تاريخ دولة المرابطين
... (17)
نتابع موقعة أقليش الخالدة وانتصار المرابطين على جيش قشتالة في عهد علي بن يوسف بن تاشفين
------------------------------------------------------------------
ملخص ماسبق :
ولما توفي الأمير أبو بكر أكبر أولاد يوسف بن تاشفين وولي عهده بسبتة في سنة (٤٧٩ ه - ١٠٨٦م) عقب نصر الزلاقة ، أخذ يوسف يبحث عن خلفه بين أولاده ، واتجهت نيته لاختيار ولده علي، لما آنسه فيه منذ صغره من ذكاء ونجابة ، وكان يصطحبه في كثير من المهام .
وكان يوسف قبيل وفاته بقليل ، قد أوصى ولده عليا بثلاثة أمور :
▪︎أولها.ألا يفعل شيئا لإثارة أهل جبل درن ، و من وراءه
من المصامدة وأهل القبلة ،...
▪︎والثاني أن يهادن بی هود أمراء سرقسطة ، وأن
يتركهم حائلا بينه و بين النصاری..
▪︎والثالث أن يعطف على من أحسن من أهل قرطبة ،
وأن يتجاوز عمن أساء منهم .
كان على بن يوسف أميرا وافر الهمة والذكاء والعزم ، وكانت تحدوه رغبة صادقة ، في أن يسير على نهج أبيه في الحكم ، وفي متابعة الجهاد .
ثار عليه يحيى ابن أخيه المتوفى(أبو بكر) واليه على فاس، ووافقه على ذلك جماعة من قواد لمتونة .
فبادر علي بالسير في بعض قواته إلى فاس، فخشي يحي البادرة على نفسه ، خصوصا بعد أن تخلى عنه أنصاره، و فر من المدينة ، (٥٠١ ه_١١٠٧م) وأخمدت هذه الثورة
ثم عبر إلى الأندلس لتفقد أحوالها ، وتنظيم شئوها ، من مراكش في جيش من المرابطين سنة (٥٠٠ ه - أوائل۱۱۰۷م) ،
وعمد إلى إجراء طائفة من التغييرات الإدارية الهامة ،
ولما عاد علي بن يوسف إلى المغرب ، كتب في أوائل سنة(٥٠١ ه - ١١٠٨م) إلى أخيه تميم والى غرناطة، وقائد الجيوش المرابطية بالأندلس، أن يستأنف الجهاد وأن يغزو أرض النصارى.
ذلك أن ألفونسو السادس ملك قشتالة المهزوم في الزلاقة , بعد وفاة يوسف بن تاشفين ظن أن الفرصة قد سنحت ليستأنف غزواته في أراضي المسلمين ؛ فبعث حملة مكونة من ثلاثة آلاف وخمسمائة مقاتل ، سارت نحو أحواز إشبيلية ، و عاثت فيها فسادا ، فخرج الأمير سعد بن أبي بكر والى إشبيلية لرد الغزاة ، مع عسا کر غرناطة بقيادة أبي عبد الله بن الحاج و اليها و طاردوا القشتالين ، وردوهم على أعقابهم ، وقتلوا منهم ألفا و خمسمائة
ولما تولي علي بن يوسف الملك ، لم ينس أمر هذا العدوان ، فرأى أن يبادرهم بالغرو ،
وخرج تميم بأمر أخيه علي من غرناطة رمضان سنة (۱۰۰۱ أوائل مایو سنة ۱۱۰۸م ) وسار صوب جيان ، وكانت الجنود والإمدادات تهرع إليه في طريقه ولبث في جيان أيام قلائل ، حتى وافته حشود قرطبة بقيادة واليها أبي عبد الله محمد بن أبي رنق ، ....
ثم سار إلى بياسة شمال شرقي جيان . واتجه منها شمالا صوب أراضي قشتالة ، وانضمت إليه في الطريق حشود مرسية بقيادة واليها أبي عبد الله محمد بن عائشة ، وحشود بلنسية بقيادة واليها محمد بن فاطمة ، واخترقت القوات المرابطية أراضي قشتالة وعاثت فيها .
ثم اتجهت صوب بلدة أقليش الحصينة ، وهي التي وقع الاختيار عليها لمهاجمتها . فوصلت إلى ظاهرها في يوم
الأربعاء الرابع عشر من شوال (۲۷ مايو ) ..
* كانت أقليش في ذلك العصر من أمنع معاقل كورة شنتبرية ، وهي محلةحصينة ، تقع في شمالى جبال طليطلة ، وجنوب غرب أوبدة ، استولى عليها القشتاليون نتيجة لافتتاح طليطلة ...
وما كادت القوات المرابطية تصل إلى أقليش حتى طوقتها ، وهاجمتها بعنف ولم يستطع النصارى المدافعون عنها ، أن يثبتوا طويلا أمام شدة المهاحمين المرابطين، فسقطت في أيدهيم في اليوم التالى وهو يوم الخميس (١٥ شوال- ۲۸ مايو) ، ...
وفي الحال دخلتها القوات المرابطية ، وقوضت صروحها ، وهدمت كنائسها ، و دكت هياكلها ، وهرع المسلمون الذين كانوا بها - وكان ما يزال منهم بقية كبيرة فضلت التدجن والبقاء تحت حكم النصارى - والتجأوا إلى معسكر الجيش المرابطی ، لائذين بحمايته ، وشرحوا لإخوانهم في الدين أحوال المدينة ، وظروف المدافعين عنها ... (*1)
-------------------------------------------------------------------
️ إلتجأ المدافعون من النصارى إلى قصبة أقليش الحصينة ، وامتنعوا بها في انتظار الغوث والإنجاد من مواطنيهم .
والواقع أنه مذ تحركت الجيوش المرابطية ، ونفذت إلى أراضي قشتالة ، كان الملك العجوز ألفونسو السادس ملك قشتالة وقادته ،يبذلون أقصى جهودهم في إعداد العدة لرد الغزاة ؛ وكان ألفونسو السادس قد هدمه الإعياء والمرض ، ولم يستطع لضعفه أن يسير بنفسه لملاقاة الغزاة وإنقاذ
القلعة ..
فجهز حملة قوية بقيادة كبير قواده ألبرهانس - وهو أشهر قواد قشتالة في ذلك العصر ، وقد خاض من قبل وقائع كثيرة ضد المسلمين ، ولاسيما في منطقة بلنسية - وزميله غرسيه أردونيث معلم ولى العهد سانشو ، و هو أيضا من أكابر
القادة ، ومعهما عدة أخرى من قادة منطقة طليطلة من قلعة النسور ، وقلعة النهر أو قلعة عبد السلام (Alcala de Henares) وغيرهما .
بيد أن أهم شخصية مثلت في تلك الحملة كانت شخصية الأمير الصبی ( الإنفانت) سانشو ولد ألفونسو السادس
وولي عهده ، وهو الذي رزق به من « زائدة حظيته أو زوجته المسلمة المتنصرة ، التي كانت زوجة للفتح بن المعتمد بن عباد ، وكان يومئذ صبيا في الحادية عشرة من عمره . (*2)
وكان مستشارو الملك - أو زوجته زائدة - قد نصحوا بإرساله على رأس الجيش لکی يثير منظره الفتي حاسة الجند ، فنزل عند رأيهم ، و بعثه مع مؤدبه غرسيه أردونیث کونت دی قبرة .
ويشير صاحب روض القرطاس إلى تلك الواقعة ، و يفسرها بتفسير طريف يقول فيه :
" فأشارت عليه زوجته -أي ألفونسو- أن يوجه ولده عوضا عنه فيكون مقابلا لتميم ، لأن تميم ابن ملك المسلمين ، و شأنه شأن - سانشو - ابن ملك الروم ، فسمع منها ، فبعث ولده شانجه في جيوش كثيرة من زعماء الروم وأنجادهم " (*3) .
وزحف الجيش القشتالي بسرعة لإنجاد قلعة أقليش . وفي تلك الأثناء، في عصر يوم الخميس ١٥ شوال (۲۸ مايو) كانت الأنباء قد ترامت عن قرب قدومه إلى المعسكر المرابطي ، وهنا تختلف الرواية في تصوير موقف الجيش المرابطی وموقف قائده الأعلى الأمير أبي الطاهر تميم .
ذلك أن صاحب روض القرطاس يقول لنا إن تميما حين علم باقتراب القشتاليين ، أراد الارتداد والإحجام عن لقائهم ، فنصحه محمد بن عائشة ومحمد بن فاطمة وغيرهما من قواد لمتونة بالبقاء و ملاقاة العدو ، و هونوا عليه الأمر ، خصوصا وأن القادمين لا يزيد عددهم عن ثلاثة آلاف فارس . فنزل تميم عند هذا النصح ، فلما واتى القشتاليون عند مغيب
الشمس ، ورأى تميم وفرة حشودهم ، أراد الفرار والإحجام عن لقائهم ، ولكنه لم يجد سبيلا إلى ذلك ، وصمم قواد لمتونة على لقاء العدو و مناجزته . (*4)
بيد أن تميما يصور لنا الموقف في رسالته إلى أخيه الأمير علي بن يوسف ، التي يصف فيها الموقعة ، تصويرا آخر .
فيقول لنا إنه حين مقدم القشتاليين ، استدنى إليه "القائدین
المرابطيين ، ذوَيْ النصيحة والآراء الصحيحة ، أبا عبد الله محمد بن عائشة ، وأبا عبد الله محمد بن فاطمة وأنهما بعد المشاورة ، اجتمعوا على كلمة الله متعاقدين ، وخضعوا إلى حكمه مستسلمين" ...
ثم يقول : : "ونهضنا بجملتنا ، من محلتنا والصبر يفرغ علينا لامه ، والنهر يبلغ إلينا سلامه ، وتوجهنا إلى الله نقتفي سبيله ، و نبتغي دليله ، فكان اللقاء ، وكانت الموقعة".
و يستفاد من أقوال الروايات أن الجيش المرابطي ، كان يتكون من حشود غرناطة و قرطبة و شرقي الأندلس ومن انضم إليه من المتطوعة المجاهدين خلال مسيره ، و أنه كان عدة آلاف من الفرسان ، إذ كانت حامية غرناطة تتكون من ألف فارس ، و مثلها حامية قرطبة ، وكانت الحامية المرابطية بشرقي الأندلس تتكون من أربعة آلاف فار س .
أما الجيش القشتالي القادم للنجدة ، فمن المرجح أنه كان متفوقا على المرابطين في الكثرة ، يدل على ذلك إحجام تميم في البداية عن لقائه ، وتوجسه من تفوقه العددی . هذا عدا من كان من القشتاليين بالقصبة وهم حسبما تصفهم الرواية « جمع عظيم من الروم »(*5).
ومن جهة أخرى ، فإنه لدينا عن عدد الجيش القشتالي روايتان إسلاميتان ، الأولى تقدره بعشرة آلاف فارس، وهذه هي رواية ابن القطان وقد كتب بعد الموقعة بقرن ونصف ، في أواخر عهد الموحدين (*6)
والثانية تقدره بسبعة آلاف فارس ، وهي رواية ابن عذارى ، وهو يقول لنا مشيرا إلى مقدم القشتاليين لإنجاد قلعة أقليش ، وفي خلال ذلك وصل إليه ( حصن إقلیش ) ، ولد ألفونسو شانجه من زوج المأمون بن ( عباد ) التي كانت تنصرت بنحو سبعة آلاف فارس » (*7)
وفي فجر يوم الجمعة ١٦ شوال سنة ٥۰۱ ه ، الموافق ۲۹ مايو سنة ۱۱۰۸م. بدت طلائع المعركة ، وتقدم المرابطون قليلا في اتجاه أقليش للقاء القشتالين .
وأقبل القشتاليون يقودهم ألبرهانس و غرسيه أردوينت كونت دی قبره وكونتات طليطلة ، والأمير الفتي الإنفانت سانشو فوق فرسه ، وقد ارتدى حلة الفرسان ؛ وبدأ الهجوم ووقعت الصدمة الأولى حسبما ينبئنا تميم في رسالته ضد قوات قرطبة ، وقائدها ابن أبي رنق ، فارتد إلى الوراء .
و عندئذ تقدمت قوات مرسية وبلنسية ، وتقدم تميم في قواته إلى قلب المعركة ، ونشب بين الفريقين قتال بالغ العنف ، يصفه لنا تميم في رسالته عن الموقعة في عبارات حماسية مضطرمة .
ومما جاء فيها : " فعند ذلك اختلطت الخيل ، بل سال السيل . وأظلم الليل وأعتنقت الفرسان ، واندقت الخرصان ، ودحا ليل القتام ، وضاق مجال الجيش اللهام ، واختلط الحسام بالأجسام ، والأرماح بالأشباح، ودارت رحى الحرب
تغر بنكالها ؛ وثارت ثائرة الطعن والضرب تفتك بأبطالها ".
وتجمع الروايات الإسلامية و النصرانية معا ، على أن الموقعة كانت مضطرمة رائعة ، وأن الفريقين المتحاربين ، قاتل کلاه بمنتهى العنف و الشدة .
وبينما القتال على أشده إذ وقع حادث كان حاسما في مصير المعركة ؛ ذلك أن الأمير الصبي سانشو ابن ملك قشتالة ،
إزدلف إلى قلب المعمعة إلى جانب مؤدبه غرسية أردونیث أو الكونت دی قبره، فلم يلبث أن أحاطت بهما ثلة من الفرسان المسلمين ، وتوالت عليهما الطعان ، فسقط الفتي من فوق جواده ، وقد أصابته طعنة قاتلة .
وسقط فوقه الكونت دي قبره مدافعا عنه ، فدب الهرج إلى صفوف القشتاليين وكثر القتل بينهم ولجأ الكثيرون منهم إلى الفرار ، وسقط معظم القادة والكونتات قتلى ، وارتد ألبار هانيس في فلول القشتالين صوب طليطلة .
......
ويقدم إلينا ابن القطان رواية أخرى عن مصرع الإنفانت ، سانشو ، فيقول إنه أولت من قلب المعركة في نمانه من النصارى و لجأ معهم إلى حصن بلتون ( بلشون ) ، وكان فيه رعية لهم من المسلمين ، فاختبأوا عندهم رجاء أن يسلموا من القتل ، فلحق بهم المسلمون وقتلوهم وقتل معهم ولد أذفونش (ألفونس) " (*8)
.......
وحاول الكونتات السبعة الذين كانوا يؤلفون حاشية الأمير القتيل ، الفرار إلى حصن بلنشون القريب ، فلحقت جماعة من المسلمين المدجنين وقتلتهم عن آخرهم ، وعرف مكان مصرعهم فيما.بعد « بالكونتات السبعة ».
وهكذا تمت الهزيمة الساحقة على الجيش القشتالى ، وأحرز المسلمون نصرهم الباهر ، في ذلك اليوم المشهود ؛ و أعادت موقعة أقليش الشهيرة ، بروعتها ، وانتصار المرابطين الساحق فيها ، ذكريات موقعة الزلاقة .
وتعرف الموقعة في الرواية النصرانية « موقعة الكونتات السبعة » نسبة إلى الكونتات السبعة الذين كانوا حاشية
ولي عهد قشتالة . وتقدر بعض الروايات الإسلامية خسائر القشتاليين فيها بنيف.و ثلاثة وعشرين ألفا .(*9).
وتجاريها في ذلك بعض الروايات النصرانية ، فتقدر
خسائر القشتاليين بعشرين ألفا .(*10).
بيد أنه يبدو مما سبق أن ذكرناه عن عدد الحيشين
المتحاربين ، ومما ذكره الأمير تميم في رسالته عن الموقعة ، أن خسائر النصارى لم تكن هذه النسبة المغرقة ، وإن كان مما لاريب فيه أنها كانت فادحة .
ويقول لنا.الأمير تميم في رسالته إنه أمر عقب الموقعة بجمع رؤوس القتلى من النصارى ، فجمعت الدانية منها ، وتركت النائية ، فبلغ ما جمع منها أكثر من ثلاثة آلاف رأس ، میزت منها رؤوس غرسية أردونیث ( أردونش ) أو الكونت دی قبره ، وقواد طليطلة ، وكدست ، وأذن من فوقها المؤذنون وفقا للتقليد المأثور .
واستولى المرابطون في نفس الوقت على مقادير هائلة من الأسلاب والغنائم ، من المال و الخيل والبغال .. إلخ.
وأما عن خسائر المسلمين في الموقعة ، فإنه يبدو أنها كانت أيضا ذات شأن ، وليس لدينا ما يوضحها غير :
▪︎عبارة أوردها صاحب روض القرطاس في ختام كلامه عن المعركة يقول فيها :
«واستشهد جماعة من المسلمين رحمهم الله »
▪︎وقول ابن القطان : « واستشهد في هذه الوقيعة الإمام الحزولى وكان رجل صدق ، وجماعة من الأعيان و العربان»
على أننا نستنتج ذلك من إحجام المرابطين ، عن مطاردة فلول الجيش القشتالي مطاردة شاملة والتوغل في أرض النصارى .
وغادر الأمير تميم في قواته ميدان المعركة عائدا إلى غرناطة ، مكللا بغار الظفر ، وكتب إلى أخيه أمير المسلمين علي بذلك بالفتح ، رسالته التي سبق ذكرها .
وترك قوات مرسية وبلنسية تحت إمرة قائدها لحصار قلعة أقليش ، فلبثا على حصارها فترة ، ولما رأيا مناعتها تظاهرا بالانسحاب ، وارتدا في قواتهما قليلا ورتبا الكمائن ، فخرج النصارى من القلعة ، فانقض عليهم المسلمون ، وأمعنوا
فيهم قتلا وأسرا ، واحتلوا القصبة ، وبذلك تم استيلاؤهم على أقليش ..
وترتب على ظفر المسلمين باحتلال هذه القلعة المنيعة ، أن سقطت في أيديهم عدة من.البلاد و الحصون المجاورة ، مثل وبذة و قونقة و أقونية وكو نسويجرا، وغيرها. (*11)
وتعني الروايات النصرانية بذكر معركة أقليش عناية خاصة ، وهي لاتخرج في مجملها عما تقدمه إلينا الروايات الإسلامية من التفاصيل ، ولاسيما ما أورده الأمير تميم في خطابه الرسمي عن الموقعة ؛ بيد أن الروايات النصرانية تفيض بنوع
خاص في تفاصيل مصرع الإنفانت سانشو ، ومصرع مؤدبه غرسية أردونیث، فتذكر لنا كيف سقط الأمير عن جواده الجريح ، وكيف حجبه الكونت غرسيه بدرعه وجسمه و أخذ يدافع عنه وهو مسجی ، حتى قتل بدوره ، وتشيد بفروسية الكونت ، ورائع صفاته .
ثم تصف لنا كيف وقع النبأ المحزن على الملك المسن ألفونسو السادس وقع الصاعقة ، وكيف استسلم إلى التأوه والنواح بمحضر.من سادته . والواقع أن الملك الشيخ لم يستطع احتمال تلك الصدمة الأليمة طويلا ، إذ توفي بعد ذلك بنحو عام في 30 يونيه سنة ۱۱۰۹ م.
ثم تنجرف الرواية النصرانية بعد ذلك إلى منحدر الأسطورة ، فيزعم أن.الملك ألفونسو أراد أن ينتقم لمصرع ولده ، فسار إلى قرطبة وحاصرها ، وفيها.على بن يوسف « أمير المؤمنين ، وأن النصارى أسروا ذات ليلة جماعة من المسلمين حاولوا مهاجمتهم ، وتبين أن رئيسهم عبد الله ، وهو من أشراف قرطبة ،.هو الذي قتل ابن عباد حمو الملك ألفونسو ، ووالد زوجته ماريا ، التي كانت تسمي زائدة ، وأنه أمر بتقطيع أشلاء عبد الله هذا وحرقها ، وأحرق عددا من الأشراف المسلمين ، وأنه أخيرا استطاع أن يرغم عليا أمير المؤمنين
على طلب الصلح ، و أداء ضريبة فادحة لقشتالة .(*12) .
وكانت موقعة أقليش ، بعد الزلاقة ( ٤٧٩ ه ) ، واستيلاء المرابطين على بلنسية ، ( 495 ه ) ، أعظم نصر أحرزه المرابطون على قوات قشتالة ، وهو نصر كان من أثره توطيد سلطان المرابطين في المناطق الوسطى والشرقية في شبه
الجزيرة ، وفي إعلاء سمعتهم العسكرية والدفاعية .
و نستطيع أن نقول أيضا إن حملة أقليش كانت فاتحة لبرنامج منظم من الغزوات.المرابطية لأراضى النصارى . ذلك أنه لم يمض سوى عام وشهرين على موقعة أقليش ، حتى عبر أمير المسلمين على بن يوسف البحر إلى الأندلس للمرة الثانية
في جيوشه الجرارة . وكان عبوره من سبتة ، في الخامس عشر من محرم سنة ٥۰۳ ه - أغسطس ١١٠٩ م .
وكان عبوره في تلك المرة بقصد الجهاد خاصة ، أو حسبما
يقول لنا صاحب الحلل الموشية « برسم الجهاد ، ونصر الملة ، وإعزاز الكلمة" . (*13)
-------------------------------------------------------------------
(*1) عبد الله عنان /دولة الإسلام في الأندلس/عصر المرابطين وبداية الدولة الموحدية ص٤٥-٤٨ و ص ٧٥-٦٢
(*2) کتاب دول الطوائف ص ۳۳۳ - ۳۳۷ عبدالله عنان
(*3) روض القرطاس ص ۱۰٤.
(*4)روض القرطاس ص ۱۰٤.
(*5) روض القرطاس ص ۱۰۳
(*6) أوردها في كتابه « نظم الجمان لترتيب ما سلف من أخبار الزمان ». وتوجد منه قطعة مخطوطة في السفر الثالث عشر، ضمن نسخة محفوظة بالمعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد لوحة ٧ أ . وقد نقل إلينا رواية ابن القطان هذه عن الموقعة الأستاذ هویثی في كتابه
las Oiands Batala de la requnquista ص ١١٨ و ١١٩.
(*7) البيان المعرب ( الأوراق المخطوطة السالفة الذكر - هسبير س ص ٦٨)، وراجع کتاب الطوائف ، ص ۳۳۹ عنان
(*8) ( المخطوط السالف الذكر لوحة ۷ ب )
(*9) روض القرطاس ص ١٠٤. وانظر
M. Lafuente: تاريخ عام Espna (برشلونة 1899) V. III. ص. 202 (ص)
(*10) روض الفرطاس ص 104. و ابن القطان في المحياو علي السالف الذكر ( او ج ۷ب).
(*11) راجع في حوادث موقعة أقليش ، روض القرطاس ص ۱۰۳ و ۱۰۰، و ابن عذاري في البيان المعرب ( الأوراق المخطوطة - هسبير س ص ۹۸)، وابن القطان في نظم الجمان ( المخطوط المشار.إليه ، أو ج ۱و۷) ، ورسالة الأمير تميم الرسمية عن المعركة و هي التي أنشأها الكاتب ابن شرف ، و قد الوثائق منقولة عن مخلوط الإسكوريال رقم ٤۸۸ الغزيرى لوجان 54 -
58، ونشرها الأساذ هويثي في كتابه Las grandes Batallas de la Reconquisia ۱۲۹، و يشير ابن خلدون إلى المعركة إشارة عابرة ( ج ۱ ص . و ۱۸۸)وأورد عنها ابن الكردبوس.سلافة موجزة ، ولم ينکر ها صاحب الحلل الموشية ، ومن المراجع القشنالية F, Colera: Decadencia y D. sparicia de las - 12: almoravides ص. 8-10؛ المصدر : Hist. عام إسبانيا المجلد 11 P.201 H 202
(*12) يراجع في ذلك بالأخص : .Primera Cronica General de Espana (Ed م. بيدال)، الجزء 2. ص 654-556.
(*13)عبد الله عنان /دولة الإسلام في الأندلس/عصر المرابطين وبداية الدولة الموحدية ص٦٢-٦٧
-------------------------------------------------------------------
تابعوا #دولة_المرابطين_جواهر (16)
إرسال تعليق