تاريخ الأندلس ... (11) 🔸 موسى بن نصير و طارق بن زياد أبطال الإسلام على أبواب الأندلس

    تاريخ  الأندلس   ...  (11)

🔸 موسى بن نصير و طارق بن زياد 

      أبطال الإسلام على أبواب الأندلس 



------------------------------------------------

في سنة 85هـ تم عزل والى إفريقية حسان بن النعمان من قبل والي مصر عبد العزيز بن مروان أخو الخليفة عبد الملك و أبو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، وأصر عبد العزيز على تولية القائد الفذ موسى بن نصير على المغرب و إفريقية .


 و يقول الذهبي عن حسان بن النعمان الغسّاني: من ملوك العرب ولي المغرب فهذَّبه وعَمَره وكان بطلاً شجاعاً، مجاهداً لبيباً، ميمون النقيبة كبير القدر، وجهه معاوية في سنة 57هـ فصالح البربر ، ورتب عليهم الخراج وانعمرت البلاد، وله غزوات مشهودة بعد قتل الكاهنة وكان يدعى الشيخ الأمين، توفي سنة 80هـ .


🔸 موسى بن نصير 85هـ :


{ واللَّه ما هزمت لي راية قط، ولا بدد لي جمع، ولا نكب المسلمون معي منذ اقتحمت الأربعين إلى أن بلغت الثمانين}


ولد موسى بن نُصير عام (19هـ=640م)، في قرية من قرى الخليل في شمال فلسطين، تُسَمَّى كفر مترى، في بيت علم وجهاد، فتعلَّم الكتابة، وحَفِظَ القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، ونظم الشعر. 


وقيل: كان مهيبًا، ذا رأي وحزم، وروي عن تميم الداري فكان من التابعين، 


وأبوه نصير  تقول بعض الروايات أنه كان غلاماً نصرانياً، أسر في موقعة عين التمر،  زمن فتح الشام ؛ وكان قائد المسلمين فيها خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، 


وكان نصير هذا  يتعلم الإنجيل والدراسات النصرانية في كنيسة من الكنائس، ثم عرض عليه الإسلام، فأعجب بالإسلام ودخل فيه، ونصير هو أبو موسى بن نصير وكان معه أيضاً في نفس الفترة وفي نفس المكان سيرين والد محمد بن سيرين التابعي المشهور. . 

--------

كان  نُصَير بن عبد الرحمن بن يزيد هذا ، مولى عبد العزيز بن مروان، وكان شجاعًا وممن شهد معركة اليرموك الخالدة، وكانت منزلته مكينة عند معاوية بن أبي سفيان، وبلغ في الرتب أن كان رئيس الشرطة في عهد معاوية حين كان واليًا على الشام في خلافة عمر وعثمان ،


 وكذلك روى التاريخ لأمِّ موسى قصة بليغة في الشجاعة، فلقد شهدت هي -أيضًا- معركة اليرموك مع زوجها وأبيه، وفي جولة من جولات اليرموك التي تقهقر فيها المسلمون أبصرت أمُّ موسى رجلاً من كفار العجم يأسر رجلاً من المسلمين، تقول:


“فأخذتُ عمود الفسطاط، ثم دنوت منه فشدخت به رأسه، وأقبلتُ أسلبه فأعانني الرجل على أخذه”


وهكذا تربى موسى بن نُصير على حب الجهاد، وترعرع بين أبناء القادة والملوك، فلم يُلهيه ذلك عن حمل هم الإسلام والدفاع عنه.


أن كبار الكتاب والمؤرخين تعجز أقلامهم، وتقف بلاغتهم حائرة في وصف هذه القامة الإسلامية الشامخة، موسي بن نصير .


تولى ابن نصير وزارة مصر مع عبد العزيز بن مروان، فكان نعم الوزير، فتعلم وازدادت خبرته في أمور السياسة والحكم، وكانت له سمعة طيبة، جعلت الخليفة الوليد بن مروان يعينه وزيراً لأخيه بشر على العراق ورئيست للديوان،


 وفي الحقيقة كان هو الأمير الفعلي، حتى تولى ولاية البصرة، ثم عَيَّنَه صديقُه عبدُ العزيز بن مروان واليًا على شمال إفريقية بدلاً من حسان بن النعمان، 


لا يتفق المؤرخون على تاريخ محدد لتولية موسى بن نصير على المغرب وعزل حسان بن النعمان عنه، ولكن الأقرب إلى تسلسل الأحداث أن يكون عزل حسان وتولية موسى بن نصير في سنة 85هـ، قبيل وفاة عبد العزيز ابن مروان والذي ينسب إليه المؤرخون عزل حسان وتولية موسى ،


و حينما وصل إلى مقر القيادة عندما توافدت الجيوش، قام موسى بن نصير خطيباً، فكان مما قاله :


♦" وإنما أنا رجل كأحدكم، فمن رأى مني حسنة، فليحمد الله، وليحض على مثلها، ومن رأى مني سيئة، فلينكرها، فإني أخطئ كما تخطئون، ,أصيب كما تصيبون، ...


وقد أمر الأمير أكرمه الله لكم بعطاياكم وتضعيفها ثلاثاً، فخذوها هنيئاً مريئاً، من كانت له حاجة فليرفعها إلينا، وله عندنا قضاؤها على ماعز وهان مع المواساة إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله " ♦


وهكذا أنجز موسى قبل أن يدخل إفريقية حشد جيشه وأكمل استحضاراته الإدارية وساوى نفسه برجاله، وسار  متوجهاً إلى الغرب وكان الأمن هناك غير مستتب، 


وهناك برز موسى بن نصير قائداً منتصراً في فتوح المغرب ويرجع ذلك إلى السياسة التي اتبعها مع الأهالي وهي سياسة التعاون والاندماج الكلي مع البربر ،


 فحين كان يقدم عليه وفود القبائل ليعلنوا ولاءهم كان يولي عليهم رجلاً منهم ويأخذ رهائن من خيارهم لضمان هذا الولاء، كما فعل مع وفد كتامة ومع وفد مصمودة وغيرهم ، 


ولكن ما أن يعتنق البربر الإسلام، كان موسى يقر زعمائهم في الرئاسة مقابل مساهمة كل قبيلة بعدد  من المقاتلين للانضمام للمقاتلين العرب في جيشه . 


وأعطت سياسة التفاهم هذه ثمارها، فقد استطاع موسى أن يجند أعداداً كبيرة من قبائل البربر مثل كتامة وهوارة وزناتة ومصمودة ،



 وألحق موسى بن نصير هؤلاء المقاتلة من البربر مع جراوة الذين كانوا قد جندوا في عهد حسان، ووضعهم جميعاً في حامية طنجة تحت قيادة طارق بن زياد الذي وليها سنة 90 هـ من قبل موسى بن نصير ،


 ومن الوسائل التي استخدمها موسى في تأليف القلوب وضبط الأمور، وتقوية الدولة الإسلامية: 


1 ـ عتق بعض السبايا:كان موسى بن نصير يعتق بعض سباياهم ويتولاهم في نطاق خطته لتشجيع البربر على الدخول في الإسلام، فكان يشتري من السبايا من كان في ظنه أنه يقبل الإسلام.


2 ـ تطبيق مبدأ المساواة :

في المنح بين البربر المسلمين والعرب الذين أبلوا بلاء حسناً وذلك تشجيعاً وتقديراً لبلائهم وبهذا التصرف تمكن موسى من جلب أعداد كبيرة إلى الإسلام وإشراكهم في الجيش الإسلامي .


3 ـ التنظيم الإداري : 

ويبدو أن موسى بن نصير حين دخل إفريقية وجدها في حاجة ماسة إلى إدارة مستقرة، فقد انفردت كل قبيلة بربرية بناحيتها واستبدت بها دون أن تخضع لولاة أو عمال،


 فأخذ موسى يعمل على إخضاع كل المغرب إلى الحكم الإسلامي فبدأ ينقل البيزنطيين من المدن الساحلية والنواحي الداخلية وأسكنهم قرب مراكز الحكم الإسلامي مما يتيح للمسلمين مراقبتهم ودعوتهم وتعليمهم.


4 ـ تكوين القوة البحرية :

 أنشأ حسان بن النعمان دار صناعة السفن بتونس ثم استكملها بعده موسى بن نصير وعبيد الله بن الحباب، ويذكر أنه صنع بها مراكب مما مكنه من غزو صقلية.


5 ـ سك النقود :

 ويبدو أنه بادر بسك النقود بإفريقية، إذ يرى حسن حسني عبد الوهاب أن أول أمير سك النقود بإفريقية، هو موسى بن نصير سنة 95هـ .


 وتتلخص أعمال موسى بن نصير في حرصه على نشر الإسلام بين البربر ولهذا كان يختار عمالاً يحسنون السيرة في أهالي المناطق المفتوحة ، واختار فئة من أصحابه لتعليم البربر حديثي الإسلام، القرآن ومبادئ الإسلام. 


فقد أمر العرب أن يعلموا البربر القرآن وأن يفقهوهم في الدين ، وذكر ابن عذارى أن موسى ترك سبعين رجلاً من العرب في طنجة يعلمون البربر القرآن وشرائع الإسلام.


 وهذه السياسة هي استمرار لسياسة عقبة بن نافع وحسان بن النعمان . وهذا أدى إلى انتشار الإسلام في المغرب الأقصى .


 واستطاع موسى بن نصير بعد حملات جهادية منظمة السيطرة على جميع شمال إفريقية من برقة إلى المحيط الأطلسي وأصبح سيد إفريقية بدون منازع، وكان أولاده من ضمن قادته في فتوحاته الكبرى


 وكانت له حملات بحرية على جزر البحر الأبيض المتوسط 

واستطاع موسى بناء أسطول بحري ضخم، فأرسل ابنه عبد الله بن موسى لغزو جزر البليار، وفتح ميورقة ومنورقة الواقعة قبالة السواحل الإسبانية، كما فتح صقلية وطنجة، واستولى على كامل المغرب العربي باستثناء مدينة سبتة التي كانت تحت حكم يوليان تابعا لملك القوطة .


ولم تقتصر حملات موسى بن نصير البحرية على مقاتلة إفريقية بل شملت دعم الحملات البحرية في  مصر ،


 هذا وقد توجت هذه الانتصارات البحرية الرائعة التي حققها الأسطول الإسلامي بفتح بلاد الأندلس الذي خطط له موسى بن نصير ونفذه طارق بن زياد وتم بشكل نهائي بتوفيق الله ثم جهود هذين القائدين العظيمين .


🔸 طارق بن  زياد  :


هو طارق بن زياد النفزي قائد من قادة المسلمين العظماء عبر التاريخ، وهو مولى موسى بن نصير أمير أفريقيا في زمن خلافة الوليد بن عبد الملك اشتهر بفاتح الأندلس ولازال منطقة جبل طارق الإسبانية المحتلة من قبل بريطانيا تحمل إسمه و كذلك المضيق الملاحي بين الأطلنطي و المتوسط .  


اختلف المؤرخون حول أصول طارق بن زياد، فمنهم من قال أنَّه عربي كابن خلكان والزركلي و المقري التلمساني ، ومنهم من قال أنَّه أفريقي بربري كابن عذاري، وآخرون قالوا أنَّه فارسي، 


إلا ان الأرجح أنه من الأمازيغ (البربر) ، ويميل معظم المؤرخين إلى هذا الرأي  كابن عذاري،  فهو أمازيغى من قبيلة "نفزة"، و هذه القبيلة ليست بنفزاوة الطرابلسية، بل هي على الأرجح مستقرة حول طنجة في "الريف الحالي".


تتواجد قبيلة نفزة  في مدينة الناضور في شمال المغرب الأقصى ، و ذكر هذه القبيلة ذكرها ابن عذارى المراكشي في كتابه حيث قال بعد ذكر اسم طارق كاملا : فهو نفزي مشيرا إلى قبيلة نفزة المغربية، 


لم يُعرف من حياة طارق وأعماله شيء قبل تعيينه أميرًا على برقة بعد مقتل زهير بن طبرق سنة 76 هجرية، ثمَّ اختير طارق قائدًا لجيش موسى بن نصير فكان خير قائد لخير جيش، 


فاستطاع أن يستولي على بقية المغرب العربي واصلًا بالجيش إلى المحيط الأطلسي، وبفتحه مدينة الحسيمة استطاع أن يرضخ المغرب العربي كلَّه تحت حكم موسى بن نصير، 


ولم تبق أمامه إلا مدينة سبتة والتي كانت منيعة الحصون شديدة القوة، وكانت آنذاك تحت حكم جوليان البيزنطي أو يليان المسيحي كما يُسمَّى عند بعض المؤرخين، وقد كان جوليان حاكم سبتة يحصل على الدعم والمعونة من القوط الموجودين في إسبانيا، وهذا ما حال دون تمكن طارق وموسى من السيطرة على سبتة.


وبعد أن عجز طارق عن فتح سبتة، رغب بكسب صداقة جوليان، فراسله وتوصَّل معه إلى هدنة وصداقة تزامنت مع خلع الملك غيتشه القوطي في إسبانيا واستلام رجل اسمه لذريق (رودريك) الحكم القوطي في إسبانيا،


و تقول بعض الروايات : أنه بعد أن استلم لذريق الحكم قام بالاعتداء على ابنة جوليان التي كانت عند الملك غيتشه المخلوع، وهذا ما أثار غضب جوليان وجعله يعرض على طارق فتح الأندلس بدعمه،


 فاتصل طارق على الفور بموسى بن نصير في القيروان والذي أخبر الخليفة الوليد بن عبد الملك أيضًا بأمر الأندلس، فنصح الخليفة بعدم الاعتماد على جوليان،


 بل دعا إلى ضرورة استكشاف الأندلس قبل التورُّط في فتحها، وبالفعل جاءت البشائر من الأندلس بسهولة الفتح، وعبر طارق البحر بجيشه، وتم فتح الأندلس على يده فيما بعد، والله أعلم.


بالطبع هذا كلام غير معقول و ما كانت قوة جوليان تستطيع أن تضيف شيئا إلى جيش طارق و موسى بن نصير و هي لاشيء بجانب جيوش الخلافة الأموية التى تحكم 15 مليون كم مربع .


و بالطبع لم يكن موسى بن نصير ولا طارق بن زياد غافلين في حاجة إلى من يلفت نظرهما لبلاد الأندلس و هما من فتحا كل هذه البلاد في المغرب و كل تلك الجزر في البحر و لم تكن الدولة الأموية ستقف عند ساحل إفريقية بينما تحاول جيوشها اسقاط القسطنطينية و تحاول فتح الصين والهند !!


لقد كان الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الايبيريَّة (أسبانيا والبرتغال) أمراً طبيعياً حسب الخطة التي اتبعها المسلمون أثناء فتوحاتهم، وهي تأمين حدودهم ونشر دعوتهم وذلك بالمضي في جهادهم إلى ما وراء تلك الحدود، لنشر العقيدة الإسلامية التي تقتضي أن يستمر المدُّ الإسلامي ما دامت فيه القوة على الاستمرار، 


وبعد أن أرسى موسى بن نصير، ومن معه، كلمة الإسلام بجهودهم في المغرب الكبير، كانت الخطوة التالية الطبيعية هي فتح الأندلس 


ولقد آتت جهوده الدعوية ثمارها الزكية فقد أصبح البربر في تلك الديار من أخلص الناس للإسلام وللدعوة إليه والجهاد في سبيل نشر تعاليمه، 


ولقد كانت أكثرية جيش طارق إلى الجزيرة الايبيريَّة من المسلمين البربر، الذين تحمسوا لدعوة الإسلام، حباً لها وتضحية من أجلها، لا طمعاً في مغنم أو حرصاً على جاه، 


فهذا هو هدف جميع الفتوحات الإسلامية التي يكفي الاطَّلاع عليها ومعرفة طبيعتها لرفض الإدعاءات وإسقاط المفتريات المزوّرة، التي تشير ـ تلميحاً أو تصريحاً ـ إلى إعتبار الغنائم سبب هذا الفتح، وهو أمر عاري من الحجج والبراهين والأدلة، وإنما هي أوهام لا تحمل أي رائحة من الطابع العلمي أو السند التاريخي .

---------------------------------------------------------------------

🔸متي نشأت فكرة فتح الأندلس :


 يمكن القول بأن فكرة فتح الجزيرة الايبيريَّة هي فكرة إسلامية تماماً. بل يُروى بأنها فكرة قديمة تمتد إلى أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان، فقد كان عقبة بن نافع الفهري يفكر في إجتياز المضيق إلى أسبانيا لو استطاع وسبق للمسلمين نشاط على شواطئ أسبانيا الشرقية وبعض الجزر القريبة منها، وهي مَيورْقة ومَنورقة، واليابسة، 


 أما الإتصال بجوُليان حاكم مدينة سبتة أو بغيره من الأسبان فإنها جاءت مواتية على ما يبدو وفي الوقت الذي كان موسى بن نصير يفكر في تنفيذ فكرة الفتح ـ 


وربما كان ذلك الاتصال (إن كان حدث بالفعل) عاملاً مساعداً سهّل سير الفتح أو عجّل به. 


لكن المبادأة ومردّ العمليات وإنجازها كانت من الجانب الإسلامي الذي اندفع مع الفتح بقوة فائقة معتمداً على الله في تحقيق ما يصبوا إليه من هداية الناس .


👌وقد استشار موسى بن نصير الوليد بن عبد الملك  قبل اتصالاته بجوُليان، أو  قبل اتصال هذا الأخير بموسى. 


وقد ترددت الخلافة ـ بادي الأمر ـ بالقيام بمثل هذا العمل الكبير، خوفاً على المسلمين من المخاطرة في مفاوز أو إيقاعهم في مهالك، ولكن موسى أقنع الخليفة بالأمر، ثم تمّ الاتفاق على أن يَسبق الفتح اختبار المكان بالسرايا أو الحملات الاستطلاعية .

--------------------------------------------------------------------

تابعونا  #تاريخالأندلسجواهر (11)

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم

التاريخ الاسلامى

2/recent/post-list