الدولة الفاطمية العبيدية (2)
------------------------------‐------------
عبيد الله المهدي الخليفة الشيعي الرافضي الأول
(297- 322هـ/ 910- 934م)
ذكر الإمام الذهبي ترجمة لعبيد الله المهدي في سير أعلام النبلاء فقال:
«عبيد الله أبو محمد أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية الذين قلبوا الإسلام, وأعلنوا بالرفض, وأبطنوا مذهب الإسماعيلية وبثوا الدعاة يستغوون الجبلية والجهلة»( ).
وذكر ما قيل عنه في نسبه ثم قال: والمحققون على أنه دعي بحيث إن المعز منهم لما سأله السيد ابن طباطبا عن نسبه, قال: غدًا أخرجه لك, ثم أصبح وقد ألقى عُرَمَة من الذهب, ثم جذب نصف سيفه من غمده, فقال: هذا نسبي, وأمرهم بنهب الذهب, وقال: وهذا حسبي(١).
أما مفتي الديار الليبية -رحمه الله- الشيخ طاهر الزاوي فقد قال في ترجمة عبيد الله المهدي: «هو مؤسس الدولة العبيدية وأول حاكم فيها, وهو عراقي الأصل, ولد في الكوفة سنة 260هـ, واختبأ في بلدة سلمية بؤرة الإسماعيلية الباطنية في شمال الشام. ومن يوم أن ولد إلى أن استقر في سَلمية كان يعرف باسم سعيد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن ميمون القداح.
وفي منطقة سلمية مقر الإسماعيلية مات علي بن حسن بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق, وأقام له الإسماعيلية مزارات سرية, وقرروا نقل الإمامة من ذرية إسماعيل بن جعفر الصادق إلى ابنهم بالنكاح الروحي(٢),
ثم قال: «هذا أصل عبيد الله المهدي, وهذا أصل العبيديين المنسوبين إليه».
وقد خالفهم في نسبتهم إلى إسماعيل بن جعفر الصادق جميع المسلمين في المغرب وفي كل مكان, وفي مقدمة الذين أنكروا عليهم هذا النسب الأشراف العلويون, وإنما هم منسوبون إلى سعيد بن أحمد القداح الذين ادعوا أنه ابن إسماعيل بن جعفر الصادق من طريق النكاح الروحي الذي ذكرناه آنفًا.
وبعد أن تخلص عبيد الله المهدي من خصومه أراد أن ينشر مذهبه في القيروان, ومن ثم الشمال الإفريقي, ولكن طلائع علماء أهل السنة والجماعة نابذوه العداء, وأقنعوا الناس بأن دولة العبيديين كفرية بعيدة عن الشريعة الإسلامية, ..
وحدث بين العبيديين وأهل السنة حروب طاحنة فانتقل عبيد الله المهدي إلى المهدية بعد أن بذل في بنائها وتحصينها أموالاً طائلة, إلا أن شعور الاستقرار والاطمئنان جانب العبيديين في الشمال الإفريقي لضراوة المقاومة التي قادها علماء أهل السنة ضدهم, فأخضع المدن بقوة السلاح, وفكر في الانتقال إلى مصر, وأرسل عدة حملات إليها إلا أنها فشلت أمام جيوش العباسيين التي قادها «مؤنس الخادم».
وكانت أشد هذه الحملات خطرًا على مصر الحملة التي كانت في عام 321هـ, واستطاع العباسيون صد هذه الحملة بفضل جهود «محمد الإخشيدي»(٣).
واستمر عبيد الله في حكمه إلى أن هلك في عام 322هـ وله اثنتان وستون سنة, وكانت دولته خمسًا وعشرين سنة وأشهر(٤).
وبهذا نلحظ أن قبائل المصاميد وكتامة التفت حول الدعوة العبيدية لظنهم أنه هو المهدي المنتظر, ونجد في التاريخ الإسلامي كثيرًا من الثورات والدول التي قامت واعتمدت على هذا المعتقد.
كما نجد أن عبيد الله المهدي اعتمد على ادعائه أنه المهدي , حتى بعد أن استطاع أبو عبد الله الشيعي أن يزعزع ثقة البرابرة فيه ذهب إليه كبير كتامة وقال لعبيد الله المهدي: قد شككنا فيك, فائت بآية, فأجاب بأجوبة قبلها عقله وقال: إنكم تيقنتم, واليقين لا يزول إلا بيقين لا بشك.
وكانت المسائل التشكيكية في المهدي التي طرحها أبو عبد الله الشيعي على زعماء كتامة من أن الإمام يعلم الأمور قبل وقوعها, وهذا قد دخل معه بولدين, ونص أن الأمر في الصغير بعده, ومات الولد بعد عشرين يومًا, ..
فلما سأل كبير زعماء كتامة عبيد الله المهدي عن الطفل قال عبيد الله المهدي: إن الطفل لم يمت, وإنه إمامك, وإنما الأئمة ينتقلون, وقد انتقل لإصلاح جهة أخرى, قال كبير زعماء كتامة: آمنت...
وقال أبو عبد الله الشيعي: إن الإمام لا يلبس الحرير والذهب, وهذا قد لبسهما. وليس له أن يطأ إلا ما تحقق أمره, وهذا قد وطئ نساء زيادة الله التغلبي, يعني عبيد الله المهدي, فلما سأل كبير كتامة عبيد الله المهدي فأجاب: أنا نائب الشرع أحلل لنفسي ما أريد, وكل الأموال, وزيادة الله كان عاصيًا(٥).
والقصد هو اعتماد الدجالين على استخفاف عقول الناس وتغريرهم لجهلهم, واعتمادهم على معتقدات في الأئمة من تعظيم آل البيت والإيمان بالمهدي المنتظر, وغير ذلك, فالمقام مناسب لبيان عقيدة أهل السنة في المهدي المنتظر.
-‐-------------
ثورة قبيلة هوارة في طرابلس
بعد أن احتل عبيد الله المهدي طرابلس عين ماكنون بن ضبارة اللحياني الكتامي واليًا عليها, وثارت قبيلة هوارة على والي طرابلس لعدم استقرار الأمور, وحاولت أن تستفيد من فرصة العهد الجديد الذي لم تستقر فيه الأحوال في
الشمال الإفريقي.
وانضمت قبائل من زناتة ولماية وغيرها من القبائل البربرية إلى قبيلة هوارة, وقاد هذه الثورة ضد العبيديين في طرابلس أبو هارون الهواري, وحاصروا طرابلس واحتمى ماكنون بسور المدينة.
وأنجده عبيد الله المهدي بجيش بقيادة تمام بن معارك «أبازاكي- وهو ابن أخي ماكنون» واستطاعت جيوش العبيديين أن تقضي على هذه الثورة الوليدة في مهدها.
وأوعز عبيد الله المهدي إلى ماكنون بن ضبارة للتخلص من تمام بن معارك بزعمه أنه يتآمر عليه !!!
فقتل العم ابن أخيه تمام في غرة ذي الحجة سنة 298هـ وشعر ماكنون بأمان واستقرار, فتطاول في الحكم وسمح لبني قومه من كتامة بالتعدي على أموال الناس والاستهانة بأعراضهم والتدخل في أمورهم,..
فثار عليه أهل طرابلس سنة 300 هـ وأخرجوه منها, فلحق بالمهدي برقادة وقتل أهل طرابلس من كان فيها من أنصار ماكنون الكتاميين, وأغلقوا أسوار المدينة, ..
فأرسل عبيد الله المهدي أسطولاً بحريًا استطاع الأسطول الطرابلسي أن يحرقه وأن يقتل من فيه,..
فأرسل عبيد الله ابنه أبو القاسم بجيش عرمرم بطريق البر فاعترضت له هوارة, إلا أنه استطاع أن يهزمها ووصل إلى أسوار المدينة وضرب عليها حصارًا أفنى ما بقى من أقوات الناس في المدينة حتى أكلوا الميتة, !!!
ولم يستطع ابن إسحاق أن يواصل المقاومة, وتفاوض أعيان طرابلس مع أبي القاسم الشيعي وطلبوا منه الأمان فأمنهم بشرط أن يسلموا محمد بن إسحاق, ومحمد بن نصر, ورجلاً آخر يقال له: الحوححة فقبلوا ذلك وسلموهم إليه, ..
ودخل طرابلس وأرهق أهلها بغرامة مالية قدرها ثلاثمائة ألف دينار, وتخلص أبو القاسم الشيعي من الأغالبة الذين كانوا في المدينة مدعيًا أنهم هم الذين حرضوا على الفتنة.
وتولى جباية مال الغرامة رجل يقال له الخليل بن إسحاق من أبناء جند طرابلس.
وجابي مال الغرامة هو الذي أتم بناء جامع طرابلس الكبير أيام العبيديين وبنى منارته, وقد قتل على يد ابن كيداد اليفرني لما استولى على القيروان سنة 322هـ.
وبعد أن استقرت الحال في طرابلس قفل أبو القاسم الرافض إلى رقادة, وطاف بالرجال الثلاثة الذين تسلمهم من طرابلس في شوارع القيروان على الجمال تشهيرًا بهم ثم قتلهم(٦).
ويتضح من هذا الثورة المبكرة ضد العبيديين أن أهل طرابلس غير راغبين في الحكم العبيدي إلا أنهم خضعوا له بقوة السلاح.
وكتب التاريخ تؤكد على دور علماء وفقهاء طرابلس وجهادهم في مواجهة الفكر الشيعي والمد الرافض والمعتقد الباطني الذي تكفلت دولة بني عبيد بنشره في الشمال الإفريقي.
----------‐---------
زحف العبيديين على برقة
فلما استقر أمر طرابلس أرسل عبيد الله جيوشه نحو برقة بقيادة حباسة بن يوسف الكتامي, وكان قاسيًا شديدًا نزعت الرحمة من قلبه, فتوجه في عام 301هـ نحو سرت, لأنها لا زالت تحت حكم الأغالبة فدخلها بدون حرب, وهرب منها من كان فيها من جنود العباسيين والأغالبة,
ثم تقدم حباسة إلى أجدابية فهجرها من كان فيها من العباسيين والأغالبة, وطلب أهلها الأمان فأمنهم ودخلها بدون قتال, واحتل مدينة برقة وكانت جيوش العبيديين تتدافع نحو حباسة بدون انقطاع.
وكان حباسة هذا لا يفي بوعد, وكلما دخل مدينة قتل أهلها وأخذ أموالهم وسبى نساءهم, ومن فظاعة أعماله التي ذكرتها كتب التاريخ ما فعله بمجموعة من الناس كانوا يلعبون بالحمام في برقة فأمر بهم فأجلسهم حول النار, وأمر بلحومهم أن تقطع وتشوى, ثم أمر بهم فألقوا في النار.
إن هذه الأعمال الوحشية تدل على عداوة العبيديين لكل من له رائحة سُنية, وربما يتقربون بها إلى الله على زعمهم الفاسد.
ومن أعماله الشنيعة ما قام بإعلانه في برقة :
[ من أراد العطاء فليأت إلينا, فحضر إليه من الغد ألف رجل, فأمر بهم فقتلوا جميعًا, ثم وضع جثثهم بعضًا على بعض, وجيء له بكرسي فوضع على الجثث وجلس عليه, !!!
وأمر بالوجهاء من أهل البلد فدخلوا عليه فحبسهم وأهانهم, وقد مات منهم أناس من هول ما رأوا, وقال لهم: إن لم تأتوني غدًا بمائة ألف مثقال قتلتكم جميعًا, فأحضروها له.
وانتقم من حارث ونزار ابني جمال المزاتي في نفر من أبناء عمومتهم في مدينة برقة, وباع نساءهم وأخذ جميع أموالهم وخيراتهم, ..
وقد اغتم أهالي برقة من هذه الأفعال الشنيعة والأعمال القبيحة فأرسلوا إلى عبيد الله المهدي, فاعتذر الملعون وحلف يمينًا كاذبة أنه ما أمر بشيء من ذلك, وكتب إلى حباسة أن يرحل عن برقة فرحل إلى جهة مصر, وأتى أمورى أقبح مما كان يفعله في برقة ] (٧).
وفي سنة 302هـ تقدمت جيوش أبي القاسم الرافضي إلى الإسكندرية ولم ينل ما أراده ورجع مهزومًا, ذلك أن أبا القاسم أرسل قصيدة إلى بغداد يفخر فيها ببيته وبما وصل إليه ملكهم فرد عليه الصولي بقصيدة على وزنها ومنها:
فلــو كانــت الدنيـا مثــالاً لطائـر
لكان لكم منها بمـا حـزتم الــذنب (*يعني الذيل)
فغضب من هذا البيت وقال: «والله لا أزال حتى أملك صدر الطائر ورأسه إن قدرت أو أهلك دونه» (٨).
-------------------
ثورة أهل برقة على العبيديين
وفي هذه السنة 302هـ انتقم أهل برقة من العبيديين فقتلوا عاملهم وكثيرًا من رجال كتامة, فأرسل المهدي جيوشه سنة 303هـ لتأديبهم والانتقام منهم, وقاد هذه الجيوش أبو مديني ابن فروخ اللهيفي, وحاصر مدينة برقة ثمانية عشر شهرًا ودخلها سنة 304هـ عنوة, فقتل أكثر أهلها, وأحرق دورها, وهتك أعراض نساءها وبعث بالأسرى إلى عبيد الله الذي أمر بقتلهم, وبقى أبو مديني ببرقة إلى أن مات بها سنة 306هـ (٩).
وفي سنة 304هـ حارب العبيديون أهل صقلية وغزوا مصر في ذي القعدة سنة 306هـ واستولوا على الإسكندرية وأكثر الصعيد ولم يستقروا بل رجعوا.
وفي سنة 308هـ تم بناء المهدية وانتقل إليها المهدي, وفي سنة 310هـ خرجت نفوسة على عبيد الله وقدموا عليهم أبابطة, فقوى شأنه وعظمت شوكته وكان مذهبهم إباضيًا فأرسل إليهم عبيد الله جيشًا بقيادة علي بن سليمان الداعي فانهزم جيش العبيديين وفر علي إلى طرابلس, ثم أعاد الكرة على نفوسة وحاصروها.
وعيَّن محمد بن عمر النفطي قاضيًا على طرابلس, واستطاعت الدولة العبيدية أن تفرد نفوذها بقوة السلاح على إفريقية, وطرابلس, وبرقة, وجزيرة صقلية في حكم عبيد الله المهدي.
--------------------
خروج أبي يزيد الخارجي على العبيديين
هو مخلد بن كيداد اليفرني بن سعد الله بن مغيث بن كرمان بن مخلد بن عثمان بن يفرن, ويفرن هذا أخو مغراو الذي تنسب إليه قبيلة مغراوة, وأمه أم ولد واسمها سيكة, وهي من بلاد السودان التي كان يتردد عليها والده للتجارة فاتخذها جارية له(١٠).
وعاش أبو يزيد فقيرًا وطلب المذهب الخارجي فتتلمذ على النكارية(١١),
وكان في أول أمره معلمًا لتحفيظ القرآن الكريم, وقضى معظم وقته في التعليم وظهر في بداية أمره بمظهر الزهاد, فكان يركب حمارًا ينتقل به بين القبائل والجبال فلقب بصاحب الحمار,..
وتذكر بعض كتب التاريخ أنه لما قاد الثورة ضد العبيديين كانت سنه تقارب التسعين, واستغل العداء بين زناتة والعبيديين وما مارسته دولة الروافض من أخذ الضرائب حتى فاقوا في ظلمهم الأغالبة واشتدت معارضة البرابرة بعد أن أعلن الروافض لعن الشيخين «أبي بكر وعمر رضي الله عنهما» على المنابر وفي المنتديات والحلقات وفي خطب الجمعة,...
فبدأ أبو يزيد في إعداد العدة في منطقة الجريد وأشغل الشمال الإفريقي بحروب طاحنة, وكانت بداية ثورته في زمن عبيد الله في جهات طرابلس وتابعه كثير من البرابرة من شدة جور محمد بن عبيد الله المهدي لأهل السنة, وظلمه لهم, وتعذيبه إياهم,...
ورأى علماء أهل السنة الوقوف مع أبي يزيد ضد بني عبيد وقال: هم أهل القبلة -أي أصحاب أبي يزيد- وأولئك ليسوا من أهل القبلة -وهم بنو عدو الله-(١٢),
وسمى أبو يزيد نفسه شيخ المؤمنين, وكان يضمر لأهل السنة أشد العداوة, لأنه كان نكاريًا(١٣) يستحل أموال أهل السنة ونساءهم, فانتهز كراهية أهل السنة لمحمد بن عبيد الله وأخفى عليهم عقيدته وأظهر لهم صداقته,
ولما رأى القدرة من نفسه غدر بأهل السنة وخلى بينهم وبين محمد بن عبيد الله يقتلهم ويستبيح نساءهم ويغتصب أموالهم, ولولا أنه خاف أن يقال عنه قتل خلفاءه وأعوانه فينفض الناس من حوله لفعل بأهل السنة الأعاجيب.
ومع ذلك فقد فُضِح أمره وانفض الناس من حوله, وكان أبو يزيد الخارجي قاسي القلب, جبارًا عنيدًا,..
قال الشيخ طاهر الزاوي:
«تدل أفعاله على نبذ الأديان, وعدم احترام الإنسانية, دخل القيروان بعد أن خرب البلاد, وقتل الرجال, وسبى النساء وشق فروجهن, وبقر بطون الحوامل, والتجأ الناس إلى القيروان حُفاة عُراة, ومات كثير منهم عطشًا وجوعًا, وشكا إليه بعض الناس ما حل بالبلاد من خراب, فقال لهم في سخرية واستهزاء: «وما يكون لو خربت مكة والبيت المقدس»(١٤).
إن عقيدة أبا يزيد الخارجي الفاسدة جعلته جبارًا عنيدًا وغادرًا ومفسدًا لا يراعي عهدًا ولا ذمة لأحد, وهذا دليل على انطماس الفطرة, وانغماسه في وحول المستنقعات النتنة البعيدة عن «كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم».
واستطاع العبيديون الروافض القضاء على ثورة أبي يزيد في زمن إسماعيل محمد المهدي الملقب «بالمنصور» حيث استطاع المنصور أن يوقع بجيوش أبي يزيد خسائر فادحة في الأموال والرجال, وتابعه حتى تمكن منه بعد جهد جهيد وظفر به مثخنًا بجراحه ومات متأثرًا بها, فسلخ المنصور جلده وحشاه تبنًا وصلبه»(١٥).
وبقى مصلوبًا حتى تمزق جلده وأذرته الرياح, وكان ذلك في المحرم سنة 336هـ, وواصل ابنه الثورة مطالبًا بثأر أبيه, فأرسل إليه المنصور قائده زيري بن مناد(١٦) فقتله, وانتهى أمر أبي يزيد الخارجي وابنه.
لم تكن ثورة أبي يزيد ذات خطة واضحة, ولم تكن لها أهداف لتكوين دولة, حيث إنه استطاع بجيوشه أن يكبل العبيديين خسائر فادحة, وينتزع منهم الملك ويحاصرهم في المهدية, ومع هذا وقف حائرًا فأساء السيرة مع كثير من القبائل, ففقدت الثقة فيه وانفضت من حوله,
وإنما الواضح في ثورته الانتقام وسفك الدماء من مخالفيه بطريقة وحشية همجية تدل على قلب حقود لكل من يخالفه, واستغرقت هذه الثورة النارية أربعة عشر عامًا انشغلت بها دولة العبيديين الروافض.
ولعل هذا من سنة الله في تسليط بعض الظالمين على بعض, حيث قتل الألوف من أتباع الطرفين وفقد الأمن والأمان في الشمال الإفريقي.
--------------------------------------------------------------------
(١) انظر: سير أعلام النبلاء (ج15/141).
(٢) المصدر السابق (ج15/142).
(٣) تاريخ الفتح العربي في ليبيا ص (253).
(٤) موسوعة تاريخ المغرب (ج2/76).
(٥) انظر: سير أعلام النبلاء (ج15/151).
(٦) انظر: سير أعلام النبلاء (ج15/146).
(٧) انظر: تاريخ الفتح العربي في ليبيا, ص (247،246).
(٨) انظر: تاريخ الفتح العربي في ليبيا, ص (247).
(٩) المصدر السابق, ص (248).
(١٠) انظر: تاريخ الفتح العربي في ليبيا, ص (248).
(١١) المصدر السابق, ص (249).
(١٢) سير أعلام النبلاء (ج15/155).
(١٣) النكارية فرقة من فرق الخوارج.
(١٤) انظر: تاريخ الفتح العربي في ليبيا, ص (251).
(١٥) سير أعلام النبلاء (ج15/157).
(١٦) انظر: تاريخ الفتح العربي في ليبيا, ص (251).
-------------------------------------------------‐‐-----------------
إرسال تعليق