الشئون العسكرية للدولة تنظر بمعرفة الصوباشي وأمير الأمراء حتي تولية جاندارلي قـره خليل للوزارة .
ومنذ عهد عثمان غازي ، كانت الأراضي توجه للأمراء الغزاة الذين قاموا بفتحها ، وذلك وفقاً للأعراف السلجوقية القديمة ، حيث تم توجيهها فيما بعد لقـواد الجنود في ساحات القتال كمناطق سنجقية ، أي تلك المناطق التي يرفرف فوقها سنجق
(علم) هذا القائد .
وكان صاحب السنجق ينظر في كافة الشئون العسكرية والأمنيـة في منطقته ، إلا أن الشئون القضائية والشرعية فيها كانت تنظر بمعرفة "القاضي" .
وكان قاضي بورصه هو أعلي مرجع للشئون القضائية والعلمية للإمارة العثمانية في ذلـك الوقت، حيث كان تعيين وعزل قضاة السناجق واحدا من أهم مسئولياته ، وذلك حتي
استحداث منصب " قاضي عسكر" في عهد مراد الأول .
ومن المعروف أن قوات العشائر التي قامت بالفتوحـات الأولي كانـت مـن الفرسان. ولما شعرت الإمارة العثمانية بحاجتها لقوات جاهزة للحرب في كل وقـت ، اقترح قاضي بورصه جاندارلي قره خليل تشكيل قوات عاملة من الشبان التركمـان ، بحيث يتخذ منهم المشاة (يايا) والفرسان (مسلم) .
وهكذا ، تم اختيار ألفين مـن الفتية التركمان الأشداء القادرين علي الحرب والنزال ، حيث كان يوزع علي كل منهم
يومية قدرها أقچه واحدة وقت الحرب ، أما في وقت السلم فكان يترك لهـم عشـور الأراضي المعينة لهم ، كما كانوا يعفون من دفع أية ضرائب عليها .
ولما كثر عدد هذه القوات ، تم تقسيمهم بالتبادل في وقت السلم والحرب . أما جند المسلم (يعني الفرسان) فقد انقسموا
إلي بلوكات كل منها يتراوح بين عشرة أفراد إلي مائة فرد ، حيث كان رئيس العشرة يعرف بإسم "اونباشي" (اوكباشي) ، ورئيس المائة "يوزباشي" ، وقائد الفرقة التي تبلغ ألفاً فيعرف باسم "بنباشي" (بكباشي) .
وقسمت فرقة الفرسان ( مسلم ) إلي أوجاقات يبلغ كل منها ثلاثين فرداً ، حيث كان يخرج للحرب منهم في كل مرة خمسـة أفـراد بالتبادل أيضاً .
وقد استمرت هذه القوات تقوم بمسئولياتها بنجاح حتي تشكيل فـرق الدرگاه العالي (قاپو قولي/خدم الباب) ، حيث راحت تستخدم في مؤخرة الجيش بعد ذلك .
وهكذا ، يعتبر أورخان غازي هو المؤسس الفعلي للإمارة ثم الدولة العثمانيـة ففي عهده ضربت العملة وعقد أول ديوان وأسس أول جيش ، وأثبت وجود إمارة آل عثمان السياسي في الأناضول والروميلي ، وفتح الباب لإبنه مراد غازي لترسيخ نفوذ الدولة شرقاً وغرباً وتوطيد دعائمها في الداخل وفي الخارج (☆4)
*وفيما يتعلق بالتشكيلات الأولي لإمارة آل عثمان ، أنظر (*5)
------------------------------------------------------------------------
🔸 تأسيس الجيش الجديد ديني تتارى :
إن من أهم الأعمال التي ترتبط بحياة السلطان أورخان، تأسيسه للجيش الإسلامي وحرص على إدخال نظاماً خاصاً للجيش، فقسمه إلى وحدات تتكون كل وحدة من عشرة أشخاص، أو مائة شخص، أو ألف شخص، ..
وخصص خمس الغنائم للانفاق منها على الجيش، وجعله جيشاً دائماً بعد أن كان لايجتمع إلا وقت الحرب، وأنشأ له مراكز خاصة يتم تدريبه فيها ...(*6).
كما أنه أضاف جيشاً آخر عرف بالانكشارية، شكله من المسلمين الجدد الذين ازداد عددهم بعد اتساع رقعة الدولة وانتصاراتها الكبيرة في حروبها مع أعدائها من غير المسلمين، ودخول أعداد كبيرة من أبناء تلك البلاد المفتوحة في الإسلام، ثم انضمامهم إلى صفوف المجاهدين في سبيل نشر الإسلام،... (*7)
فبعد أن يعتنقوا الإسلام ويتم تربيتهم تربية إسلامية فكرياً وحربياً يعينون في مراكز الجيش المختلفة، وقد قام العلماء والفقهاء مع سلطانهم أورخان بغرس حب الجهاد والذود عن الدين والشوق إلى نصرته أو الشهادة في سبيله وأصبح شعارهم ( غازياً أو شهيداً ) عندما يذهبون إلى ساحة الوغى .......(*8).
ولقد زعم معظم المؤرخين الأجانب أن جيش الانكشارية تكون من انتزاع أطفال النصارى من بين أهاليهم ويجبرونهم على اعتناق الإسلام، بموجب نظام أو قانون زعموا أنه كان يدعى بنظام ( الدفشرية )،...
وزعموا أن هذا النظام كان يستند إلى ضريبة إسلامية شرعية أطلقوا عليها اسم " ضريبة الغلمان " وأسموها أحياناً " ضريبة الأبناء " ، وهي ضريبة زعموا أنها تبيح للمسلمين العثمانيين أن ينتزعوا خمس عدد أطفال كل مدينة أو قرية نصرانية ، باعتبارهم خمس الغنائم التي هي حصة بيت مال المسلمين ومن هؤلاء المؤرخين الأجانب الذين افتروا على الحقيقة، كارل بروكلمان، وجيبونز، وجب ....(*9)
لكن الحقيقة تقول أن نظام الدثرمة المزعوم ليس سوى كذبة دُسَّت على تاريخ أورخان بن عثمان ومراد بن أورخان وانسحبت من بعده على العثمانيين قاطبة،...
فلم يكن نظام الدثرمة هذا إلا اهتماماً من الدولة العثمانية بالمشردين من الأطفال النصارى الذين تركتهم الحروب المستمرة أيتاماً أو مشردين،....
فالإسلام الذي تدين الدولة العثمانية به يرفض رفضاً قاطعاً ما يسمى بضريبة الغلمان التي نسبها المغرضون من المؤرخين الأجانب إليها.
لقد كانت أعداد هائلة من الأطفال فقدوا آبائهم وأمهاتهم بسبب الحروب والمعارك، فاندفع المسلمون العثمانيون إلى احتضان أولئك الأطفال الذين هاموا في طرقات المدن المفتوحة بعد فقدانهم لآبائهم وأمهاتهم وحرصوا على تأمين مستقبل كريم لهم 👍
وهل من مستقبل كريم وأمين إلا في الإسلام، أفاءن يحرص المسلمون على أن يعتنق الأطفال المشردون التائهون الإسلام، انبرى المفترون يزعمون أن المسلمين كانوا ينتزعونهم من أحضان آبائهم وأمهاتهم ؟؟ ويكرهونهم على الإسلام.
ومن المؤسف أن هذه الفرية الحاقدة، وهذا الإفك المبين، وهذا البهتان العظيم التقفه بعض المؤرخين المسلمين يدرسونه في مدارسهم وجامعاتهم وكأنه أمر مسلم به ويطرح على الطلاب كأنه حقيقة من الحقائق ..
👌 ولقد تأثر بكتب المؤرخين الأجانب مجموعة من المؤرخين المسلمين ومن هؤلاء من يشهد له بالغيرة على الإسلام، فأصبحوا يرددون هذا البهتان في كتبهم ..
من أمثال هؤلاء : المؤرخ محمد فريد بك المحامي في كتابه الدولة العلية العثمانية، والدكتور علي حسون في كتابه، تاريخ الدولة العثمانية، والمؤرخ محمد كرد في كتابه خطط الشام، والدكتور عمر عبدالعزيز في كتابه " محاضرات في تاريخ الشعوب الإسلامية " والدكتور عبدالكريم غرايبه في كتاب العرب والأتراك.
👌 إن الحقيقة تقول كل من ذكر ضريبة الغلمان أو أخذهم بالقوة من ذويهم تحت قانون أخذ خمس أطفال المدن والقرى ليس له دليل إلا كتب المستشرقين، كجب، المؤرخ النصراني سوموفيل، أو بركلمان وهؤلاء لايطمئن إليهم في كتابة التاريخ الإسلامي ولا إلى نواياهم تجاه الإسلام وتاريخ الإسلام.
إن الذين يربون تربية خاصة على الجهاد لم يكونوا نصارى وإنما كانوا أبناء آباء مسلمين انخلعوا عن النصرانية، واهتدوا إلى الإسلام، وشرعوا من أنفسهم وعن طواعية لا عن إكراه، يقدمون أبناءهم للسلطان ليستكمل تربيتهم تربية إسلامية،..
أما باقي الأطفال فقد كانوا من الأيتام والمشردين الذين أفرزتهم الحروب فاحتضنتهم الدولة العثمانية. 👍
إن حقيقة الجيش الجديد الذي أنشأه أورخان بن عثمان هي تشكيل جيش نظامي يكون دائم الاستعداد والتواجد قريباً منه في حالة الحرب أو السلم على حد سواء، ..
فشكل من فرسان عشيرته ومن مجاهدي النفير الذين كانوا يسارعون لاجابة داعي الجهاد ومن أمراء الروم وعساكرهم الذين دخل الإسلام في قلوبهم، وحسن إسلامهم .
وما كاد أورخان ينتهي من تنظيم هذا الجيش حتى سارع إلى حيث يقيم العالم المؤمن التقي الحاج بكتاش وطلب منه أن يدعو لهم خيراً، فتلقاهم العالم المؤمن خير لقاء ووضع يده على رأس أحد الجنود، ودعا لهم الله أن يبيض وجوههم، ويجعل سُيوفهم حادة قاطعة، وأن ينصرهم في كل معركة يخوضونها في سبيل الله .
ثم مال تجاه أورخان فسأله، هل اتخذت لهذا الجيش اسماً.. ؟ قال: لا، قال: فليكن اسمه " يني جري " وتلفظ " يني تشري " أي الجيش الجديد.
وكانت راية الجيش الجديد من قماش أحمر وسطها هلال، وتحت الهلال صورة لسيف أطلقوا عليه اسم "ذي الفقار" تيمناً بسيف الإمام علي رضي الله عنه........(*10).
لقد كان علاء الدين بن عثمان أخو أورخان صاحب الفكرة وكان عالماً في الشريعة ومشهور بالزهد والتصوف الصحيح ......... (*11).
وعمل أورخان على زيادة عدد جيشه الجديد بعد أن ازدادت تبعات الجهاد ومناجزة البيزنطيين، فاختار عدداً من شباب الأتراك، وعدداً من شباب البيزنطيين الذين أسلموا وحسن إسلامهم، فضمهم إلى الجيش واهتم اهتماماً كبيراً بتربيتهم تربية إسلامية جهادية.
ولم يلبث الجيش الجديد حتى تزايد عدده، وأصبح يضم آلافاً من المجاهدين في سبيل الله.
لقد كان أورخان وعلاء الدين متفقين على أن الهدف الرئيسي لتشكيل الجيش الجديد، هو مواصلة الجهاد ضد البيزنطيين وفتح المزيد من أراضيهم بهدف نشر الإسلام فيها، والاستفادة من البيزنطيين الذين أسلموا في نشر الإسلام بعد أن يكونوا تلقوا تربية إسلامية جهادية وترسخت في قلوبهم مبادئ الإسلام سلوكاً وجهاداً.
👌 وخلاصة القول، أن الأمير أورخان، لم ينتزع غلاماً نصرانياً واحداً من بيت أبيه، ولم يكره غلاماً نصرانياً واحداً على اعتناق الإسلام، وأن كل ما زعمه بروكلمان وجيب وجببونز، كذب واختلاق، ينبغي أن تزال آثاره من كتب تاريخنا الإسلامي .......(*12) ؛ (☆2)
إن من مقتضيات الأمانة العلمية، والأخوة الإسلامية، تضع في عنق كل مسلم غيور، وخاصة العلماء والمثقفين والمفكرين، والمؤرخين والمدرسين، والباحثين، والإعلاميين، أمانة نسف هذه الفرية ودحض هذه الشبهة التي ألصقت بالعثمانيين وأصبحت كأنها حقيقة لاتقبل النقاش والمراجعة والحوار. 👍
---------------------------------------------------------------------
🔸 سياسة أورخان الداخلية والخارجية
كانت غزوات أورخان منصبة على الروم ولكن حدث في سنة (736هـ-1336م) أن توفي أمير قره سي - وهي إحدى الإمارات التي قامت على أنقاض دولة سلاجقة الروم واختلف ولداه من بعده وتنازعا الإمارة .
واستفاد أورخان من هذه الفرصة فتدخل في النزاع وانتهى بالإستيلاء على الإمارة وقد كان مما تهدف إليه الدولة العثمانية الناشئة أن ترث دولة سلاجقة الروم في آسيا الصغرى وترث ماكانت تملكه واستمر الصراع لذلك بينها وبين الإمارات الأخرى حتى أيام محمد الفاتح حيث تم إخضاع آسيا الصغرى برمتها لسلطانه.
واهتم أورخان بتوطيد أركان دولته وإلى الأعمال الإصلاحية والعمرانية ونظم شؤون الإدارة وقوى الجيش وبنى المساجد وانشأ المعاهد العلمية . .....(*13)
وأشرف عليها خيرة العلماء والمعلمون وكانوا يحظون بقدر كبير من الاحترام في الدولة، وكانت كل قرية بها مدارسها وكل مدينة بها كليتها التي تعلم النحو والتراكيب اللغوية والمنطق والميتافزيقا وفقه اللغة وعلم الإبداع اللغوي والبلاغة والهندسة والفلك .(*14) وبالطبع تحفيظ القرآن وتدريس علومه والسنة والفقه والعقائد.
وهكذا أمضى أورخان بعد استيلائه على إمارة قره سي عشرين سنة دون أن يقوم بأي حروب، بل قضاها في صقل النظم المدنية والعسكرية التي أوجدتها الدولة، وفي تعزيز الأمن الداخلي، وبناء المساجد ورصد الأوقاف عليها وإقامة المنشآت العامة الشاسعة،..
وحرص على طبع كل أرض جديدة بطابع الدولة المدني والعسكري والتربوي والثقافي وبذلك تصبح جزءاً لايتجزأ من أملاكهم، بحيث أصبحت أملاك الدولة في آسيا الصغرى متماثلة ومستقرة.
-------------------------------------------------------------------
🔸 العوامل التي ساعدت أورخان في تحقيق أهدافه
1- المرحلية التي سار عليها أورخان واستفادته من جهود والده عثمان ووجود الإمكانيات المادية والمعنوية التي ساعدتهم على فتح الأراضي البيزنطية في الأناضول وتدعيم سلطتهم فيها ....
ولقد تميزت جهود أورخان بالخطى الوئيدة والحاسمة في توسيع دولته ومد حدودها، ولم ينتبه العالم المسيحي إلى خطورة الدولة العثمانية إلا بعد أن عبروا البحر واستولوا على غاليبولي .....(*15).
2- كان العثمانيون - يتميزون - في المواجهة الحربية التي تمت بينهم وبين الشعوب البلقانية - بوحدة الصف ووحدة الهدف ووحدة المذهب الديني وهو المذهب السني.
3- وصول الدولة البيزنطية إلى حالة من الإعياء الشديد وكان المجتمع البيزنطي قد أصابه تفكك سياسي وانحلال ديني واجتماعي، فسهل على العثمانيين ضم أقاليم هذه الدولة.
4- ضعف الجبهة المسيحية نتيجة لعدم الثقة بين السلطات الحاكمة في الدولة البيزنطية وبلغاريا وبلاد الصرب والمجر، ولذلك تعذر في معظم الأحيان تنسيق الخطط السياسية والعسكرية للوقوف في جبهة واحدة ضد العثمانيين. (*16).
5- الخلاف الديني بين روما والقسطنطينية أي بين الكاثوليك والأرثوذكسية الذي استحكمت حلقاته وترك آثاراً عميقة الجذور في نفوس الفريقين.
6- ظهور النظام العسكري الجديد على أسس عقدية، ومنهجية تربوية وأهداف ربانية وأشرف عليه خيرة قادة العثمانيين.
-------------------------------------------------------------------
🚩 مراد الأول خُداوندگار
(761 - 791هـ \1360 - 1389م)
لوحة التعريف :
الملكُ العادل والسُلطانُ الغازي أبو الفتح غيَّاثُ الدُنيا والدين خُداوندگار مُراد خان الأوَّل بن أورخان بن عُثمان القايوي التُركماني (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: الملكُ العادل أبو الفتح غازى سُلطان مُراد خان أول بن اورخان بن عُثمان؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: Sultan Murad Han I ben Orhan Gazi)،
ويُعرف اختصارًا باسم مُراد الأوَّل أو مُراد خُداوندگار (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: مُراد خُداوندگار؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: Murad Hüdavendigâr)؛
و«خُداوندگار» كلمة فارسيَّة يُقصد بها الإشارة إلى حاملها بِأنَّهُ حاكمٌ بِأمر الله أو بِفضل الله، لِذا اشتهر هذا السُلطان بِأنَّهُ «مُرادُ الله».
هو ثالث أمراء آل عُثمان وأوَّل من تلقَّب بِلقب سُلطانٍ بينهم، بعد أن كان والده أورخان وجدِّه عُثمان يحملان لقب «أمير» أو «بك» فقط. والدته هي نيلوفر خاتون ابنة صاحب يني حصار البيزنطي،
فهو بهذا أوَّلُ سُلطانٍ عُثمانيٍّ صاحب جُذورٍ تُركمانيَّة - بيزنطيَّة.
▪︎مدة الحكم 761 - 791هـ\1360 - 1389م
▪︎التتويج 761هـ\1360م
▪︎ولي العهد بايزيد الأوَّل
▪︎الاسم الكامل : مُراد بن أورخان بن عُثمان القايوي الغزّي
▪︎الميلاد 726هـ\1326م أماسية، الأناضول، الإمارة العُثمانيَّة
▪︎الأم : نيلوفر خاتون
▪︎إخوة : شاهزاده خليل، وسليمان باشا بن أورخان
▪︎الوفاة 791هـ\1389م قوصوه، إمارة برانكوڤيچ, كوسوفو
▪︎مكان الدفن :تُربة عثمان الغازي، بورصة، تركيا
▪︎تولَّى الحُكم بعد وفاة أبيه السُلطان أورخان سنة 1360م، وكان عُمره 36 عامًا وقتها
▪︎ واستمرَّ حُكمه 31 سنة تمكَّن خلالها من توسيع نطاق إمارته حتَّى أصبحت قوَّة إقليميَّة كبيرة. كانت باكورة أعماله فتح مدينة أدرنة في تراقيا ونقل مركز العاصمة إليها من بورصة .
▪︎ ثُمَّ تابع فُتوحاته وتوسُعاته في جنوب شرق أوروپَّا، فضمَّ الكثير من البلاد إلى مُمتلكاته وإلى ديار الإسلام، وأجبر أُمراء الصرب والبلغار وحتَّى الإمبراطور البيزنطي يُوحنَّا الخامس پاليولوگ على الخُضوع له ودفع جزية سنويَّة لِلدولة العُثمانيَّة.
ولمَّا بلغت دولته مبلغًا كبيرًا من القُوَّة والازدهار خضعت لها الإمارات التُركمانيَّة في الأناضول بعد أن تبيَّن لها عدم جدوى مُقاومتها وصحَّة مُحالفتها، إلَّا إمارة القرمان فاضطر لقتالها والإستيلاء على عاصمتها أنقرة .
▪︎كان مُراد الأوَّل أوَّل سُلطانٍ عُثمانيٍّ يموت في أرض المعركة، والوحيد من سلاطين بني عُثمان الذي قُتل في الحرب، وأُضيف إلى ألقابه بعد وفاته لقب «السُلطان الشهيد».
▪︎ تكمن أهميَّة مُراد الأوَّل بِنجاحه في الارتقاء بِالإمارة العُثمانيَّة إلى طور الدولة، وقد مهَّدت وضعيَّة فُتوحاته السبيل لِتطوير النظام الإنكشاري وإحداث تغييرات هامَّة في نُظم الإمارة، ما ساعد على وضع أُسس الهيكل المركزي فيها.
▪︎ وكما كان حالُ والده وجدِّه من قبل، عاش مُراد حياةً زاهدةً أقرب إلى حياة المُتصوفين، فكان لباسه لِباس الدراويش عكس ما تُصوِّره اللوحات، واشتهر بِقلَّة كلامه وحُبِّه مُجالسة العُلماء والتفقُّه بِالشريعة الإسلاميَّة .
▪︎ وصفه المؤرخ الفرنسي «كرينارد» بِقوله: «كَانَ مُرَاد أَحَد أَكبَر رِجَال آل عُثمَان، وَإِذَ قَوَّمنَا تَقويمًا شَخصيًّا، فَقَد كَان في مُستوى أَعلَى مِن كُلِّ حُكَّامِ أوروپَّا». (*17)
-------------------------------------------------------------------
(*1) قيام الدولة العثمانية ، محمد فؤاد كوبريلي ص29.
(*2) العثمانيون في التاريخ والحضارة ،محمد حرب ص17.
(*3) الدولة العثمانية ، الدكتور جمال عبدالهادي ، ص22
------
(☆4) تاريخ الدولة العثمانية النشأة والإزدهار ،د. سيد محمد السيد محمود /جامعة الإسكندرية//مكتبة الآداب القاهرة ٢٠٠٧؛ ص ٩٦- ٩٨
(*5)
ismail Hakka Uzunsarsilh 85
Osmanlı Devletinin Merkez ve Bahriye Teşkilâti, Ankara 1948,
s.lvd.; ayn. Mlf., Osmanlı Devletinin Saray Teşkilâtı, Ankara
1945, s.9 vd.; ayn. Mlf., Osmanlı Devleti Teşkilâtından Kapı
Kul Ocakları, Ankara 1943, s. 5vd.; ayn. Mlf., Osamnlı
Devletinin İlmiye Teşkilâti, Ankara 1965, s. 1vd.; Yusuf
Halacoğlu, XIV-XVII. Yüzyıllarda Osmanlılarda Devlet Teşkilâtı
ve Sosyal Yapı, Ankara 1996, s. 7, 43vd.
------
(*6) انظر: قيام الدولة العثمانية ، كوبريلي ص32.
(*7) المصدر السابق نفسه، ص302
(*8) انظر: قيام الدولة العثمانية، ص302.
(*9) انظر: جوانب مضيئة في تاريخ العثمانيين الأتراك ..زياد غنيمة، ص122.
(*10) انظر: جوانب مضيئة ، ص147.
(*11) المصدر السابق نفسه، ص144.
(*12) المصدر السابق نفسه، ص155.
(☆2) الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب
السقوط د.على الصلابي ص96-84
--------
(*13) انظر: محمد الفاتح ، الدكتور سالم الرشيدي ، ص25.
(*14) انظر: في أصول التاريخ العثماني ، محمد عبدالرحيم، ص40.
-------
(*15) انظر: الدولة العثمانية في التاريخ الاسلامي الحديث، د. إسماعيل أحمد ياغي ص22.
(*16) انظر: الدولة العثمانية في التاريخ الاسلامي الحديث ، ص23
-------
(*17) مصادر لوحة التعريف
▪︎The Fall of Constantinople, Steven Runciman,
Cambridge University Press P. 36
▪︎ The Nature of the Early Ottoman State, Heath W. Lowry, 2003 SUNY Press P. 135
▪︎History of the Ottoman Empire and Modern Turkey, Stanford Jay Shaw, Cambridge University Press, p. 24
#تاريخالدولةالعثمانية_جواهر
-------------------------------------------------------------------
تابعونا
إرسال تعليق