تاريخ الدولة الأموية (6) 🔸 معاوية في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

 تاريخ الدولة الأموية (6)



🔸 معاوية في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
---------------------------------------------------------------------
🔹 في خلافة أبي بكر رضي الله عنه
اشترك اﻷمويون في حروب الردة ؛ و في حركة الفتوحات الإسلامية تركز نشاطهم على جبهة الشام يشاركهم في ذلك كثير من أهل مكة عموماً،
ويبدو أن ذلك كان أمراً مقصوداً من الخليفة أبي بكر الذي أدرك وجود صلات عميقة الجذور بين بني أمية وأهل مكة وبين القبائل العربية المقيمة ببلاد الشام تحت الحكم البيزنطي،
تلك الصلات التي تعمقت من خلال النشاط التجاري المتواصل بين مكة والشام في الجاهلية والذي كان بنو أمية أبرز قواده ورواده .
وأما عن مشاركة الأمويين في حروب الفتح، فقد جاءت مبكرة، حيث شارك الوليد بن عقبة بن أبي معيط مع خالد بن الوليد في فتوح العراق الأولى، وشهد معه قتل هرمز، وأرسله خالد إلى أبي بكر بالغنائم وبشارة الفتح وأخباره عن جمع جديد من الفرس ،
ثم وجهه الخليفة مدداً إلى عياض بن غنم الذي كان قد أمره بفتح العراق من جهة الشمال، وكان يحاصر دومة الجندل فيجد العنت والمشقة في فتحها، فأشار عليه الوليد باستمداد خالد بن الوليد، فاستمده، فأنجده، وفتحوا معاً دومة الجندل ،
ثم ولاه أبو بكر على النصف من صدقات قضاعة مما يلي دومة الجندل ، ولكن الخليفة ما لبث أن كتب إليه يعرض عليه الجهاد في سبيل الله، ويخبره بينه وبين أن يظل على عمله الذي ولاه إياه فأجابه بإيثار الجهاد،
فوجه به إلى الشام ، وكان أول لواء عقده أبو بكر في حروب الشام لخالد بن سعيد بن العاص الأموي ثم عزله وولى بدله يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي أيضاً ،
وأما جيش يزيد بن أبي سفيان، فكان أول جيش كبير يوجهه أبو بكر إلى الشام ويودعه ماشياً ، ثم أتبعه بثلاثة جيوش أخرى يقودها عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة وأبو عبيدة بن الجراح ،
يقول الذهبي عن يزيد بن أبي سفيان بن أمية : وهو أحد الأمراء الأربعة الذين ندبهم أبو بكر لغزو الروم، عقد له أبو بكر، ومشى تحت ركابه يسايره ويودعه ويوصيه، وما ذلك إلا لشرفه، وكمال دينه .
ثم اتبع الصديق بأناس آخرين يرغبون في الجهاد والحقهم بجيش يزيد وجعل عليهم أميراً معاوية بن أبي سفيان ..
وخرج أبو سفيان بن حرب ـ وهو يومئذ شيخ كبير ، كما اشترك في الجهاد في الشام أيضاً خالد بن سعيد ، وأبان بن سعيد، وعمرو بن سعيد، بن العاص بن أميه وقاتلوا جميعاً هناك وقتلوا، حتى قيل: ما فتحت بالشام كورة من كورها إلا وجد عندها رجل من بني سعيد بن العاص شهيداً ،
وقبل معركة اليرموك عقد قادة الجيوش مؤتمراً للحرب في الجولان.. ومر بهم أبو سفيان بن حرب فقال :
" ما كنت أظن أن أبقى حتى أرى أغلمة من قريش يذكرون أمر حربهم ويتذاكرون ما يكيدون به عدوهم ـ في منزلي ـ ولا يحضروني ؟! "
فأفسحوا له، فاشترك معهم في مشورتهم فأسهم معهم في رسم خطة القتال .
ولما أزفت ساعة الحرب في اليرموك عمد قادة الفريقين إلى إذكاء حماس الجنود، فبينما كان الروم يحضضهم القسيسون والرهبان، وينعون لهم النصرانية، حتى تشجعوا وخرجوا للقتال الذي لم يكن بعده قتال مثله ، كان المسلمون يتبادرون إلى إلقاء الخطب البليغة والأرجاز المثيرة ،
بل أنهم عينوا أحد كبار شيوخهم والمخضرمين من رجالهم في مهمة الخطابة وكان ذلك الرجل هو أبو سفيان بن حرب نفسه ، ولا شك أن توليه ذلك العمل المهم هو أكبر دليل على صدقه وإخلاصه في دينه وإسلامه،
وقد كان اختياراً موفقاً فعلاً يتسق مع طبيعة تكوين ذلك الجيش الذي يضم الكثير من أهل مكة وقبائل العرب الذين تأخر إسلامهم، والذين احتفظوا بثقتهم القديمة في أبي سفيان، زعيمهم الذي خبروه ،
وكان أبو سفيان رضي الله عنه يقف على الكراديس ، فيقول: الله الله ، إنكم ذادة العرب وأنصار الإسلام وإنهم ذادة الروم وأنصار الشرك، اللهم إن هذا يوم من أيامك، اللهم أنزل النصر على عبادك .... ...(*1)
--------------------------------------------------------------------
🔹 في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عندما توفي الصديق عام 13هـ بويع الفاروق بالخلافة سار على نهج صاحبيه في استعمال بني أمية والثقة بهم، فلم يعزل أحد منهم من عمل، فقد بقي يزيد بن أبي سفيان والياً على دمشق، كما زاد عمر في عمل معاوية بالشام .
بدا نجم معاوية رضي الله عنه في الظهور في ميدان العمل السياسي والإداري في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه فقد ولاه فتح قيسارية سنة خمس عشرة للهجرة ،
وجاء في كتاب توليته له: أما بعد فقد وليتك قيسارية فسر إليها واستنصر الله عليهم، وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، الله ربنا وثقتنا ومولانا فنعم المولى ونعم النصير ،
كانت هذه المهمة الجسيمة اختبارا كبيرا من عمر لمعاوية في ميدان الواقع، فقد استطاع تجاوز هذا الاختبار بكل نجاح، فقد سار إلى قيسارية بجنوده الذين أعدهم له أخوه يزيد بن أبي سفيان ـ والى دمشق وكانت تلك المدينة محصنة وبأس أهلها شديد، فحاصرها معاوية طويلاً وزاحف أهلها مرات عديدة، فلم ييأس معاوية، وصمم على فتحها،
واجتهد في القتال حتى فتح الله على يديه، وكان فتحه كبيراً فقد قتل من أهلها ما يقرب من مائة ألف وبعث بالفتح والأخماس على أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، وقد أثبت معاوية بعد توفيق الله ـ بهذا الفتح جدارته وحسن قيادته، فأكسبه ذلك ثقة الجميع،
فأسند له أخوه يزيد ـ أمير دمشق ـ مهمة فتح سواحل الشام، وقد أبلى في ذلك بلاءً حسناً ، فكان يقيم على الحصن اليومين والأيام اليسيرة فربما قوتل قتالاً شديدا، وربما رمى ففتحها،
وكان المسلمون كلما فتحوا مدينة ظاهرة أو عند ساحل رتبوا فيها قدر ما يحتاج لها إليه من المسلمين فإن حدث في شيء منها حدث من قبل العدو سربوا إليها الإمداد ،
ويرى الدكتور عبد الرحمن الشجاع أن مدن الشام تساقطت تحت ضربات المجاهدين الواحدة تلو الأخرى، لأن الروم كانوا من الهزيمة بمكان لا تجعلهم يفكرون في المقاومة فتساقطت مدن بيروت، وصيدا، ونابلس، واللد، وحلب، وأنطاكية، وكانت قيسارية آخر مدن الشام فتحاً على يد معاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك بعد القدس .
🔹عبادة بن الصامت الصحابي الجليل فى جيش معاوية :
وكان عبادة بن الصامت على ميمنة جيش المسلمين في حصار قيسارية، فقام رضي الله عنه بوعظ جنده ودعاهم إلى تفقد أنفسهم والحيطة من المعاصي، ثم قاد هجوماً قتل فيه كثيراً من الروم، لكنه لم يتمكن من تحقيق هدفه،
فعاد إلى موقعه الذي انطلق منه، فحرّض أصحابه على القتال، وأبدى لهم استغرابه الشديد لعدم تحقيق أهداف ذلك الهجوم فقال: يا أهل الإسلام، إني كنت من أحدث النقباء سنّاً ,ابعدهم أجلاً، وقد قضى الله أن أبقاني حتى قاتلت هذا العدو معكم..
والذي نفسي بيده ما حملت قط في جماعة من المؤمنين على جماعة من المشركين، إلا خلوا لنا الساحة وأعطانا الله عليهم الظفر فما بالكم حملتم على هؤلاء فلم تزيلوهم ؟!
ثم بين لهم ما يخشاه منهم، فقال: إني والله لخائف عليكم خصلتين، أن تكونوا قد غللتم، أو لم تناصحوا الله في حملتكم ، وحض أصحابه على طلب الشهادة بصدق، وأعلمهم أنه سيكون في مقدمتهم وأنه لن يعود إلى مكانه، إلا أن يفتح الله عليه أو يرزقه الشهادة ،
فلما التحم المسلمون والروم، ترجل عبادة عن جواده وأخذ راجلاً، فلما رآه عمير بن سعد الأنصاري نادى المسلمون يعلمهم بما فعل أميرهم ويدعوهم إلى الاقتداء به، فقاتلوا الروم حتى هزموهم وأحجروهم في حصنهم وبعد فتح قيسارية ونجاح معاوية في فتح سواحل دمشق ولاه عمر بن الخطاب ولاية الأردن وكان ذلك عام 17هـ ... ...(*2)
--------------------------------------------------------------------
🔹 ولايته على دمشق وبعلبك والبلقاء:
في سنة ثمان عشرة للهجرة توفي يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنهما في طاعون عمواس، فولى عمر معاوية عمل أخيه ـ دمشق وبعلبك والبلقاء ، وقد كان لعمل عمر هذا أكبر الأثر على نفسية والد معاوية ووالدته،
فحين عزى عمر أبا سفيان في وفاة ابنه يزيد قال: يا أمير المؤمنين من وليت مكانه ؟ قال: أخوه معاوية. قال: وصلت رحماً يا أمير المؤمنين.
👍وكتب أبو سفيان لمعاوية ينصحه في بداية عمله هذا فمما قال:
" يا بني إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا، فرفعهم سبقهم وقدمهم عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم وقصر بنا تأخيرنا، فصاروا قادة وسادة، وصرنا أتباعاً، وقد ولوك جسيماً من أمورهم فلا تخالفهم، فإنك تجري إلى أمد فنافس، فإن بلغته أورثته عقبك "
👍 وكذلك كتبت له والدته هند بنت عتبة تقول :
" والله يا بني إنه قل أن تلد مثلك وإن هذا الرجل قد استنهضك في هذا الأمر، فاعمل بطاعته فيما أحببت وكرهت "
👍 وكان بعض الناس ـ لا سيما شيوخهم ـ استغربوا تولية عمر رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه مع حداثة سنه فقال رضي الله عنه :
" تلومنني في ولايته، وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به ! " .. ..(*3)
--------------------------------------------------------------------
🔹 معاوية في موكب عظيم وإنكار عمر عليه :
كان عمر رضي الله عنه ـ وهو الخبير بمعادن الرجال ـ يدرك أكثر من غيره ما يتمتع به معاوية من صفات تؤهله للقيادة، فحين قدم عمر الشام وافاه معاوية بموكب عظيم أنكره عليه عمر فقال: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قال : نعم .
قال : مع ما بلغني عنك من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك؟!
قال: هو ما بلغك من ذلك يا أمير المؤمنين .
قال: ولم تفعل هذا؟ لقد هممت أن آمرك بالمشي حافياً إلى بلاد الحجاز.
قال: يا أمير المؤمنين إنا بأرض جواسيس العدو فيها كثيرة، فيجب أن تظهر من عز السلطان ما يكون فيه عز للإسلام وأهله ويرهبهم فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت،.
فقال له عمر : ما سألتك عن شيء إلا تركتني في مثل رواجب الضرس، لئن كان ما قلت حقاً، إنه لرأي أريب ، ولئن كان باطلاً إنه لخديعة أديب . 😐
قال : فمرني يا أمير المؤمنين قال: لا آمرك ولا أنهاك.
فقال رجل : يا أمير المؤمنين، ما أحسن ما صدر الفتى عما أوردته فيه .
فقال عمر : لحسن مصادره وموارده جَشَّمناه ما جَشَّمناه👍
، وفي رواية أن الرجل الذي قال لعمر ما أحسن ما صدر الفتى عما أوردته فيه هو عبد الرحمن بن عوف، وكان مع عمر حين استقبلهما معاوية بهذا الموكب العظيم .
وهذا الجواب من معاوية ـ رضي الله عنه ـ يدل على خبرة سياسية عالية، ومعرفة واعية بأحوال الأمم، ودراية كاملة بسياسة الرعية والمحافظة على الوضع الأمني للدولة التي يحكمها،
ومن أجل هذا رضي عمر سياسته على الرغم من أنها تخالف سياسة عمر في اهتمامه بأحوال رعيته وبحث شكاواهم، ولعل كلمة عمر ـ رضي الله عنه ـ من أجل ذلك جشمناه ما جشمناه تدل على رضاه عن سياسة معاوية .
💧 وكان عمر رضي الله عنه يتعهد معاوية بالتربية والوعظ والنصح، وأحياناً يشتد ويغلظ عليه، فعن أسلم مولى عمر رضي الله عنه قال :
" قدم علينا معاوية وهو أبيض أو أبضُّ(طري الجلد) الناس وأجملهم، فخرج إلى الحج مع عمر، فكان عمر ينظر إليه، فيعجب له، ثم يضع أُصبُعَه على متنه ثم يرفعها عن مثل الشِّراك، فيقول: بخ بخ، نحن إذا خير الناس، أن جمع لنا خير الدنيا والآخرة ،😐
فقال معاوية : يا أمير المؤمنين، سأحدثك، إنّا بأرض الحمّامات والريف .( *يعني أستحم و أستظل فصرت هكذا )
فقال عمر : سأحدثك ما بك إلطافك نفسك بأطيب الطعام وتصبحك حتى تضرب الشمس متنيك وذوو الحاجات وراء الباب.😐 (* يعني بل تخص نفسك بأطيب الطعام و تنام إلى الضحى)
قال فلما جئنا ذا طوى (*مكان) أخرج معاوية حُلة فلبسها، فوجد عمر منها ريحاً كأنه ريح طيب، فقال:
يعمد أحدكم فيخرج حاجّاً تَفِلاً، حتى إذا جاء أعظم بُلدان الله حرمة أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيب فلبسهما،❗
فقال معاوية: إنما لبستهما لأدْخل فيهما على عشيرتي أو قومي، والله لقد بلغني أذاك ههنا وبالشام، والله يعلم إني لقد عرفتُ الحياء فيه ثم نزع معاوية ثوبيه، ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما ، 😢
💧وقال عمرو بن يحي بن سعيد الأموي، عن جَدِّه قال:
دخل معاوية على عمر وعليه حُلَّةٌ خضراء فنظر إليها الصّحابة، فلما رأى ذلك عمر وثب إليه بالدِّرَّة(* سباطة النخل بعد نزع التمرمنها) ، فجعل يضربه بها،
وجعل معاوية يقول: يا أمير المؤمنين، الله الله فيَّ فرجع عمر إلى مجلسه، فقال له القوم : لم ضربته يا أمير المؤمنين وما في قومِك مثله ؟،
فقال: والله ما رأيت إلا خيراً وما بلغني إلا خير، ولكنِّي رأيته وأشار بيده ـ فأحببت أن أضع منه (* أقلل من قدره)😐،
💧 وكان عمر بن الخطاب إذا رأى معاوية قال: هذا كسرى العرب . 😐
وكان معاوية رضي الله عنه في إمارته بالشام في أبهة الملك وزيه من العديد والعدة وكان يرى أنه في ثغر تجاه العدو ويحتاج إلى مباهاتهم بزينة الحرب والجهاد وإظهار الملك والسلطان،
وكانت أبهة معاوية في الملك لها أغراض ومقاصد شرعية ولذلك سكت عمر رضي الله عنه، وذات يوم ذكر معاوية عند عمر فقال: دعوا فتى قريش وابن سيدها إنه لمن يضحك في الغضب ولا يُنال منه إلا على الرِّضا، ومن لا يأخذ من فوق رأسه إلا من تحت قدميه ،
ومهما يكن في هذه الرواية وغيرها من مبالغة، فإن ثقة عمر في معاوية تظل فوق مستوى الشبهة والشك ، فقد برهن معاوية لعمر عمق فهمه لضرورات السياسة وتغير البيئة والمجتمع، وأثر ذلك كله على التطوير السياسي لأدوات الحكم، ومهما يكن من أمر فقد عظمت مكانة معاوية عند عمر رضي الله عنه، فولاه أهم أقاليم دولته، وزاد في ولايته،
ولم يعزله، على كثرة من كان يعزل من عماله وأمرائه، وكان معجباً بذكائه وإدارته ولا يكتم ذلك الإعجاب حتى قال يوماً لجلسائه تذكرون كسرى وقيصر ودهاءهما وعندكم معاوية .... ...(*4)
--------------------------------------------------------------------
🔹 جهود معاوية رضي الله عنه على جبهة الشام :
لما تولى معاوية أمر الشام، وانطلق عمرو بن العاص لفتح مصر، أصبحت مهمة حماية الحدود الشامية للدولة الإسلامية والتوسع منها منوطة به، وتتلخص أهم إنجازاته العسكرية في أمرين هما : سن نظام الصوائف والشواتي ، وتكوين أسطول بحري إسلامي لأول مرة في تاريخ الإسلام .
⏪ 1 ـ سن نظام الصوائف والشواتي في عهد عمر :
أصيب الروم على يد جنود الإسلام بهزائم مريرة متتالية فقدوا على أثرها الشام ومصر، بكل ما تمثلانه من أهمية اقتصادية وسياسية وعسكرية، غير أنهم لم يسلموا بهذه الهزائم، بل استمرت هجماتهم على الشام من خلال الدروب الجبلية التي تفصلهم عن إمبراطورية الروم،
مما جعل عمر بن الخطاب يقول في جولته بالشام سنة 16هـ : والله لوددت أن الدرب جمرة بيننا وبينهم لنا ما دونه، وللروم ما وراءه ،
وفي رحلته هذه إلى الشام سمى عمر الصوائف والشواتي، وسد فروج الشام ومسالكها ، ومن المحتمل أن يكون هدف الروم من هجماتهم على المدن الإسلامية الحدودية منذ البداية، هو اعتماد ذلك كتدبير وقائي لحماية بلاد الروم وردع المسلمين،
لكن استجابة معاوية كانت فوق التحدي، فقد نقل المعركة إلى بلاد العدو، وابتعد بالحرب عن بلاد المسلمين، وكان لا بد لمعاوية ـ من أجل تحقيق ذلك الهدف ـ من تطوير وسائط الدفاع، واعتبار العواصم والثغور مجرد قواعد متقدمة واجبها تلقي الصدمة والإنذار،
مع استخدام هذه القواعد كمركز انطلاق للهجمات المضادة، وقد قاد معاوية بنفسه بعض هذه الصوائف منها صائفة سنة 22 هـ حيث دخل بها بلاد الروم في عشرة آلاف، وصائفة 23هـ ، حيث أوغل حتى بلغ عمورية، ومعه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبادة بن الصامت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو ذر الغفاري، وشداد بن أوس .😐
⏪ 2 ـ تكوين أسطول إسلامي في البحر :
ويعود الفضل إلى الله ثم إلى معاوية في هذه المرحلة المبكرة إلى فتح باب الجهاد في البحر الذي أصبح ضرورياً لحماية الشام ومصر ومواجهة النشاط المتزايد للأسطول البيزنطي، وغاراته المتكررة على سواحل الإقليمين، وإمداداته للثائرين بهما.
وقد استطاعت عمليات الصوائف والشواتي أن تضع حداً للتهديدات البرية، لكن المدن الساحلية، بداية من إنطاكية ونهاية بالأسكندرية، بقيت تحت رحمة البحرية البيزنطية، وأدرك معاوية أيضاً أنه من المحال تطوير عمليات الفتوح في أفريقيا ما لم يتم انتزاع السيطرة البحرية من البيزنطيين ، ولم يبدأ معاوية في غزو البحر فعلياً إلا في عهد عثمان وسيأتي بيان ذلك بإذن الله تعالى ... ..(*5)
--------------------------------------------------------------------
(*1) تاريخ الطبري (3/319) .. الدولةالأموية المفترى عليها صـ 148 . الطبري (3/322 ، 329 ، 330؛342 ؛381 ؛391؛392) . البداية والنهاية (11/396) . ديوان الردة للعتوم صـ 86 . تاريخ الطبري (3/301 ـ 313؛ 3/319/347) . . سيرة أبي بكر الصديق الصَّلابي صـ 225 .
الدولة الأموية حمدي شاهين صـ 149 . البداية والنهاية (6/354) . تاريخ الطبري (391-387- 3/389 - 394-390) , فتوح الشام للواقدي (1/3 ـ 4) . سير أعلام النبلاء (1/328) . النزاع والتخاصم صـ46 ، الدولة الأموية حمدي شاهين صـ 150 . فتوح الشام للواقدي (1/99) .
تاريخ الطبري (3/395) . (3/395 ، 397 ، 398 ،401) .
(3/397) . الدولة الأموية ، حمدي شاهين صـ 151 .
التبيين في أنساب القرشيين صـ 203 .
-----------------
(*2) العالم الإسلامي في العصر الأموي صـ 15 . قيسارية : على ساحل الشام ، تعد في أعمال فلسطين ياقوت (4/421) . أثر العلماء في الحياة السياسية في الدولة الأموية صـ 59 . تاريخ الطبري (4/431) . ترتيب وتهذيب البداية والنهاية صـ 63 ، 64 . البداية والنهاية (7/54) .
أثر العلماء في الحياة السياسية في الدولة الأموية صـ 59 . فتوح البلدان للبلاذري صـ 134 . دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة صـ 355 . الأنصار في العصر الراشدي صـ 207 ؛209 . تاريخ الطبري (4/67) خلافة معاوية للعقيلي صـ 17 ، 18 .
---------------
(*3) الطبقات الكبرى (7/406) أثر العلماء في الحياة السياسية صـ 61 . البداية والنهاية (11/399) .
السلسلة الصحيحة (4/615) رقم 1969 وقال الألباني حديث صحيح .
-------------
(*4) البداية والنهاية (11/416) . الأمويون بين الشرق والغرب، لمحمد الوكيل (1/30) . البداية والنهاية (؛ 418؛11/417) . الاستيعاب صـ 668 . ابن خلدون إسلامياً ، عماد الله خليل صـ 78 . البداية والنهاية (11/415) .
الدولة الأموية ، حمدي شاهين صـ 154؛ صـ 157 . .
تاريخ الطبري (5/330) .
--------------
(*5) الصوائف : غزو بلاد الروم في الصيف والشواتي في الشتاء . الدولة الأموية ، حمدي صـ 154 . تاريخ اليعقوبي (2/133) . تاريخ الطبري (4/62) . تاريخ الأمم والملوك (4/144 ، 160) . المصدر نفسه (4/241) الدولة الأموية حمدي صـ 155 . معاوية بن أبي سفيان ، بسام العسلي صـ 40 . تاريخ خليفة بن خياط صـ 155 . تاريخ الطبري (5/442) . (5/443) . الولاية على البلدان (1/176) .
--------------
☆ الدولة الأموية عوامل الإزدهار و تداعيات السقوط ص45-40 ..و انظر كتاب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وأسرته أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان ..محمود شاكر...وانظر كتاب سل السنان في الذب عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهمكتبة تحميل الكتب مجانا
كتاب سل السنان في الذب عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.سعد بن ضيدان السبيعي
--------------------------------------------------------------------
* الصورة ..المسجد الأموي بدمشق
لا يتوفر وصف للصورة.
كل التفاعلات:
٢٧

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم

التاريخ الاسلامى

2/recent/post-list