سيرة الفاروق عمر رضي الله عنه (6)
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلاً
------------------------------------------------------------------
كان عمر سندا لأبي بكر يشد أزره في خلافته رضي الله عنهما ؛ ولم يكن الصديق مستبدا برأيه بل يستشيره كثيرا فينزل على رأيه ؛ وأيضا يستشير من حوله من الصحابه ؛ وفي الوقت ذاته كان أبو بكر يصر على أشياء فيخالف رأي عمر ....
فيعيد عمر التفكير فيجد أن أبا بكر على صواب فيسمع ويطيع لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. لقد كان هدفهما تحري الصواب و تحقيق مصلحة المسلمين لا حب الرياسة ولا تقديس المناصب رضي الله عنهما .
------------------------------------------------------------------
🔸 عمر رضي الله عنه يوم الثقيفة
عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح ؛...
فذهب عمر يتكلم ،، فأسكته أبو بكر ، وكان عمر يقول : والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاماً قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر، فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء، ...
فقال حباب بن المنذر: لا والله لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء، وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب داراً، وأعربهم أحساباً، فبايعوا عمر، أو أبا عبيدة. فقال عمر: بل نبايعك أنت، وأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس . ....(*1)،
فرضي الله عن عمر وأرضاه، فإنه عندما ارتفعت الأصوات في السقيفة وكثر اللغط، وخشي عمر الاختلاف، ومن أخطر الأمور التي خشيها عمر أن يُبْدأ بالبيعة لأحد الأنصار فتحدث الفتنة العظيمة ؛ لأنه ليس من اليسير أن يبايع أحد بعد البدء بالبيعة لأحد الأنصار، فأسرع عمر رضي الله عنه إخماداً للفتنة. ......(*2)،
وقال للأنصار:
يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله أمر أبا بكر أن يؤم الناس فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر ...(*3)،
ثم بادر رضي الله عنه وقال لأبي بكر: ابسط يدك، فبسط يده فبايعه، وبايعه المهاجرون، ثم الأنصار. ...(4).
وعندما كان يوم الثلاثاء جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:
{ أيها الناس، إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت، وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهده إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيُدبّر أمرنا ،...
يقول : يكون آخرنا، وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوا فبايع الناس أبا بكر بيعته العامة بعد بيعة السقيفة .}.....(*5)،
فكان عمر رضي الله عنه يذود ويقوي، ويشجع الناس على بيعة أبي بكر حتى جمعهم الله عليه، وأنقذهم الله من الاختلاف والفرقة والفتنة، فهذا الموقف الذي وقفه عمر مع الناس من أجل جمعهم على إمامة أبي بكر، موقف عظيم من أعظم مواقف الحكمة التي ينبغي أن تسجل بماء الذهب.(*6).
لقد خشي أن يتفرق أمر المسلمين وتشب نار الفتن فأخمدها بالمبادرة إلى مبايعة أبي بكر، وتشجيع الناس على المبايعة العامة فكان عمله هذا سبباً لنجاة المسلمين من أكبر كارثة كانت تحل بهم لولا يمن نقيبته وصحة نظره بعد معونة الله تعالى ...(*7).
------------------------------------------------------------------
🔸 مراجعة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما في محاربة مانعي الزكاة وإرسال جيش أسامة
قال أبو هريرة رضي الله عنه :
{ لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر بعده. وكفر من كفر من العرب، قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله...
قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا (*عنزة صغيرة) ، كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. ..
قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن الله – عز وجل – قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق...(*8)،
وعندما اقترح بعض الصحابة على أبي بكر بأن يبقى جيش أسامة حتى تهدأ الأمور أرسل أسامة من معسكره من الجرف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما إلى أبي بكر يستأذنه أن يرجع بالناس وقال : إن معي وجوه المسلمين وجلتهم، ولا آمن على خليفة رسول الله، وحرم رسول الله، والمسلمين أن يتخطفهم المشركون ...(*9)،
ولكن أبا بكر خالف ذلك وأصرّ على أن تستمر الحملة العسكرية في تحركها إلى الشام مهما كانت الظروف والأحوال والنتائج، ...
وطلبت الأنصار رجلاً أقدم سناً من أسامة يتولى أمر الجيش وأرسلوا عمر بن الخطاب ليحدث الصديق في ذلك فقال عمر رضي الله عنه :
فإن الأنصار تطلب رجلاً أقدم سناً من أسامة رضي الله عنه فوثب أبو بكر رضي الله عنه وكان جالساً وأخذ بلحية عمر رضي الله عنه وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب ! استعمله رسول الله وتأمرني أن أعزله ؟ !...(*10)
فخرج عمر رضي الله عنه إلى الناس فقالوا : ما صنعت؟ فقال: امضوا ثكلتكم أمهاتكم ! ما لقيت في سببكم من خليفة رسول الله .....(11).يعني أنه عنفني بسبب رأيكم .
------------------------------------------------------------------
🔸 عمر ورجوع معاذ بن جبل رضي الله عنهما من اليمن
مكث معاذ بن جبل باليمن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان له جهاده الدعوي وكذلك ضد المرتدين، وبعد وفاة رسول الله قدم إلى المدينة، فقال عمر رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه : أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه وخذ سائره منه .
فقال أبو بكر: إنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليجبره ولست بآخذ منه شيئاً إلا أن يعطيني ،..
ورأى عمر أن أبا بكر رضي الله عنهما لم يأخذ برأية، ولكن عمر مقتنع بصواب رأيه، فذهب إلى معاذ لعله يرضى، فقال معاذ: إنما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبرني ولست بفاعل،...
إن عمر لم يذهب إلى أبي بكر مستعدياً، ولكنه كان يريد الخير لمعاذ وللمسلمين، وهاهو معاذ يرفض نصيحة عمر ويعلم عمر أنه ليس بصاحب سلطان على معاذ فينصرف راضياً، لأنه قام بواجبه من النصيحة،...
ولكن معاذاً رأى بعد رفضه نصيحة عمر ما جعله يذهب إليه قائلاً : قد أطعتك ، وإني فاعل ما أمرتني به فإني رأيت في المنام أني في خوضة ماء قد خشيت الغرق فخلصتني منه يا عمر. !
ثم ذهب معاذ إلى أبي بكر رضي الله عنهما فذكر ذلك كله له وحلفه أنه لا يكتمه شيئاً، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا
لا آخذ شيئاً قد وهبته لك .
فقال عمر رضي الله عنه: هذا حين حل وطاب .....(*12) ،
وقد جاء في رواية : أن أبا بكر قال لمعاذ : ارفع حسابك فقال معاذ: أحسابان حساب الله وحساب منكم ؟ والله لا ألي لكم عملاً أبداً ....(*13).
------------------------------------------------------------------
🔸 فراسة صادقة من عمر في أبي مسلم الخولاني
كان عمر رضي الله عنه يتمتع بفراسة يندر وجودها في هذه الحياة فقد روى الذهبي : أن الأسود العنسي تنبأ باليمن – ادعى النبوة – فبعث إلى أبي مسلم الخولاني، فأتاه بنار عظيمة، ثم إنه ألقى أبا مسلم فيها، فلم تضره …
فقيل للأسود : إن لم تنف هذا (*أبا مسلم) عنك أفسد عليك من اتبعك، فأمره بالرحيل،فقدم المدينة، فأناخ في راحلته، ودخل المسجد ...
فبصر به (*عمر) فقام إليه، فقال: ممن الرجل؟ قال: من اليمن قال: وما فعل الذي حرقه الكذاب بالنار؟ قال: ذاك عبد الله بن ثُوَب . !!
قال نشدتك بالله، أنت هو ؟ قال: اللهم نعم.
فأعتنقه عمر (احتضنه) ، وبكى، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصديق، فقال: الحمد لله الذي لم يُمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من صنُع به كما صُنع بإبراهيم الخليل ....(*14).
------------------------------------------------------------------
🔸 رأيه في تعيين أبان بن سعيد على البحرين :
انتهج أبو بكر رضي الله عنه منهج الشورى في تعيين الأمراء، فقد ورد أنه شاور أصحابه فيمن يبعث إلى البحرين، فقال له عثمان : ابعث رجلاً قد بعثه رسول الله، فقدم عليه....(*15) ، بإسلامهم وطاعتهم، وقد عرفوه وعرفهم، وعرف بلادهم يعني العلاء بن الحضرمي، فأبى ذلك عمر عليه، وقال : أكره أبان بن سعيد بن العاص ، فإنه رجل قد حالفهم،..
فأبى أبو بكر أن يكرهه وقال : لا أكره رجلاً يقول : لا أعمل لأحد بعد رسول الله وأجمع أبو بكر بعثة العلاء بن الحضرمي إلى البحرين .....(*16) .
------------------------------
🔸 رأي عمر في عدم قبول دية قتلى المسلمين في حروب الردة :
جاء وفد بُزاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح، فخيرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية،...
فقالوا : هذه المجلية قد عرفناها فما المخزية؟
قال تنزع منكم الحلقة والكراع، ونغنم ما أصبنا منكم وتردون علينا ما أصبتم منا، وتَدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، وتتركون أقواماً يتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة رسوله والمهاجرين أمراً يعذرونكم به،....
فعرض أبو بكر ما قال على القوم ، فقام عمر بن الخطاب، فقال :
قد رأيت رأياً سنشير عليك ، أما ما ذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فنعم ما ذكرت، وأما ما ذكرت أن نغنم ما أصبنا منكم وتردّون ما أصبتم منا فنعم ما ذكرت،...
وأما ما ذكرت (أنكم) تدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، فإن قتلانا قاتلت فقتلت على أمر الله ، أجورها على الله ليس لها ديات. فتبايع القوم على ما قال عمر....(*17) .
----------------------------------
🔸 اعتراضه على إقطاع الصديق للأقرع بن حابس وعيينه بن حصن :
جاء عيينة بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر – رضي الله عنه – فقالا :
يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضاً سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تقطعنا لعلنا نحرثها أو نزرعها، لعل الله أن ينفع بها بعد اليوم،..
فقال أبو بكر لمن حوله : ما تقولون فيما قالا، إن كانت أرضاً سبخة لا ينتفع بها ؟ قالوا : نرى أن تقطعهما إياها، لعل الله ينفع بها بعد اليوم. فأقطعهما إياها، وكتب لهما بذلك كتاباً، وأشهد عمر، وليس في القوم، ..(*يعني كتب اسمه شاهدا ولم يكن موجودا)
فانطلقا إلى عمر يشهدانه، فوجداه قائماً يهنأ بعيراً له، (*يدهنه بالقار ليعالجه)...
فقالا : إن أبا بكر أشهدك على ما في (*هذا) الكتاب فنقرأ عليك أو تقرأ ؟
فقال : أنا على الحال الذي تريان ، فإن شئتما فاقرءا وإن شئتما فانظرا (*انتظرا) حتى أفرغ ، فأقرأ عليكما ...
قالا : بل نقرأ فقرءا فلما سمع ما في الكتاب تناوله من أيديهما ثم تفل عليه فمحاه ، 😐 فتذمرا، وقالا مقالة سيئة،
فقال (عمر) : إن رسول الله كان يتألفكما، والإسلام يومئذ ذليل ، وإن الله قد أعز الإسلام ، فاذهبا فأجهدا جهدكما، لا رعى الله عليكما إن رعيتما. ..👍
فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا : والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر !! 😡
فقال (أبو بكر) : لا بل هو لو كان شاء . 👍👍👍
فجاء عمر – وهو مغضب – فوقف على أبي بكر فقال : أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين : أرض هي لك خاصة ؟ أم للمسلمين عامة ؟.
قال (أبو بكر) : بل للمسلمين عامة.
قال : فما حملك أن تخص بها هذين دون جماعة المسلمين؟
قال: استشرت هؤلاء الذين حولي فأشاروا علي بذلك.
قال(عمر) : فإذا استشرت هؤلاء الذين حولك، فكل المسلمين أوسعتهم مشورة ورضي ؟! .
فقال أبو بكر رضي الله عنه : قد كنت قلت لك إنك على هذا أقوى مني، ولكن غلبتني ... (*18).
هذه الواقعة دليل لا يقبل الشك أن حكم الدولة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين كان يقوم على الشورى، فهي تظهر لنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حريصاً على استشارة المسلمين في الصغير والكبيرة، وما كان ليبرم أمراً دون مشورة إخوانه .....(*19).
إن الخبر السالف الذكر يؤكد لنا أن خليفة رسول الله رضي الله عنه كان يمضي الشورى في كل شأن من شؤون المسلمين، بل وكان ينزل عن رأيه، وهو من هو رضي الله عنه،
إنها صورة للشورى الحقيقية المنضبطة مع أوامر الله، مع الحلال والحرام، لا الشورى المزيفة التي تجري تحت قباب مجالس دستورية لم تجن من ورائها الشعوب إلا المرارة والاستبداد والظلم والضياع .....(*20).
------------------------------------------------------------------
🔸 عمر رضي الله عنه و جمع القرآن الكريم
كان من ضمن شهداء المسلمين في حرب اليمامة كثير من حفظة القرآن وقد نتج عن ذلك أن قام أبو بكر رضي الله عنه بمشورة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجمع القرآن حيث جمع من الرقاع والعظام والسعف ومن صدور الرجال..(*21)
وأسند الصديق هذا العمل العظيم إلى الصحابي زيد بن ثابت الأنصاري ، ..
قال زيد بن ثابت رضي الله عنه :
{ بعث إليّ أبو بكر رضي الله عنه لمقتل أهل اليمامة*، فإذا عمر بن الخطاب عنده،..
(*يعني واقعة يوم اليمامة ضد مسيلمة الكذاب وإخوانه)
قال أبو بكر رضي الله عنه : إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر (*كثر) يوم اليمامة بقراء القرآن الكريم، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن ، كلها فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن....
قلت لعمر : كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!
فقال عمر : هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، ...
قال زيد : قال أبو بكر : وإنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه ...
( * أي إجمعه من الأشياء التي عندي وعند غيرك.).
قال زيد : فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل عليَّ مما كلفني به من جمع القرآن... ..(*22).
ونستخلص من ذلك :
☆ 1 - إن جمع القرآن الكريم جاء نتيجة الخوف على ضياعه نظراً لموت العديد من القراء في حروب الردة، وهذا يدل على أن القراء والعلماء كانوا وقتئذ أسرع الناس إلى العمل والجهاد لرفع شأن الإسلام والمسلمين بأفكارهم وسلوكهم وسيوفهم فكانوا خير أمة أخرجت للناس ينبغي الاقتداء بهم لكل من جاء بعدهم.
☆ 2 - إن جمع القرآن تم بناء على المصلحة المرسلة ولا أدل على ذلك من قول عمر لأبي بكر حين سأله كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه والله خير ..
وفي بعض الروايات أنه قال له : إنه والله خير ومصلحة للمسلمين، وهو نفس ما أجاب به أبو بكر زيد بن ثابت حين سأل نفس السؤال وسواء صحت الرواية التي جاء فيها لفظ المصلحة أو لم تصح، فإن التعبير بكلمة خير، يفيد نفس المعنى، وهو مصلحة المسلمين في جمع القرآن، ..
وهذا يدل على أن المصلحة المرسلة يصح أن تكون سنداً للإجماع بالنسبة لمن يقول بحجيتها كما هو مقرر في كتب أصول الفقه.
☆ 3- وقد اتضح لنا من هذه الواقعة كذلك كيف كان الصحابة يجتهدون في جو من الهدوء يسوده الود والاحترام، هدفهم الوصول إلى ما يحقق الصالح العام لجماعة المسلمين، ....
وأنهم كانوا ينقادون إلى الرأي الصحيح وتنشرح قلوبهم له بعد الإقناع والاقتناع، فإذا اقتنعوا بالرأي دافعوا عنه كما لو كان رأيهم منذ البداية، وبهذه الروح أمكن انعقاد إجماعهم حول العديد من الأحكام الاجتهادية .......(*23).
🌺 رضي الله عن أبي بكر و عمر 🌺
🌺 وصلى الله على محمد و آله وصحبه وسلم 🌺
--------------------------------------------------------------------
(*1) مسند أحمد (1/213) وصحح إسناده أحمد شاكر.
(*2) الحكمة في الدعوة إلى الله، سعيد القحطاني ص226 .
(*3) محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (1/280).
(*4) البخاري، ك فضائل الصحابة. رقم 3668 .
(*5) البداية والنهاية (6/305،306) إسناده صحيح.
(*6) الحكمة في الدعوة إلى الله ص227 .
(*7) الخلفاء الراشدون، عبد الوهاب النجار ص123 .
(*8) البخاري، ك استتابة المرتدين والمعاندين رقم 6566.
(*9) الكامل لابن الأثير (2/226).
(*10) تاريخ الطبري (4/46).(*11) نفس المصدر (4/46).
(*12) شهيد المحراب ص69 نقلاً عن الاستيعاب (3/338). (*13) عيون الأخبار (1/125).
(*14) سير أعلام النبلاء (4/8+9)، أصحاب الرسول (1/137).
(*15) كنز العمال (5/620) رقم 14093.
(*16) القيود الواردة على سلطة الدولة .عبد الله الكيلاني ص169.
(*17) أخبار عمر ص362 نقلاً عن الرياض النضرة، نيل الأوطار (8/22)
(*18) محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (1/262).
(*19) استخلاف أبو بكر الصديق، جمال عبد الهادي ص166،167.(*20) نفس المصدر ص167.
(*21) حروب الردة وبناء الدولة الإسلامية، أحمد سعيد ص145.
(*22) البخاري رقم 4986 .
(*23) الاجتهاد في الفقه الإسلامي، عبد السلام السليماني ص127
فصل الخطاب في سيرة ابن الخطاب الصلابي ص105-96
------------------------------------------------------------------
تابعونا #سيرةالفاروقعمر_جواهر (6)
إرسال تعليق