تاريخ التتار الأول (19)
إمبراطورية جنكيز خان
---------------------------------------------------------------------
لماذا سقطت الدولة العباسية ولم تصمد أمام المغول؟
--------------------------------------------------------------------
تعددت أسباب سقوط الدولة العباسية، فقد تطاول عليها الزمن وأدركتها الشيخوخة، وبدت عليها مظاهر الإنهيار قبيل حملة هولاكو، وكانت جذور الضعف تمتد في جسم هذه الدولة قبل ذلك بمدة طويلة لأسباب كثيرة من أهمها:
1 ـ غياب القيادة الحكيمة :
-------------------------------
لم تكن شخصية الخليفة المستعصم بالله تمثل القيادة الحكيمة الراشدة، بل كان ضعيف الشخصية وقليل الإهتمام بأمور دولته،...
ففي الوقت الذي كانت الأخبار تصل إليه تباعاً باقتراب جيوش المغول، لم يتخذ الاستعداد الكافي لمواجهتها قبل أن يستفحل خطرها ، لم يكن على مستوى من التيقظ والهمة، بل كان قليل المعرفة والتدبير والتيقظ، نازل الهمة،، محباً للمال، مهملاً للأمور، يتكل فيها على غيره،...
فكان الضعف القيادي في شخصية المستعصم من الأسباب والمقدمات في زوال الدول العباسية، لم يحسن اختيار الوزراء، وليست له قدرة على المتابعة والمحاسبة وكان يقاد ولا يقود،...
وكان سلوكه هذا سبباً لجرأة بعضهم عليه واستغفاله وتحديه فازدادت الفتن في زمانه وازداد التذمر وازداد تدهور الحياة الاقتصادية وانتشار الغلاء وسيطر اللصوص والشطار العيارون ينهبون ويسلبون أمام الشرطة وصاحبها أو بالتواطؤ معه !!!!!..
والخليفة لا يحاسب صاحب الشرطة ولا يحاسب الوزير الذي هيمن على حميع الأمور في البلاد وولاياتها التي انفصلت واستقلت، ...والوزير ابن العلقمي يمهد للانقلاب، حتى يسهل تمرير المؤامرة لازالة السيادة الإسلامية، واسقاط الخلافة ،
2 ـ إهمال العباسيين لفريضة الجهاد :
-------------------------------------------
إن أخطر العوامل التي أسقطت خلافة العباسيين إهمالهم لفريضة الجهاد، ....
فبعد وفاة المعتصم (227 ه - 842م) لم نسمع عن معارك ذات شأن قامت بها الدولة، ولم يكن مبدأ (الجهاد الدائم) حماية لهذه الدولة المترامية الأطراف أحد أركان السياسة العباسية
لقد تقوقعوا في مشاكل الدولة الداخلية، فحصرتهم مشاكلها وماتوا ببطء، ولو أنهم وجهوا طاقة الأمة نحو (الجهاد) ضد الصليبيين، لتغير أمر الحركات الهدامة التي قدر لها أن تظهر وتنتشر، ..
وذلك أن هذه الحركات لا تنتشر إلا في جو مليء بالركود والفساد والمناخ الوحيد الصالح للقضاء هو المناخ القتالي الذي يكشف المعادن النقية، ويذيب المعدن الرخيص،..
لقد كانت الحاجة الإسلامية ملحة إلى ضرورة رفع راية الجهاد، وكانت الدولة الإسلامية التي تعرضت للإنشقاق والتمزق تحتاج إلى هذا الصمام ليحميها من جو السكوت والاستسلام .
لكن العباسيين غزوا في عقر دارهم فذلوا، ولم يرفعوا راية الجهاد ضد الغزو الخارجي، فارتفعت رايات العصيان الداخلي
وكان بإمكانهم أن يشغلوا الأجناس المختلفة التي ضمتها الدولة في هذه الحروب الجهادية المستمرة ضد الغزاة وضد الوثنيات المختلفة، لكنهم لم يفعلوا فتحركت النعرات القومية الجاهلية لتفتت الدولة وتقسم جسمها تحت رايات مختلفة ليس لها بالإسلام أو بالجهاد صلة،
وفي سنة 656هـ (1258م) كان هولاكو ـ حفيد جنكيز خان ـ يدمر الذين اتجهوا إلى كل السبل إلا سبيل الجهاد، وحاولوا العلاج بكل الوسائل إلا الوسيلة الإسلامية الخالدة القوية،
وقد هاجم هولاكو بغداد وهد أسوارها وأعمل المنجنيق فيها، وحصد بغداد، حتى لم يعد ممكناً الإقامة فيها لشدة روائحها المنفرة، وعندما خرج الخليفة المستعصم إليه مستسلماً بصحبة ثلاثمائة من اصحابه وقضاته دون شرط، أمر هولاكو بقتلهم جميعاً،
وطويت صفحة الخلافة العباسية، ذلك أن أسلوب الأحلام الرومانتيكية الساذجة ليس وسيلة البقاء أو تشييد الحضارات، فالذين لا يملكون إرادة الهجوم، يفقدون القدرة على الدفاع ، لقد عطلت الدولة العباسية هذه الفريضة وتخلت عن أهدافها والتي من أهمها إقامة حكم الله ونظام الإسلام في الأرض و دفع عدوان الكافرين و رد اعتداء الكفار في ديار المسلمين .
3 ـ إنعدام الوحدة السياسية في العالم الإسلامي :
---------------------------------------------------------
بدأ الضعف يتسرب إلى جسم الدولة العباسية المترامية الأطراف في العقود الأخيرة من القرن الثاني للهجرة، الثامن الميلادي، عندما بدأت بعض الولايات البعيدة عن مركز الدولة في بغداد تنفصل مكونة دولاً مستقلة وتعجز الخلافة عن إعادتها للسيطرة المركزية ؛
فقد تأسست دولة الأدارسة أقصى المغرب عام 172هـ ـ 800م ثم قامت الدولة الفاطمية على إنقاض دولة الأغالبة في تونس عام 297هـ/909م
وفي مصر قامت الدولة الطولونية عام 254هـ/868م، أعقبتها الدولة الإخشيدية عام 323هـ/935م وفي عام 358هـ/969م استولى الفاطميون على مصر وجعلوا القاهرة عاصمة دولتهم،
وهكذا خرج المغرب الإسلامي ومصر بشكل تدريجي عن نطاق الدولة العباسية، وظهرت خلافة جديدة(الفاطمية) تسيطر على النصف الغربي من العالم الإسلامي وتسعى للسيطرة عل النصف الشرقي !
و قامت الدولة الظاهرية في خراسان عام 205هـ/820مـ وتبعتها الدولة الصفارية عام 254هـ/867م، ثم غلبت على المنطقة الدول السامانية التي تأسست عام 204هـ/819م في بلاد ما وراء النهر ثم امتد نفوذها لتشمل جميع البلاد التي كانت تتبع للدولة الصفارية،
وكان نفوذ الخلافة العباسية يتحول من سلطة سياسية إدارية روحية إلى سلطة روحية فقط، ولم يبق للخليفة سوى ذكر اسمه في خطب الجمعة متبوعاً باسم السلطان الغالب على البلاد،
وقد تمكن الأتراك في عهد المعتصم (218 ـ 227هـ)، وكانت لهم حظوة في عهده وقربهم وأسند لهم المناصب العليا في مركز الدولة والولايات، واعتمد عليهم في حراسة قصره، حتى تطاولوا على الناس وكثرت شواكي الناس من ظلمهم في بغداد،..
فبنى لهم المعتصم مدينة سامراء وجعلها عاصمة لهم ومن حوله حاشيته من الأتراك، وزاد نفوذهم وصاروا وحدهم المتسلطين على أمور الخلافة والدولة حتى أصبحوا هم الذين ينتخبون الخليفة الذي يريدون،و يعزلون من لا يوافق رغباتهم وأهوائهم ،
وفي عام 334هـ/945م استولى البويهيون الشيعة على العراق وأضافوه إلى دولتهم التي تأسست قبل ذلك في فارس، وصاروا هم المتسلطين على شئون الخلافة وتعسفوا في معاملة الخليفة حتى أنهم عذبوا بعض الخلفاء وسجنوا بعضهم، وقتلوا البعض الآخر، ...
وكان بإمكانهم القضاء على الخلافة العباسية والدعوة للخلافة الفاطمية في العراق وباقي المشرق الإسلامي خاصة بعد إستيلاء الفاطميين على مصر، ...
لكنهم لم يفعلوا ذلك ليس حفاظاً على الخلافة العباسية، بل حفاظاً على سلطانهم ودولتهم من أن تزول لصالح الفاطميين، الذين تمكنوا من بسط سيطرتهم على بلاد الشام وشبه جزيرة العرب، وأخذوا يبثون دعاتهم في العراق لإنهاء الخلافة العباسية وضم باقي المشرق الإسلامي لدولتهم .
وفي عام 447هـ/ 1055م استغل أحد دعاتهم ضعف سلطة البويهيين وأثار فتنة في بغداد وتمكن خلالها مع مؤيديه من القاء القبض عل الخليفة وحبسه، !!!
فاستنجد الخليفة بالسلطان طغرل بك سلطان السلاجقة الذين كانوا قد أسسوا دولتهم عام 427هـ/1037م في بعض مناطق خراسان، ثم توسعوا جنوباً وغرباً في أراضي الدولة البويهية التي كانت قد ضعفت،
وسارع سلطان السلاجقة طغرل بك إلى استغلال الفرصة فتوجه إلى العراق وقضى على الفتنة وعلى الدولة البويهية وأعاد للخليفة إعتباره ..
ولكن البساسيري التي تأثر بدعوة الفاطمييين استولى على بغداد بعد أن غادرها طغرل بك 450هـ/1058م وأقام الدعوة فيها للخليفة الفاطمي المستنصر بالله،
إلا أن طغرل بك عاد إلى بغداد من جديد وقضى على داعية الفاطميين البساسيري، واستقرت الأوضاع في العراق لصالح دولة السلاجقة السنيين، الذين أظهروا قدراً كبيراً من الاحترام للخليفة، ولكنهم أبقوه رمزاً دينياً بدون قوة أو صلاحيات،
وعندما اجتاح الصليبيون بلاد الشام عام 492هـ/1099م كانت الخلافة العباسية عاجزة تماماً عن القيام بأي رد فعل سوى توجيه الرسل إلى سلاطين السلاجقة لمعالجة الأمر .
وأصبحت العلاقة بين السلاجقة والخلافة العباسية بين مد وجذر إلى نهايتها ومجيء الخوارزميين كقوة جديدة اصطدمت بالخلفاء العباسيين ،
وفي عهد المستعصم بالله العباسي آخر خلفاء العباسيين وبالرغم من المتاعب والمحن التي أحاطت بالخلافة العباسية فإن المصادر لم تشر إلى أية محاولة من الخليفة العباسي المستعصم بالله في الاتصال بالقوى الإسلامية وبالأخص الإيوبيين في الشام والمماليك في مصر،
إذ يبدو أنه كان واهماً بأن تلك القوى ستكون رهن إشارته عند الحاجة لها، يدلنا على ذلك تلك الرسالة التي رد بها الخليفة على تهديدات هولاكو، والتي ذكر فيها بأن كل القوى الإسلامية تنتظر إشارة بسيطة منه للوقوف في وجه المغول متناسياً بأن الأيوبيين والمماليك كان لديهم من المشاكل ما يمنعهم من تقديم أي مساعدة لبغداد .
4 ـ ضعف الجيش العباسي :
--------------------------------
في أواخر عهد الخلافة العباسية، بدأ التفكك يدب في كيان الدولة، وبدأت الولايات تنعزل أو يستقل بها ولاتها جزئياً أو كلياً، فينتبه خليفة ويهمل خليفة آخر شأن الجيش،
،وكان آخر من جدد الحياة إلى الجيش العباسي وبث الحيوية في تنظيماته هو الخليفة المستنصر بالله أبو الخليفة المستعصم بالله ..
فمع مجيئ الخليفة المستنصر بالله رفع عدد جنوده إلى مائة ألف جندي للتمكن من صد زحف المغول المحتمل ومحاولة ردهم عن تخوم الدولة ومقاتلتهم واستخلاص الأراضي التي بسطوا هيمنتهم عليها،
لكن بطانة الخليفة المستعصم بالله، لم تلتفت إلى هذا الأمر وتركت مهمته إلى الخليفة الذي اقتنع برأي وزيره الفارسي ابن العلقمي بانقاص عدد الجند إلى عشرين ألف فقط، بالرغم من وجود خطر داهم أصبح قاعدته همذان التى احتلها المغول ،
كان الخليفة قد أهمل حال الجند ومنعهم أرزاقهم فآلت أحوالهم إلى سؤال الناس وبذل وجوههم في الطلب في الأسواق والجوامع،
ويقول ابن كثير :
وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمه من الديوان، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر بالله قريباً من مائة ألف مقاتل منهم الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر، فلم يزل في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف، ثم كاتب التتر وأطمعهم في أخذ البلاد..
5 ـ إحتلال التتار خطوط الدفاع الأولى :
-----------------------------------------------
وقع الخلفاء العباسيون في خطأ إستراتيجي كبير لما تركوا الدولة الخوارزمية تحارب الغزو المغولي وحدها، فكان من الطبيعي أن تنساب جيوش المغول نحو أملاك الدولة العباسية وتجتاح كل ما في طريقها،
كان الواجب على الخلفاء العباسيين التصدي لمشاريع جنكيز خان وأولاده وأحفاده الهادفة للسيطرة على ديار المسلمين، وهذا لم يحدث وتركوا الدولة الخوارزمية تتآكل وتحترق أمامهم ولم يقوموا بواجبهم الجهادي والإسلامي نحو إخوانهم في العقيدة،
إن صراع الأمم، وتصادم الحضارات والدول، يخضع لسنن الله الجارية في تحقيق الإنتصار، ولا يعتمد على العواطف والانتساب إلى البيت النبوي الشريف، بل بالاقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الأخذ بالسنن وإدارة الصراع مع المشاريع الغازية،
و تمكن هولاكو من السيطرة على الكثير من أقاليم الخلافة العباسية وتمكن من عزلها عنها، فإذا بالخلافة تعاني من عملية تجريد الخليفة العباسي من كل حلفائه أو حماته المتاخمين لحدود العراق التي أصبحت قريبة جداً من الخطر الدائم،
6 ـ دور النصارى في سقوط الدولة العباسية:
---------------------------------------------------
كان جيش هولاكو خان في غزواته الكبرى ضد أراضي الدولة الإسماعيلية، وأراضي الخلافة العباسية والشام وفلسطين يضم بين صفوف قواته أعداداً كبيرةً من المسيحيين النسطوريين وعلى رأسهم قائده الكبير كتبغا (كدبوقا نويان)،
وكان من ضمن الجيوش الغازية لبغداد المسيحيون الكرج ( جورجيا حاليا) حيث أسهم أولئك بكتائب عسكرية وغيرها من مؤن وعتاد حربي،
وقد نال سكان بغداد المسيحيون إحترام المغول وحفظت أعراضهم وأموالهم ولم يتعرضوا لدمار المغول، بل حفظت منازلهم وحرست من قبل جنود المغول أثناء إجتياح بغداد،
وقد إلتجأ بعض المسلمين إلى بيوت النصارى في بغداد هرباً من السيف المغولي، وقد نجا من نال الحماية المسيحية في بغداد من مذبحة المغول الفظيعة .
و لا ننسي أن فترة الحروب و الإحتلال الصليبي لأكثر من قرن قد ساهمت فى إضعاف ممانعة و موارد المنطقة .
كما لاننسى الحقد الصليبي بعد هزيمتهم فى حطين و طردهم من بيت المقدس قبل ذلك بستين سنة و غالب مستعمراتهم بالشام على يد صلاح الدين و الأيوبيين مما دعاهم للتعاون الشديد مع التتار ضد المسلمين بطرق عديدة و كما هو معلوم سفارات بابا روما المتعددة التى أرسلت إلى منغوليا لتدعوهم و تغريهم بغزو بلاد المسلمين .
7- الترف وأثره في زوال الدولة العباسية :
--------------------------------------------------
إن هلاك الأمم وضعف شأنها وانحلال قواها إنما يكون بسيطرة الشهوات المتحكمة على الذين يوجهونها .
لقد أضعف الترف الدولة العباسية إضعافاً متدرجاً حتى بلغ غايته بسقوطها أمام التتار، ذلك السقوط المخزي المريع الذي لم يكن مثله سقوط في تاريخ الدولة الإسلامية، وانظر إلى ما كانوا يصنعون تعرف لماذا سقطوا وذلوا وهانوا،
لقد أتى على العالم الإسلامي عهد في التاريخ كانت الحياة فيه تدور حول فرد واحد، وهو شخص الخليفة أو الملك وحوله حفنة من الرجال هم الوزراء وأبناء الملك، وكانت البلاد تعتبر ملكاً شخصياً لذلك الفرد السعيد، والأمة كلها فوجاً من المماليك والعبيد، ويتحكم في أموالهم وأملاكهم ونفوسهم.
ولم يكن عهداً إسلامياً ولا عهداً طبيعياً معقولاً، فلا يرضاه الإسلام ولا يقره العقل، بل إنما جاء الإسلام لهدمه والقضاء عليه،
إن هذا العهد غير قابل للبقاء والاستمرار في أي مكان وفي أي زمان، ولا سبيل إليه إلا إذا كانت الأمة مغلوبة على أمرها أو مصابة في عقلها، أو فاقدة الوعي والشعور، أو ميتة النفس والروح .
ولا يمكن أن تتصور ما كان يملكه الخدم والمماليك الذين كانوا لدى الخلفاء من المال والعقار، ويكفي أن نذكر على سبيل المثال أن علاء الدين الطبرسي الظاهري وهو ممن إشتراهم الخليفة الظاهر، كان يحصل له من أملاكه التي إستجد نحو ثلاثمائة ألف دينار سنوياً وكانت له دار لم تكن في بغداد مثلها،
كذلك مجاهد الدين آيبك الديودار المستنصري، لقد ملك جزيل الأموال من العين والرقيق والدواب، والعقار، والبساتين، والضياع، ويتعذر وصف ما أنفقه من قناطير مقنطرة من الذهب، والفضة والجواهر التي جهز بها أولاده وبناته في ليالي الزفاف،
كما أن الفراش الصلاح عبد الغني بن فاخر وكان شيخ الفراشين بدار الخلافة، كان يعيش مع خلوة من العلم عيشة الملوك،
بينما كان مدرسو المدرسة المستنصرية في هذا العصر وهم من كبار علماء بغداد بوصفهم يدرسون في أكبر جامعة إسلامية فيها لا يتقاضى الواحد منهم أكثر من 12 دينار شهرياً
وبجانب ذلك نجد أن أربعة ألف دينار ينثرها خادم للشرابي على مجد الدين آيبك المستنصري، المعروف بالديويدار الصغير عند زواجه من ابنة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل،
وأما تقبيل الأرض بحضرة الخليفة مرات عديدة فمن الأمور المألوفة وكذلك تقبيل اليد، وعتبة باب النوبي، وحافر الخيل والأرض والرخام،
وقد تميز هذا العصر بكثرة المصادرات، وتفشي الرشوة وعزل كبار الموظفين، وإلقاء القبض عليهم، وبيع ممتلكاتهم، وتفاقم أمر الباطنية والشطار والعيارين،
وإشتداد النزاع الطائفي والتفكك الخلقي والإنصراف إلى الملاهي والقيان والتكاثر في الأموال .
وقد مضت سنة الله في المترفين الذين أبطرتهم النعمة وابتعدوا عن الشرع بالهلاك والعذاب،
قال تعالى:
"فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلاً ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين" (هود ، آية : 116).
وقال تعالى:
"وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حساباً شديداً وعذبناها عذاباً نكراً * فذاقت وبال أمرها وكانت عاقبة أمرها خسرا * أعد الله لهم عذاباً شديداً فاتقوا الله يا أولو الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا" (الطلاق ، الآية 8 ـ 10).
---------------------------------------------------------------------
* التتار بين الانتشار والإنكسار د. على الصلابي
* قصة التتار من البداية إلى عين جالوت د. راغب السرجاني
---------------------------------------------------------------------
نتائج سقوط بغداد وكيف انعكست على العالم .
إرسال تعليق