✏ تاريخ الحروب الصليبية ... (33)
💢 History Of Crusades
------------------------------------------------------------------
ملخص ماسبق :
🔹 بعد حصار دام ستة أشهر دخلت الجيوش الصليبية مدينة أنطاكية الحصينة بفضل خيانة الأرمن و كان أحد الأرمن قائدا على أحد أبواب المدينة فاتفق معهم و فتحه لهم . و هناك إرتكبوا مجزرة كبيرة حيث ذبحوا كل جاليتها المسلمة فضلا عن جيش المدينة و قائده ياغي سيان !
بعد أسبوع من ذلك وصل الجيش السلجوقي الكبير بقيادة كربوغا أمير الموصل و اتحد مع بقية الجيوش الإسلامية التى هبت لنجدة أنطاكية ؛ فقام بضرب الحصار حولها، لتنقلب الآية؛ فالصليبيون داخل أنطاكية محصورون، والمسلمون من خارجها محاصرون لها! وقد بدأ هـذا الحصار في 8 يونيو 1098م.
بذلك الحصار وتلك المعاناة كان من الممكن أن تكون هذه نهاية جيوش الصليبيين بكاملها ، لولا الأحداث المؤسـفة الـتي حدثت في داخل الجيش الإسلامي!!
🔹 في داخل أسوار أنطاكية ؛ شعر بوهيموند بقـرب النهاية، فأرسل في يوم 27 يونيو 1098م - سـفارة إلى كربوغا من رجلين أحدهما بطرس الناسك، يعرض عليه فك الحصار وتـأمين الجيـوش في سـبيل رحيلها .
وعلى الرغم من التفكك الذي كان في جيش كربوغا إلا أنه خـاف أولاً مـن خيانـة بوهيموند وهي خيانة متوقعة، ثم إنه شعر بضعف الصليبيين فطمع في القضاء عليهم تماما في معركـة فاصلة
وهكذا رفض كربوغا السفارة، ومن ثَم لم يعد أمام بوهيموند إلا قرار الحرب، والحرب السـريعة قبـل أن يهلك الجيش الصليبي.
🔹 إضطر بوهيموند؟! لإحرق الدور والبيوت الداخلية، وذلك في 12 من يونيو 1098م ؛ ليجبر الجنود على تركها والعودة إلى مواقعهم الأمامية .
ثم ادعي هو و احد الكهنة أنه عثر على حربة المسيح عندما حفر في مكان أخبره به المسيح فى المنام و أن من يحمل تلك الحربة لابد أن ينتصر جيشه
وفي صبيحة اليوم التالي 28 من يونيو 1098م بدأ الصليبيون في الخروج من المدينة للقتال، وأشار المسلمون على كربوغا أن يبدأ في قتالهم قبل أن يكتمل خروجهم، إذ كـانوا يخرجـون في جماعات صغيرة ، غير أنه رفض وأصر على اكتمال خروجهم ثم يبدأ بقتالهم ؛
✔ يقول بعض المـؤرخين :إن هذا ضيع عليه فرصة قتالهم
منفردين .
خرجت الجيوش الصليبيةمغامرة بحياتها بعد اشتداد الحصار ودارت معركة شرسة قاتلوا فيها من أجل البقاء !! لكن الأمر كان مختلفا بالنسبة للمسلمين !!
-------------------------------------------------------------------
🔸 إذ بعد ما كادت الغلبة أن تكون للمسلمين ما لبث الزعماء المسلمون أن تزعزعوا، وبدأ كل منهم يحـاول النـأْي بنفسـه وجيشه ، ..
وكان من أوائل الذين فروا التركمان بما فيهم دقاق ملك دمشق، وثبت جناح الدولة فتـرة أسرع بالفرار هو الآخر، ثم فر في النهاية كربوغا نفسه !
وأسرع المسلمون في كل اتجاه، وكانت الأوامر من قادة الصليبيين ألا يلتفت الجيش إلى الأسلاب والغنائم وإنما يتتبعون المسلمين،
وهكذا تمت مطاردة شرسة لمسافة ثلاثة كيلو مترات شرق أنطاكية حتى حصن حارم ، قُتل فيها عدد كبير من المسلمين، ثم عاد الصليبيون ليجمعوا ما لا يحصى من الغنائم والمؤن والسـلاح، ووصـل كربوغا في فراره إلى الموصل ، وكذلك دقاق إلى دمشق .
لقد كانت مأساة حقيقية لهذا التجمع الإسلامي !
-------------------------------------------------------------------
🔸 بذلك صارت أنطاكية مدينة صليبية، ويئس المسلمون آنذاك من تحريرها، لكن الصـليبيين وجدوا أنفسهم أمام عدة مشاكل ضخمة في أنطاكية، منعتهم من التقدم مباشرة صوب بيت المقدس، هدفهم الرئيسي .
فمن المشاكل الضخمة تناقص عددهم بصورة مخيفة؛ فلقـد واجهوا السلاجقة منذ موقعة نيقيـة أي أكثر من سنة - في عدة معارك، وقُتل من الصليبيين عدد كبير، ثم إن الكثير منـهم هلكوا في المسافات الكبيرة التي قطعوها دون غذاء كاف أو ماء، ..
وهلك منهم عدد آخر في الحصار الطويل لمدينة أنطاكية، سواء في المرحلة الأولى التي حاصروا فيها المسلمين، أو في المرحلة الثانية الـتي حاصرهم المسلمون داخل المدينة، ثم هلك منهم عدد آخر في الموقعة الأخيرة ضد كربوغا، وأخـيرا هلك عدد ضخم في الأوبئة التي انتشرت في أنطاكية نتيجة كثرة القتلى.
🔹 لقد تناقصت أعداد الصليبيين إلى الدرجة التي صعب معها السيطرة على كل الأبـراج في الأسوار الطويلة لأنطاكية ، فكيف بإعداد العدة للزحف نحو بيت المقدس، هذا فضلاً عن أنهم قد يقاتلون هناك الدولة العبيديـة بكـل امكانيات الجيش المصري الكبير آنذاك .
هذه الأزمة الكبيرة جعلتهم يكسلون عن الزحف إلى بيت المقدس، ولم يكن هذا الفتور لأيام معدودات، إنما استمر ستة أشهر كاملة
وهذه الأزمة أيضا دفعتهم إلى عدم القدرة على إعلان العصيان المباشر للدولة البيزنطية، كما قابلتهم بعد إسقاط أنطاكية، وهي اكتشافهم أن بداخلـها أعـدادا كبيرة من النصارى الأرثوذكس، ...
وكان الصليبيون لا يثقون بهم، ويعرفون أنهم يدينون بالولاء للدولة البيزنطية قلبا وقالبا، فلجأوا إلى إعطائهم بعض الميزات ،كنوع من التقارب مع الدولة البيزنطية، وشراء ودها .
🔹 كان من المشاكل الضخمة التي واجهتهم أيضا خلو مخازن المدينة من الغلال والمـؤن على عكس ما توقع الصليبيون، فطول مدة الحصار وانشغال الناس في الحرب ضيع ثروات البلد، ولم يبق شيء يعتمد عليه في مخازنها...
وعلى هذا ففي الأيام القادمة لا بد أن يدبر الجيش الصليبي حاله، إما عن طريق الإمدادات الخارجية من أوربا أو الدولة البيزنطية، وإما عن طريق الإغـارة علـى المـدن والقرى المجاورة ، وإلا سيقع الجيش في أزمة اقتصادية طاحنة.
غير أن أعظم المشاكل التي واجهت الصليبيين، هي مشكلة من الـذي يجـب أ ن يحكـم أنطاكية؟!
فبوهيموند هذه قضية مصيرية له من البداية، لم تغب عن ذهنه منذ غادر إيطاليا ، واشترط بوضـوح علـى زعماء الحملة الصليبية أن يجعلوا أنطاكية خالصة له إذا بقي معهم للقتالهذه كانت أحلام بوهيموند !!
لم تكن هي الأحلام الوحيدة في القصة؟! لقد نازعه في حلمه هذا ريمون الرابع كونت تولـوز ، فقد ثار ريمون الرابع على بوهيموند، وقال:
إنه لا يستحق فضلاً زائدا عن بقية الزعماء، وتنكَّر لمواقفه السابقة بإعطاء أنطاكية لبوهيموند حـال سقوطها .
ولم يكن اعتراض ريمون باللسان فقط، ولكن كان بالسلاح أيضا ! إذ أخذ جيشه وسيطر على بعض الأبراج والأبواب، ورفض التسليم لبوهيموند، واشتعل الجدال في أنطاكية بـين مؤيـد ومعارض!
ولم يكن ريمون هو الوحيد الذي ينازع بوهيموند إمارة أنطاكية، فهناك الإمبراطور البيزنطي الذي يجد أنطاكية حقا دينيا وتاريخيا وجغرافيا للدولة البيزنطيـة،...
وفـوق ذلـك فهنـاك اتفاقيـة القسطنطينية التي عقدت سنة 1097م، وتقضي بتسليم المدن البيزنطية القديمة وعلى رأسها أنطاكية للدولة البيزنطيةفلمن يكون حكم أنطاكية؟!
هذا الصراع يدلنا على أن هؤلاء ما خرجوا خدمة للـدين ولا حمايـة للصليب ! الجميع خرجوا لتحقيق مجدهم الشخصي .
فهاهو الإمبراطور البيزنطي الذي طلب النجدة من البابا وصور حال الحجـيج النصـارى بشكل بائس، ها هو لا يهمه سوى استرداده المدن التي أخذها السلاجقة منه قبل ذلـك !
وعند أول اختبار لشجاعته وتجرده أثناء حصار أنطاكية إذا به يتقاعس، ويرفض القدوم تاركًا الحملة الصليبية تواجه مصيرها، مع أنها من المفترض أنها جاءت لمساعدته !
وها هو بلدوين ينعزل عن الجيش ويقنع بإمارة الرها، ولا يفكر في إكمال الرحلة إلى بيـت المقدس!
وها هو بوهيموند يقنع كذلك بإمارة أنطاكية، ويحتال على الجميع لكي يضمن ملكا لنفسـه ، بصرف النظر عن قضية القدس، وها هو بطرس الناسك يهرب من حصار أنطاكية الصعب، ويجبره تانكرد علـى الرجـوع ذليلاً مهانا !
---------------------------------------------------------------------
مفاجآت قبل الرحيل إلى القدس .
تابعونا #تاريخ_الحروب_الصليبية_جواهر (33)
إرسال تعليق