تاريخ الدولة الأموية (9)
قال الزهري : ولي عثمان اثنتي عشرة سنة أميراً للمؤمنين، أوّل ستّ سنين منها لم ينقم الناس عليه شيئاً، وإنّه لأحبُّ إلى قريش من عمر بن الخطاب، لأنّ عمر كان شديداً عليهم، أمّا عثمان، فقد لان لهم، وَوَصَلَهم،
ثمّ حدثت الفتنة بعد ذلك، وقد سمّى المؤرِّخون المسلمون الأحداث في النِّصف الثاني من ولاية عثمان 30 ـ 35هـ (الفتنة الكبرى)، التي أدَّت إلى استشهاد عثمان رضي الله عنه ... (*1)
وكان المسلمون في خلافة أبي بكر، وعمر، وصدراً من خلافة عثمان، متَّفقين، لا تنازع بينهم، ثم حدثت في أواخر خلافة عثمان أمور، أوجبت نوعاً من التفرق، وقام قوم من أهل الفتنة، والظلم فقتلوا عثمان، فتفرق المسلمون بعد مقتل عثمان، ... (*2)
وكان المجتمع الإسلامي في خلافة الصديق، والفاروق، والنِّصف الأوَّل من خلافة عثمان يتَّصف بالسِّمات الآتية :
☆ أنه في عمومه ـ مجتمع مسلم بكل معنى الإسلام، عميق الإيمان بالله واليوم الآخر، مطبق الإسلام بجدية واضحة، والتزام ظاهر، وبأقلّ قدر من المعاصي وقع في أي مجتمع في التَّاريخ.
☆ أنه المجتمع الذي تحقَّق فيه أعلى مستوى للمعنى الحقيقيِّ للأمَّة بمعناها الرَّباني، فهي الأمة التي تربط بينها رابطة العقيدة، بصرف النظر عن اللغة، والجنس، واللَّون، ومصالح الأرض القريبة، وهذه لم تتحقَّق في التاريخ كما تحقّقت في الأمة الإسلامية.
☆ أنه مجتمع أخلاقيُّ يقوم على قاعدة أخلاقية واضحة مستمدة من أوامر الدين، وتوجيهاته.
☆ أنه مجتمع جادٌ، مشغول بمعالي الأمور لا بسفاسفها، وليس الجدُّ بالضرورة عبوساً، وصرامة، ولكنه روح تبعث الهمّة في الناس، وتحثُّ على النشاط، والعمل، والحركة.
☆ أنه مجتمع مجنَّد للعمل، في كلِّ اتجاه، تلمس فيه روح الجنديَّة واضحة لا في القتال في سبيل الله فحسب، ولكن في جميع الاتجاهات، فهو معبَّأ من تلقاء نفسه بدافع العقيدة وبتأثير شحنتها الدّافعة لبذل النشاط في كلِّ اتجاه ...(*3)
☆ ـ أنه مجتمع متعبِّدُ نلمس فيه روح العبادة واضحة في تصرفاته ليس فقط في أداء الفرائض، والتطوّع بالنَّوافل ابتغاء مرضات الله، ولكن في أداء الأعمال جميعاً والعمل في حسِّه عبادةٌ، يؤديه بروح العبادة .. (*4)
هذه من أهم صفات عهد الخلفاء الراشدين ـ بصفة عامة ـ
إلا أن تلك السِّمات كانت أقوى كلمَّا اقتربنا من عهد النبوة وتضعف كلَّما ابتعدنا عن عصر النُّبوة، وقد بدأ التغير على عهد الخلافة الراشدة مع ظهور فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه وكان لظهور هذه المحنة العظيمة التي مرت بها الأمة أسباب منها :
---------------------------
● الرخاء وأثره في المجتمع :
وغنيٌّ عن الإشارة: أنَّ النِّعم، والخيرات، وتلك الواردات من الفتوح سيكون لها أثرها على المجتمع، إذ تجلب الرَّخاء وما يترتَّب عليه من إنشغال النَّاس بالدُّنيا، والافتتان بها،
كما أنَّها مادة للتنافس، والبغضاء خاصة بين أولئك الذين لم يصقل الإيمان نفوسهم، ولم تهذبهم التَّقوى من أعراب البادية، وجفاتها، ومن مسلمة الفتوحات، وأبناء الأمم المترفة،
وقد أدرك عثمان رضي الله عنه هذه الظاهرة وأنذر بما سيؤول إليه أمر الأمّة من التَّبذُّل والتغيُّر في كتابه الموجه إلى الرّعية: فإن أمر هذه الأمة صائر إلى الابتداع بعد اجتماع ثلاثةٍ فيكم : تكامل النِّعم، وبلوغ أولادكم من السبايا، وقراءة الأعراب والأعاجم للقرآن ...(*5)
وحدث ما توقعه عثمان رضي الله عنه وبدأ التغير أثره يظهر أولاً على أطراف الدّولة الإسلامية ثم أخذ يزحف إلى عاصمة الخلافة، ممّا دفع عثمان رضي الله عنه إلى تذكير المسلمين في خُطَبهِ بضرورة الحذر من التهالك على الدنيا، وحطامها،
فكان مما قاله في إحدى خطبه :
" إنَّ الله إنَّما أعطاكم الدُّنيا، لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطكموها، لتركنوا إليها، ..إن الدنيا تفنى، وإن الآخرة تبقى، ولا تبطرنَّكم الفانية، ولا تشغلنكم عن الباقية،... واحذروا ومن الله الغير، والزموا جماعتكم،لا تصيروا أحزاباً ، ...(*6)
ثم قرأ :
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)آل عمران ، آية: 103 ـ 104.
وفي مثل هذه الظروف، والخيرات، فاضت الدُّنيا على المسلمين وتفرّغ الناس بعد أن فتحوا الأقاليم، واطمأنُّوا فأخذوا ينقمون على خليفتهم . (*7)
ومن هنا يُعلم أثر الرخاء في تحريك الفتنة، ومن هنا أيضاً يمكن فهم مقالة عثمان رضي اله عنه لعبد الرَّحمن بن ربيعة ـ له صحبة ـ وهو على الباب (*8) :
"إن الرَّعية قد أبطر كثيراً منهم البطنة، فقصِّر بهم، ولا تقتحم بالمسلمين، فإنِّي خاشٍ أن يبتلوا "...(*9)
--------------------------
● طبيعة التحول الإجتماعيِّ في عهد عثمان رضي الله عنه
حدثت تغيرات إجتماعية عميقة، ظلَّت تعمل في صمت، وقوة لا يلحظها كثير من الناس، حتى ظهرت على ذلك الشكل العنيف المتفجِّر بدءاً من النِّصف الثاني من خلافة عثمان بلغت قمّة فورانها في التمرد ُّ الذي أدَّى إلى استشهاد عثمان رضي الله عنه ، ....(*10)
ولما توسَّعت الدولة الإسلامية عبر حركة الفتوح، حصل تغيُّر في تركيبة المجتمع والاختلالات في نسيجه، لأنَّ هذه الدَّولة بتوسُّعها المكانِّي، والبشريِّ، ورثت ما على هذه الرقعة الواسعة من أجناس، وألوان ولغات، وثقافات، وعادات، ونظم، وأفكار، ومعتقدات، وفنون أدبية، وعمرانية، ومظاهر،
وظهر على سطح هذا النسيج ألوان مضطربة، وخروقات غير منتظمة، كما صيَّرت المجتمع غير متجانس في نسيجه التَّركيبيِّ، وبالذات في الأمصار الكبرى المؤثِّرة: البصرة، الكوفة، والشّام، ومصر، والمدينة ومكة،
فقد كانت الأمصار الكبيرة بموقعها وأهميتها تدفع لجيش الفتوح، وتستقبلها وهي عائدة، وقد نقص عددها بالموت والقتل،
وتستقبل بدلا عنهم أو أكثر منهم أعداداً وفيرة من أبناء المناطق المفتوحة، فرس، وترك، وروم، وقبط، وكرد، وبربر، وكان أكثرهم من الفرس، أو النَّصارى العرب، أو غيرهم، أو من اليهود ، وأكثر سكان هذه الأمصار، ....(*11)
وكان أغلب هؤلاء من القبائل العربَّية من جنوبها، وشمالها، وشرقها، والذين لم يكونوا ـ عادة ـ من الصَّحابة، وبمعنى أدق: ليسوا ممَّن تلقَّوا التَّربية الكافية على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على أيدي الجيل الأوَّل من الصحابة، إمَّا لانشغالهم بالفتوح، أو لقلة الصحابة،
وقد حصلت تغيراتٌ في نسيج المجتمع البشريِّ المكوَّن من السَّابقين، وسكّان البلاد المفتوحة، والأعراب، ومن سبقت لهم ردَّة، واليهود، والنَّصارى ؛ وتغير تكوين نسيج المجتمع الثَّقافي، مع بسطة العيش ، وظهر لون جديد من الانحرافات، وقبول الشائعات ..(*12)
-------------------------
● ظهور جيل جديد :
فقد حدث في المجتمع تغيُّر أكبر، ذلك: أن جيلا جديداً من الناس ظهر، وأخذ يحتل مكانه في المجتمع وهو غير جيل الصحابة، جيل يعيش في العصر غير الذي كانوا يعيشون فيه، ويتَّصف بما لا يتَّصفون به،
فهو جيل ، يعتبر في مجموعه أقلَّ من الجيل الأوَّل الذي حمل على كتفه عبء بناء الدّولة، وإقامتها، فقد تمَّيز الجيل الأوَّل من المسلمين بقوَّة الإيمان، والفهم السَّليم لجوهر العقيدة الإسلامَّية، والاستعداد التّام، لإخضاع النَّفس لنظام الإسلام المتمثلَّ في القرآن والسُّنَّة..(*13)
وكانت هذه الميِّزات أقل ظهوراً في الجيل الجديد الذي وُجد نتيجة للفتوحات الواسعة، وظهرت فيه المطامع الفرديَّة، وبُعثت فيه العصبية للأجناس، والأقوام، ..
وبعضهم يحملون رواسب كثيرة من رواسب الجاهليَّة التي كانوا عليها ولم ينالوا من التربية الإسلامية على العقيدة الصحيحة السَّليمة مثل ما نال الرَّعيل الأوَّل من الصَّحابة رضي الله عنهم على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وذلك لكثرتهم، وانشغال الفاتحين بالحروب والفتوحات الجديدة ... (*14)
فالصَّحابة كانوا أقلَّ فتناً من سائر من بعدهم، فإنَّه كلما تأخَّر العصر عن النبوة كثر التفرق والخلاف ، ووجد دعاة الفتنة في المنحرفين من الجيل الجديد بغيتهم .... (*15)
----------------------
● استعداد المجتمع لقبول الشائعات
ندرك من خلال هذا الخليط غير المتجانس في نسيج المجتمع: أنه صار مهيَّئاً للهزَّات، مستعدَّاً للاضطراب، قابلاً لتلقِّي الإذاعات، والأقاويل والشائعات ... (*16)
ولهذا لما كان الناس في خلافة أبي بكر وعمر ـ أقرب عهداً بالرِّسالة، وأعظم إيماناً، وصلاحاً، وأئمتهم أقوم بالواجب، وأثبت في الطمأنينة لم تقع فتنة، إذ كانوا في حكم القسط، أي: النفوس المطمئنة ... (*17)
ولما كان في آخر خلافة عثمان، وخلافة عليَّ،كثر ـ أهل النفس اللَّوَّامة التي تخلط عملاً صالحاً، وآخر سيئاً ـ فصار فيهم شهوة، وشبهة مع الإيمان، والدِّين، وصار ذلك في بعض الولاة، وبعض الرِّعايا،
ثمَّ كثر هذا القسم، الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فنشأت الفتنة التي سببها ما تقدَّم من عدم تمحيص التَّقوى، والطَّاعة في الطَّرفين، واختلاطهما بنوع من الهوى، والمعصية في الطَّرفين،
وكل منهم متأوِّلٌ وأنه يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، وأنَّه مع الحقِّ، والعذل، ومع هذا التأويل نوع من الهوى، ففيه من الظنِّ، وما تهوى الأنفس، وإن كانت إحدى الطائفتين أولى بالحقِّ من الأخرى ، .... (*18)
ويوضِّح هذا الواقع بدقة أكثر ذلك الحوار الذي دار بين أمير المؤمنين على بن أبي طالب، وأحد أتباعه، قال الرَّجل: ما بال المسلمين اختلفوا عليك، ولم يختلفوا على أبي بكر، وعمر؟
قال علي : لأنَّ أبا بكر، وعمر كانا واليين على مثلي، وأنا اليوم والٍ على مثلك ، ... (*19)
وكان أمير المؤمنين عثمان بن عفان مدركاً لما يدور في وسط المجتمع حيث قال في رسالته إلى الأمراء :
" أمّا بعد، فإن الرَّعَّية قد طعنت في الانتشار، ونزعت إلى الشَّره، وأَعْدّاها على ذلك ثلاث: دنيا مؤثرة، وأهواء مسرعة، وضغائن محمولة، يوشك أن تنفر، فَتُغيَّر ... (*20)
---------------------
● مجيء عثمان بعد عمر، رضي الله عنهما
كان مجيء عثمان رضي الله عنه مباشرة بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه واختلاف الطبع بينهما مؤدِّياً إلى تغيُّر أسلوبهما في معاملة الرَّعية،
فبينما كان عمر قوي الشكيمة، شديد المحاسبة لنفسه، ولمن تحت يديه، كان عثمان ألين طبعاً وأرقَّ في المعاملة، ولم يكن يأخذ نفسه، أو يأخذ النّاس بما يأخذ به عمر حتّى يقول عثمان لنفسه: يرحم الله عمر: ومن يطيق ما كان عمر يطيق ؟! ... (*21)
لكن النَّاس، وإن رغبوا في الشَّوط الأوَّل من خلافته، لأنَّه لان معهم، - وكان عمر رضي الله عنه شديداً عليهم - حتَّى أصبحت محبَّته مضرب المثل، فقد أنكروا عليه بعد ذلك،
ويرجع هذا إلى نشأة عثمان في لطفه، ولين عريكته، ورقة طبعه ودماثة خلقه، ممّا كان له بعض الأثر في مظاهر الفرق عند الأحداث بين عهده، وعهد سلفه عمر بن الخطَّاب .
وقد أدرك عثمان ذلك حين قال لأقوام سجنهم :
" أتدرون ما جرّأكم عليَّ؟ ما جرَّأكم عليَّ إلا حلمي " ...(*22)
وحين بدأت نوايا الخارجين وقد ألزمهم عثمان الحجَّة في ردّه على المآخذ التي أخذوها عليه أمام الملأ من الصَّحابة والنّاس أبى المسلمون إلا قتلهم وأبى عثمان إلا تركهم، لحلمه، ووداعته قائلاً : بل نعفو، ونقبل، ولنصبرهم بجهدها، ولا نحادّ أحداً حتى يركب حدّاً، أو يبدي كفراً ......(*23)
-------------------
● خروج كبار الصَّحابة من المدينة
كان عمر رضي الله عنه قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان إلا بإذن، وأجلٍ، فشكوه، فبلغه، فقام، فقال:
" ألا أنِّي قد سننت الإسلام سَنُّ البعير، يبدأ فيكون جذعاً، ثم ثَنِيّاً، ثمّ رباعيّاً، ثم سدسيّاً، ثمّ بازلا ...(*البازل : الذي انشق نابه بدخوله في سن التّاسعة .)
فهل ينتظر بالبازل إلا النقصان، ألا فإنَّ الإسلام قد نَزَل، ألا وإنَّ قريشاً يريدون أن يتخذوا مال الله معوناتٍ دون عباده، ألا فأمّا وابن الخطاب حيٌّ فلا، إني قائم دون شِعب الحرَّة، آخذ بحلاقيم قريش ، وَحُجَزِها أن يتهافتوا في النَّار ، ...(*24)
لقد كان عمر يخاف على هؤلاء الصَّحابة من انتشارهم في البلاد المفتوحة، وتوسُّعهم في القطاع والضِّياع ؛..
فكان يأتيه الرَّجل، من المهاجرين، وهو ممَّن حبس في المدينة، فيستأذنه في الخروج، فيجيبه عمر: لقد كان لك في غزوك مع رسول الله ما يبلغك، وخير لك من الغزو اليوم ألا ترى الدُّنيا، ولا تراك ،...(*25)
وأمَّا عثمان فقد سمح لهم بالخروج، ولان معهم.
----------------------
● العصبية الجاهلية :
يقول ابن خلدون :
" لما استكمل الفتح، واستكمل للملَّة الملك ونزل العرب بالأمصار في حدود ما بينهم وبين الأمم من البصرة، والكوفة، والشّام ومصر،
وكان المختصُّون بصحبة الرَّسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهديه، وآدابه: المهاجرين والأنصار، وقريش، وأهل الحجاز، ومن ظفر بمثل ذلك من غيرهم،
وأمَّا سائر العرب من بني بكر بن وائل، وعبد القيس، وسائر ربيعة، والأزد، وكنده، وتميم، وقضاعة، وغيرهم فلم يكونوا في تلك الصحبة بمكان إلا قليل منهم.
وكانت لهم في الفتوحات قدم، فكانوا يرون ذلك لأنفسهم مع ما يدين به فضلاؤهم من تفضيل أهل السَّابقة، ومعرفة حقِّهم، وما كانوا فيه من الذهول، والدَّهش لأمر النٌّبوّة، وتردُّد الوحي، وتنـزل الملائكة،
فلمَّا انحصر ذلك العباب، وتنوسي الحال بعض الشَّيء، وذل العدوُّ، واستفحل الملك، كانت عروق الجاهليَّة تنبض، ووجدوا الرِّياسة عليهم من المهاجرين، والأنصار، وقريش، وسواهم، فأنفت نفوسهم منه،
ووافق ذلك في أيَّام عثمان، فكانوا يظهرون الطعن في ولاته بالأمصار، والمؤاخذة لهم باللَّحظات، والخطوات، والاستبطاء عليهم بالطاعات، والتَّجنِّي بسؤال الاستبداد منهم، والعزل ويفيضون في النّكير على عثمان،
وفشت المقالة في ذلك في أتباعهم، وتناولوا بالظُّلم في جهاتهم، وانتهت الأخبار بذلك إلى الصَّحابة بالمدينة، فارتابوا، وأفاضوا في عزل عثمان، وحمله على عزل أمرائه،
وبعث عثمان إلى الأمصار من يأتيه بالخبر.. فرجعوا إليه فقالوا: ما أنكرنا شيئاً، ولا أنكره أعيان المسلمين ولا عوامُّهم .
...(*26)
--------------------------------------------------------------------
(*1) طبقات ابن سعد (1/39 ـ 47) ؛ الخلفاء الرّاشدون للخالدي صـ 112 .
(*2) مجموع الفتاوي لابن تيمية (13/20) .
(*3 ؛ *4) كيف نكتب التاريخ الإسلامي صـ 102 . المصدر نفسه صـ 102 .
(*5) تاريخ الطبري (5/245) .
(*6) أحداث وأحاديث الهرج ص567
(*7) تحقيق مواقف الصحابة في التنة (1/362) .
(*8) المقصود بالباب : منطقة في جهة أذربيجان معجم البلدان (1/303) .
(*9) تحقيق مواقف الصحابة (1/362) .
(*10) الدولة الأموية المفترى عليها عليها صـ 166
( *11 ؛*12)دراسات في عهد النبوة ص379 ؛380
(*13) الدولة الأموية ، يوسف العش ص132
(*14)تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (1/356)
(*15)ذو النورين عثمان بن عفان ، مال الله صـ 99 .
(*16)دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة صـ 382 .
(*17)مجموع الفتاوي (28/148) .
(*18) المصدر نفسه (28/149) .
(*19)مقدمة ابن خلدون صـ189 .
(*20) التمهيد والبيان صـ 64 .
(*21؛ *22) تاريخ الطبري (5/418) . المصدر نفسه (5/250) .
(*23) تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (1/364)
(*24؛*25) تاريخ الطبري (5/413) . المصدر نفسه (5/414) .
(*26) تاريخ ابن خلدون (2/477)
** الدولة الاموية عوامل الازدهار وأسباب الإنهيار- علي الصلابي ص 61-57
-------------------------------------------------------------------
باقي أسباب الفتنة ودور ابن سبأ التالى ان شاء الله
[9]
إرسال تعليق