الدولة الفاطمية العبيدية (3)

 الدولة الفاطمية العبيدية  (3)

------------------------------‐------------

🔸️القائم بأمر الله الخليفة الثاني الرافضي

 


هو أبو القاسم نزار بن عبيد الله المهدي ؛ ولد في سلمية سنة 278 هـ  و تولى الحكم في الفترة (322-334هـ , 934- 945م)وكان مهيبًا شجاعًا قليل الخير, فاسد العقيدة,


 خرج عليه أبو يزيد مخلد بن كيداد البربري الخارجي, وجرت بينهما ملاحم وحروب, وحصره مخلد بالمهدية, وضيق عليه واستولى على بلاده ثم وسوس القائم, واختلط وزال عقله, 


وكان شيطانًا مريدًا يتزندق فأظهر سب الأنبياء, وكان أتباعه يصيحون: العنوا الغار وما حوى. وأباد عددًا من العلماء,


 وكان يراسل قرامطة البحرين, ويأمر بإحراق المساجد والمصاحف.


واستغل أبو يزيد الخارجي كفر أبي القاسم وألب عليه إباضية المغرب وجموع القبائل وفقهاء وزهاد القيروان, وكاد أن يتملك أبو يزيد المغرب بأجمعه وركزت ألويته عند جامع القيروان فيها: لا إله إلا الله لا حكم إلا لله, وعلمان أصفران فيهما: نصر من الله وفتح قريب, وعلم لأبي يزيد فيه: اللهم انصر وليك على من سب نبيك  (1).


وكان القائم العبيدي يقذف الصحابة علنًا ويطعن في النبي صلى الله عليه وسلم حتى إنه أمر بتعليق رؤوس كباش على الحوانيت, وكتب عليها إنها رؤوس الصحابة  😡


 وبسبب كفره وطغيانه قال الشاعر في بني عبيد :


الماكر الغادر الغاوي لشيعته

                          شرُّ الزنادقة من صحب وتُبَّاع


العابدين إذاً عجلاً يخاطبهم

                         بسحر هاروت من كفر وإبداع


لو قيل للروم أنتم مثلهم لبكوا

                         أو لليهود لسدوا صمخ أسماع (2)

----------------------

🔸️الخليفة الشيعي الرافضي الثالث في الشمال الإفريقي

المنصور بنصر الله (334- 341هـ ، 945- 952م)


هو أبو الطاهر إسماعيل بن القائم المهدي, العبيدي الباطني صاحب المغرب.ولى خلافة الروافض بعد أبيه, وهو الذي قضى على ثورة أبي يزيد الخارجي النكاري.


قال عنه الذهبي: «وكان بطلاً شجاعًا, رابط الجأش, فصيحًا مفوهًا يرتجل الخطب, وفيه إسلام في الجملة وعقل بخلاف أبيه الزنديق» (3).


قلت: وقول الذهبي : وفيه إسلام في الجملة فيه نظر.


وذكر الذهبي شيئًا من كرمه فقال :

 «وقد جمع مرة من أولاد جنده ورعيته عشرة آلاف صبي, وكساهم كسوة فاخرة, وعمل لهم وليمة لم يسمع قط بمثلها, وختنهم جميعًا, وكان يهب للواحد منهم المائة دينار والخمسين دينارًا على أقدامهم....


ومن محاسنه أنه ولى محمد بن أبي المنظور الأنصاري قضاء القيروان, وكان من كبار أصحاب الحديث,.. 


ولقد لقى إسماعيل القاضي, والحارث بن أبي أسامة, فقال: بشرط أن لا آخذ رزقًا ولا أركب دابة, فولاه يتألف الرعية, فأحضر إليه يهودي قد سب فبطحه, وضربه إلى أن مات تحت الضرب لعلمه أنه لو رفع إلى المنصور لا يقتله فضربه القاضي مظهرًا ضرب الأدب حتى قتله»  (4).


توفي في سنة إحدى وأربعين ومائة بسبب برد وريح عظيمة أصابته مع جنوده وحاشيته عندما كان يتنزه.

وكان يتودد إلى رعيته واقتصر على إظهار التشيع, وقام بعده المعز ولده  (5).

 --------------------

🔸 ️المعــــــز لدين الله  الفاطمي ذو الحجة 341- ربيع 362هـ


هو معد بن إسماعيل المنصور, وكنيته أبو تميم, ولد بالمهدية في 11 من رمضان سنة 319هـ, وعهد له والده بالخلافة بعده وجلس على سرير الملك من ذي الحجة سنة 341هـ, وهو الخليفة العبيدي الرابع الذي حكم الشمال الإفريقي.


واستطاع أن يمد نفوذه على معظم الشمال شرقًا وغربًا, ففي سنة 342هـ ولى باسيل الصقلي عاملاً على سرت, وولى على إجدابية ابن كافي الكتامي, وولى على برقة وأعمالها أفلح الناسب. وتوسعت أملاكه في صقلية سنة 354هـ,


 وفي أيامه دخل اليهود إفريقية, وأصبحت حدود مملكته إلى حدود مصر, ومن ثم استطاع أن يتابع أحوال الحكام والأمراء في مصر عن كثب, وأصبحت نفسه تسول له الاستيلاء على مصر, ...


وبموت كافور الإخشيدي في سنة 355هـ اضطربت الديار المصرية, فاقتنص المعز الفرصة ولم يجعلها تمر مر السحاب, فعزم ودبر وأقدم على حفر الآبار والقصور فيما بين القيروان إلى حدود مصر, وحشد الجيوش العظيمة, وجمع الأموال الجزيلة,...


 واختار  المعز : جوهر الصقلي قائدًا لتلك الجيوش التي كانت تزيد على مائة ألف, وأمر المعز كل أمرائه أن يسمعوا ويطيعوا ويترجلوا في ركاب الصقلي, .. يعني يمشوا أما هو فيركب..


وتحركت الجيوش العبيدية لنقل المذهب الباطني إلى مصر ليتخلص من الأزمات والثورات والصراعات العنيفة التي قادها علماء السنة في خمسة عقود متتالية في الشمال الإفريقي, رافضين المذهب الإخشيدي التابع للدولة العباسية في مصر, فرمى بسهامه المسمومة إليها, ودفع إليها جيوشه المحمومة طالبًا من أعوانه وشياطينه أن يقضوا على الخلافة العباسية الأبية ذات التوجهات السنية.


وقد حاول المعز أن يضم الأندلس السنية إلا أن رجالها البواسل منعوه من أن يصل إلى  هدفه, 


وفي جمادى الآخرة سنة 358هـ استطاعت جيوش المعز دخول مصر بقيادة خادمه جوهر الصقلي الذي لم يجد أي عناء في ضمها لأملاك العبيديين. 


وجوهر الصقلي هذا هو الذي بنى الأزهر سنة 361هـ ليكون منبرًا من منابر العبيديين الروافض في بث معتقداتهم الباطلة وأفكارهم الفاسدة, ثم تحول بفضل الله ثم جهود صلاح الدين الأيوبي الذي قضى على العبيديين في مصر إلى قلعة من قلاع أهل السنة, ودخلت جيوش العبيديين على دمشق سنة 358هـ بقيادة جعفر بن خلاف أحد قواد العبيديين (6).

-------------------

🔹️رحلة المعز إلى مصر  


وبعد أن مهدت مصر للمعز العبيدي جهز جيوشه وحاشيته وأهله وأمواله, وسار مفارقًا شمال إفريقيا إلى مصر, ليتولى أمرها, فأسند زعامة الشمال الإفريقي إلى الأمير الصنهاجي بلكين ابن زيري وضم المعز إلى مصر كلاً من طرابلس وسرت وبرقة, 


وكان معه شاعره الملحد الذي غالى في مدح المعز محمد بن هانئ الأندلسي الذي قال:


فكأنما   أنت    النبي   محمد

                         وكأنما    أنصارك    الأنصار


ما شئت أنت لا ما شاءت الأقدار

                         فاحكم  فأنت الواحد  القهار


ومن شعره في المعز: 


النور أنت  وكل نور  ظلمة

                         والفوق أنت وكل فوق دون


فارزق عبادك فضل شفاعة

                       واقرب بهم زلفى فأنت مكين


ومنه : 


تدعوه  منتقمًا  عزيزًا   قادرًا

                          غفارًا  موبقة  الذنوب  صفوحًا


أقسمت لولا أن دعيت خليفة

                         لدعيت من بعد المسيح مسيحًا


وكان المعز وكذلك أجداده يستمعون إلى مثل هذه الكفريات ولا ينكرونها ويقرونهم عليها, وكانت بداية رحلة المعز نحو مصر في 362هـ.


وقد قتل الملحد الكافر ابن هانئ في برقة «مقبرة الملاحدة» في رجب سنة 362هـ, وهو في الثانية والأربعين من عمره, ووجدوا جثته مرمية رمي الكلاب على ساحل بحر برقة.

وتأسف المعز على قتله وقال: هذا الرجل كنا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق فلم يقدر لنا ذلك (7)


واستمر المعز في سيره, حتى قارب الحدود المصرية, ووصل الإسكندرية يوم 23 من شعبان سنة 362هـ واستقبله وفود عظيمة من أعيان القادة والزعماء والحكام في مصر.

وامتد ملك المعز من سبتة بالمغرب إلى مكة بالمشرق يأتمر بأوامره سكان سواحل المحيط الأطلنطي.


وبقى المعز في مصر سنتين ونصفًا, وتوفى بالقاهرة في السابع من ربيع الأول سنة 365هـ, ودامت ولايته بإفريقية ومصر ثلاثًا وعشرين سنة (8).


قال الشيخ طاهر الزاوي -رحمه الله-: 

«ودامت دولة الفاطميين 260 سنة, منها اثنتان وخمسون سنة بالمغرب, ومائتان وثماني سنوات بمصر, وعدد خلفائها أربعة عشر خليفة, أولهم عبيد الله المهدي, وآخرهم العاضد الذي توفى بمصر يوم عاشوراء سنة 567هـ, وبموته انقرضت دولة الفاطميين من المشرق والمغرب. والملك لله وحده يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء» (9).


قال الذهبي -رحمه الله-: 

«ظهر في هذا الوقت الرفض, وأبدى صفحته وشمخ بأنفه في مصر والشام والحجاز والمغرب بالدولة العبيدية, وبالعراق والجزيرة والعجم بني بويه, وكان الخليفة المطيع ضعيف الرتبة مع بني بويه وضعف بدنه ثم أصابه فالج, وخرس فعزلوه وأقاموا ابنه الطائع لله, وله السكة والخطبة, وقليل من الأمور فكانت مملكة المعز أعظم وأمكن ..(10).


وقال الذهبي -رحمه الله- في المعز: «وعاش ستًا وأربعين سنة وكان مولده بالمهدية ودفن بالمعزية بالقاهرة في عام خمس وستين وثلاثمائة» (11).

--------------------------------------------------------------------

🧿  جرائم العبيديين في الشمال الإفريقي


لقد ارتكب الباطنيون الروافض الشيعة في أهالي الشمال الإفريقي من أهل السنة ما تشيب منه الولدان ولا تصدقه العقول, وأنزلوا غضبهم وصبوا سخطهم على العلماء خاصة:


1- فعندما ادعى عبيد الله الرسالة أحضر فقيهين من فقهاء القيروان وهو جالس على كرسي ملكه وأوعز إلى أحد خدمه, فقال للشيخين: «أتشهدان أن هذا رسول الله؟ فقالا بلفظ واحد: والله لو جاءنا هذا والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله, ما قلنا ذلك. فأمر بذبحهما» (12) 


وهذا الشيخان المغربيان هما: ابن هذيل وابن البردون.

قال الذهبي عن ابن بردون: «هو الإمام الشهيد المفتي, أبو إسحاق, إبراهيم بن البردون الضبي مولاهم الإفريقي المالكي, تلميذ أبي عثمان الحداد» (13).


و قال له منه لما جرده للقتل: أترجع عن مذهبك؟ قال: أعن الإسلام أرجع؟ وقيل: في سنة تسع وتسعين ومائتين (14)


 إن عبيد الله المهدي الزنديق لم يدع الرسالة فحسب, بل سمح لأتباعه أن يغرقوا في كفرهم حتى ألهوه فقد كانت أيمانهم المغلظة: « وحق عالم الغيب والشهادة, مولانا الذي برقادة». 


ومن أهم ما ادعى معرفة الغيب, والغيب لا يعلمه إلا الله, وهذا الأمر من خصوصيات الألوهية, فمن ادعاه لغير الله يقع في الشرك والكفر العظيم, 

قال تعالى:

 "وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ " [الأنعام: 59].

وقال تعالى:

 " قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ " [النمل: 65].


2- لقد كان شعراء الدولة العبيدية يمدحون خلفاءهم إلى درجة الكفر البواح وينشرونها بين الناس, وقد ظهر ذلك في شعر ابن هانئ الأندلسي في مدحه للمعز وكان أحد شعرائهم, مدح عبيد الله فقال:

حل برقادة المسيح

                    حل   بها  آدم ونوح


حل بها الله ذو المعالي

                 فكل شيء سواه ريح  (15)


كما شبه شعراؤهم المهدية بمكة المكرمة وقصر المهدي بالكعبة.

هي المهدية  الحرم   الموقى

                         كما  بتهامة  البلد الحرام


وإن لثم الحجيج الركن أضحى

                         لنا بعراص قصركم التثام (16)


3- شنوا حربًا نفسية على أهل السنة وذلك بتعليق رؤوس الأكباش والحمير على أبواب الحوانيت والدواب, وكتبوا عليها أسماء الصحابة رضي الله عنهم, (لعنهم الله أنى يؤفكون), 


وأظهروا سب الصحابة رضي الله عنهم, وطعنوا فيهم وزعموا أنهم ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وخصصوا دعاة للنداء بذلك في الأسواق.


ومن ذكر الصحابة بخير أو فضل بعضهم على علي بن أبي طالب رضي اللهة عنه قتل أو سجن (17).


4- عمل العبيديون على إزالة آثار بعض من تقدمهم من الخلفاء السنيين؛ ولذلك أصدر عبيد الله أمرًا بإزالة أسماء الحكام الذين بنوا الحصون والمساجد, وجعل اسمه بديلاً منهم, واستولى هذا الرافضي الخبيث على أموال الأحباس وسلاح الحصون, وطرد العباد والمرابطين بقصر زياد الأغلبي وجعله مخزنًا للسلاح(18).


5- حرص العبيديون على منع التجمعات خوفًا من الثورة والخروج عليهم؛ ولذلك جعلوا بوقًا يضربونه في أول الليل, فمن وجد بعد ذلك ضرب عنقه, كما أنهم كانوا يفرقون الناس الذين يجتمعون على جنازة من يموت من العلماء(19).


وهذا الفعل لا يزال مستمرًا في الأنظمة القمعية البوليسية التي لا ترى إلا ما يراه حاكمها وطاغوتها وفرعونها " مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ" [غافر: 29].


6- أتلفوا مصنفات أهل السنة, ومنعوا الناس من تداولها كما فعلوا بكتب أبي محمد بن أبي هاشم التجيبي (ت 346هـ) الذي توفي وترك سبعة قناطير كتب, كلها بخط يده, فرفعت إلى سلطان بني عبيد فأخذها «ومنع الناس منها كيدًا للإسلام وبغضًا فيه»(20).


7- حرموا على الفقهاء الفتوى بمذهب الإمام مالك, واعتبروا ذلك جريمة يعاقب عليها بالضرب والسجن أو القتل أحيانًا, 


ويعقب ذلك نوع من الإرهاب النفسي, حيث يدار بالمقتول في أسواق القيروان وينادي عليه: «هذا جزاء من يذهب مذهب مالك», !!

 ولم يبيحوا الفتوى إلا لمن كان على مذهبهم كما فعلوا بالفقيه المعروف بالهزلي «أبو عبد الله محمد بن العباس بن الوليد» المتوفي عام تسع وعشرين وثلاثمائة .(21).


8- منعوا علماء أهل السنة من التدريس في المساجد, ونشر العلم, والاجتماع بالطلاب, فكانت كتب السنة لا تقرأ إلا في البيوت خوفًا من بني عبيد, فكان أبو محمد بن أبي زيد, وأبو محمد بن التبان وغيرهما, يأتيان إلى أبي بكر بن اللباد, شيخ السنة بالقيروان في خفية, ويجعلان الكتب في أوساطهما حتى تبتل بالعرق خوفًا من بني عبيد» .(22).


وهذا المسلك لا زالت الدول القمعية في العالم الإسلامي تمارسه على شعوبها فبعضها تمنع هذا الأمر كليًا, وبعضها تسمح ببعض أمور الدين التي لا تصطدم مع مصالح الدول الكبرى.


9- أجبروا الناس على الدخول في دعوتهم فمن أجاب تركوه, وربما ولوه بعض المناصب, ومن رفض قُتل, وقد وقعت بين الدولة العبيدية وأهل القيروان مقتلة عظيمة, فأمر الشيعي بالكف عن العوام, وافتعل مناظرات صورية, فدارت على علماء السنة محن عظيمة, وقتل منهم عدة آلاف بسبب تمسكهم بإسلامهم ودفاعهم المستميت عن السنة,


 قال القابسي: «إن الذين ماتوا في دار البحر -سجن العبيديين- بالمهدية من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب, ما بين عالم وعابد ورجل صالح»(23)


 هذا عدا من كانوا يقتلون دون سجن ويمثل بهم في شوارع القيروان, فأثر ذلك على سير الحياة العلمية, وقد خمل ذكر كثير من العلماء الذي آثروا اعتزال الفتنة, مثل أبي محمد الورداني ..(24)


 ومع ذلك فإن هذه المحنة لم تزد أهل الشمال الإفريقي إلا عزيمة وصبرًا واحتسابًا وتمسكًا بأصول أهل السنة والجماعة . (25).


10- عطلوا الشرائع, وأسقطوا الفرائض عمن تبع دعوتهم حيث يتم إدخالهم إلى داموس ويدخل عليهم عبيد الله لابسًا فروًا مقلوبًا, دابًا على يديه ورجليه, فيقول لهم: «بَحْ» 😐


 ثم يخرجهم ويفسر لهم هذا العمل بقوله: «فأما دخولي على يدي ورجلي فإنما أردت بذلك أن أعلمكم أنكم مثل البهائم لا شيء, لا وضوء, ولا صلاة, ولا زكاة, ولا أي فرض من الفروض, وسقط جميع ذلك عنكم, 😐


وأما لبس الفرو مقلوبًا فإنما أردت أن أعلمكم أنكم قلبتم الدين, وأما قولي لكم بَحْ, فإنما أردت أن أعلمكم أن الأشياء كلها مباحة لكم من الزنى وشراب الخمر....» (26).


ويعجبني في هذا المقام ما قاله شاعر أهل السنة في الشمال الإفريقي أبو القاسم الفزاري في هجاء بني عبيد:


عبدوا ملوكهم وظنوا أنهم

                     نالوا لهم سبب النجاة  عمومًا


وتمكن الشيطان من خطواتهم

                      فأراهم  عوج الضلال  قويمًا


تبعوا  كلاب  جهنم  وتأخروا

                     عمن  أصارهم  الإله   نجومًا (27)


11- زادوا في الأذان: «حي على خير العمل», وأسقطوا من أذان الفجر «الصلاة خير من النوم», ومنعوا الناس من قيام رمضان, وليس شيء أشد على بني عبيد من هذه الصلاة,


 ومنعوا صلاة الضحى, وقدموا صلاة الظهر لفتنة الناس, أما خطبة الجمعة فقد أظهروا فيها سب الصحابة وضروبًا من الكفر, فتركها الناس,


 وأقفرت المساجد في زمانهم, وكان بعض أئمتهم يصلون إلى رقادة, فلما انتقل عبيد الله إلى المهدية صلوا إليها  (28)


 وكثيرًا ما كانوا يجبرون الناس على الفطر قبل رؤية هلال شوال  ..(29) 


بل قتلوا من أفتى بأن لا فطر إلا مع رؤية الهلال كما فعلوا بالفقيه محمد بن الحبلي قاضي مدينة برقة.


قال الذهبي رحمه الله في ترجمته:


 «الإمام الشهيد قاضي مدينة برقة, محمد بن الحبلي. أتاه أمير برقة, فقال: غدًا العيد, قال: حتى نرى الهلال, ولا أفطر الناس, وأتقلد إثمهم, فقال: بهذا جاء كتاب المنصور, وكان هذا من رأي العبيدية يفطرون بالحساب, ولا يعتبرون رؤية فلم ير هلال, فأصبح الأمير بالطبول والبنود وأهبة العيد, فقال القاضي: لا أخرج ولا أصلي, فأمر الأمير رجلاً خطب, وكتب بما جرى إلى المنصور, فطلب القاضي إليه, فأحضر, فقال له: تنصل, وأعفو عنك, فامتنع, فأمر, فعلق في الشمس إلى أن مات, وكان يستغيث من العطش, فلم يسق, ثم صلبوه على خشبة. فلعنة الله على الظالمين» ..   (30).


12- من جرائم عبيد الله الكثيرة أن خيله دخلت المسجد, فقيل لأصحابها: كيف تدخلون المسجد؟ فقالوا: إن أرواثها وأبوالها طاهرة, لأنها خيل المهدي, فأنكر عليهم قيم المسجد, فذهبوا به إلى المهدي فقتله, يقول ابن عذارى: وامتحن عبيد الله في آخر حياته بعلة قبيحة: دود في آخر مخرجه يأكل أحشاءه فلم يزل به حتى هلك» ..  (31).


إن أجيال المسلمين الذي يقرؤون تاريخ العبيديين لا يعلمون إلا ما كتب لهم عن التاريخ السياسي لهذه الدولة, ذهب فلان وخلفه فلان, وأنها دولة تحب العلم وتنشره, ...


والمقصود نشر كتب الفلاسفة ولكن لا أحد يذكر -عدا الذين ترجموا للعلماء- بطش هؤلاء الأوغاد الظلمة بالعلماء من أهل السنة, بل إن الطلبة الذين يدرسون التاريخ الإسلامي يذكرون معد بن إسماعيل الملقب بالمعز, يذكرونه وكأنه بطل من أبطال التاريخ  ... (32).


  إن المؤرخين الذين كتبوا لنا التاريخ تأثروا بمدارس الاستشراق و بالفكر الشيعي, أو بذلت لهم أموال لطمس الحقائق  !!  😠😡

--------------------------------------------------------------------

(1) سير أعلام النبلاء (ج15/152-156). 

(2) المصدر السابق (ج15/156).

(3) سير أعلام النبلاء (ج15/157).

(4) المصدر السابق (ج15/158).

(5) المصدر السابق (ج15/159).

(6) انظر: الفتح العربي في ليبيا ص (362).

(7) انظر: الفتح العربي في ليبيا, ص (362).

(8) المصدر السابق ص (362).

(9) المصدر السابق ص (262).

(10) سير أعلام النبلاء (ج15/164،163).

(11) المصدر السابق (ج15/166).

-----------

(12) سير أعلام النبلاء (ج14/217).

(13) المصدر السابق (ج14/215).

(14) المصدر نفسه (ج14/215).

(15) مدرسة الحديث في القيروان (ج1/72).

(16) البيان المغرب (ج1/184).

(17) مدرسة الحديث في القيروان (ج1/73).

(18) انظر: رياض النفوس (ج2/56).

(19) المصدر السابق (ج2/29). وجل هذا المبحث من كتاب مدرسة الحديث في القيروان مع تصرف واضح.

(20) المصدر السابق (ج2/423).

(21) المصدر السابق (ج2/56).

(22) انظر: مدرسة الحديث بالقيروان (ج1/76).

(23) المصدر السابق (ج1/74).

(24؛25) المصدر السابق (ج1/75). 

(26) رياض النفوس (ج2/504).

(27) المصدر نفسه (ج2/495،494).

( 28؛29) انظر: مدرسة القيروان (ج1/73).

(30) الذهبي, سير أعلام النبلاء (ج15/374).

(31) أيعيد التاريخ نفسه؟ محمد العبدة, ص(39).

(32) أيعيد التاريخ نفسه؟ محمد العبدة, ص (40)

☆ الدولة الفاطمية د. علي الصلابي ص( 54 - 64)

--------------------------------------------------------------------

#الدولةالفاطميةجواهر [3]

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم

التاريخ الاسلامى

2/recent/post-list